شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسية

مدينة فاشلة

يحل الملك محمد السادس بالعاصمة الاقتصادية، وبلا شك ستقف أعلى سلطة في البلد على ما تحقق، بعد 10 سنوات تقريبا من الخطاب الملكي لافتتاح الدورة البرلمانية لأكتوبر 2013، الذي خصصه لمدينة الدار البيضاء على غير عادات الخطابات الملكية الموجهة إلى البرلمان. كما تأتي الزيارة بعد 8 سنوات من التطبيق الفعلي لمخطط التنمية، الذي رصدت له ميزانية الدولة حوالي 34 مليار درهم.

كان من المفترض بعد الخطاب الملكي وملايير الدراهم، التي صرفت على العاصمة الاقتصادية، أن تنتقل الدار البيضاء من مدينة تعيش تحت إيقاع الفوضى إلى فضاء منظم وحقيقي للعيش والمال والأعمال، لكن العكس هو الذي حصل، فقد ظلت المدينة في حالة الـ«سطاتيكو» القاتل، وطبعا لن تنطلي على جلالة الملك حيل المسؤولين المنتخبين والمعينين، الذين سيحاولون هذه الأيام بكل ما أوتوا من جهد وحيل من أجل إخفاء بشاعة البيضاء، بأشغال الصباغة والتزيين وزرع الأشجار المزيفة في طريق الموكب الملكي.

لا أحد ينكر إطلاق بعض المشاريع المحتشمة في قلب الدار البيضاء، لكن ذلك غير كاف وجاء متأخرا، واليوم تتحدث العاصمة الاقتصادية لغة فشل التدبير، وهي تحكي مواجعها وآلامها التنموية والعمرانية، بعد أن دمرتها الصراعات السياسية والحسابات الانتخابية، وقضى عليها غياب سياسة مجالية وعمرانية حقيقية، تقضي على دور الصفيح والبيوت الآيلة للانهيار وأحيائها الشعبية المقامة في معظم بنيتها التحتية ومخططاتها على هياكل إما ناقصة أو معطوبة، تكتشفها وتفضحها قطرات من الأمطار، دون الحديث عن مشاكل الأمن المائي للبيضاويين ومعاناتهم مع الهجرة غير الشرعية.

الخلاصة أن الدار البيضاء تمتلك من الموارد البشرية والمالية والاقتصادية ما يؤهلها لتقود مغرب المستقبل، وأن تصبح قطبا فيه من طاقة الجذب ما ليس لغيرها من المدن، بشرط توفر المسؤولين المنتخبين والمعينين الأكفاء والذين يستحقون مناصبهم. أما الاستمرار في النهج الحالي، فمؤداه تبديد مزيد من الطاقات والأموال والزمن وترسيخ مظاهر الفشل، الأمر الذي قد يؤدي مستقبلا إلى تحول هذه المدينة إلى رهينة في يد مؤسسات الاقتراض الدولي، التي بدأت من الآن تحقق في مآل الأموال التي منحتها للمجالس المتعاقبة.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى