يونس جنوحي
بعد مُضي أكثر من أسبوعين على زلزال الحوز وتارودانت، باتت الصورة واضحة بخصوص ما يتعلق بجانب الأضرار، وانتقال العديد من الأسر إلى المراكز والبلدات التي يتوفر فيها السكن والبنيات التحتية التي تسمح باستقبال الوافدين من القرى المتضررة.
لو أن الزلزال ضرب بكيلومترات قليلة فقط عن البؤرة الرئيسية التي رُصدت في إقليم الحوز، لكانت الأضرار كارثية أكثر مما كانت عليه.
هناك سدود تزود مدنا وسط المغرب وضيعاته الفلاحية بأطنان مكعبة من المياه التي تُستعمل في السقي والشرب. ولو أن بؤرة الزلزال ضربت، مثلا، في منطقة «أوزيوا» نواحي أولوز في إقليم تارودانت، وليس في قرى «تيزي نتاست»، لكنا أمام مشكل تصدع السدود أو فقدان حقينة المياه المخزنة. وربما جرفت المياه قرى وقناطر وطرقا رئيسية لعبت دورا كبيرا في إيصال المساعدات إلى القرى المنكوبة بسبب الهزة الأرضية العنيفة.
في مدينة أولوز، وبالضبط في جماعة «أوزيوا»، يوجد سد المختار السوسي، ويطلق عليه السكان المحليون اسم «شوكوكان» نسبة إلى القرية التي تحتضنه، والذي انتهت أشغال إنجازه سنة 2002، ويعتبر من أضخم السدود في المغرب.
القرى المجاورة لهذا السد سُجلت بها أضرار خفيفة. وعلى مقربة منه يوجد سد مدينة أولوز، وقد ساهم هو الآخر في توفير حقينة مهمة توفر ما يحتاجه إقليم تارودانت الشاسع من المياه.
العام الماضي عرف سد المختار السوسي أشغالا همت الزيادة في علوه، فيما أولوز بقيت غارقة في أشغال استهدفت شارعها الرئيسي، وحولتها إلى مدينة منكوبة تماما بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
تخيلوا أن الشارع الرئيسي بالمدينة غارق في الحفر منذ أكثر من سنتين، وبقيت الأشغال متوقفة تماما لأشهر، رغم أن الشارع، المرتبط بالطريق الوطنية رقم 10، يعتبر شريانا رئيسيا للحياة في المدينة وإقليم تارودانت عموما.
بعض التكهنات تقول إن سبب توقف الأشغال هو وجود قنوات إسمنتية أسفل الطريق الرئيسي، تضخ المياه من سد المختار السوسي في اتجاه الضيعات الفلاحية في الإقليم، وصولا إلى منطقة أولاد تايمة. وهناك مخاوف من أن تتسبب عمليات الحفر في انفجار إحدى تلك القنوات، إذ إن انفجار قناة إسمنتية يعني إغراق المدينة في بحيرة من مياه السد.
قبل الزلزال، توقفت الحياة في أولوز بسبب تأخر هذه الأشغال، وعلت المدينة سحابة كثيفة من الغبار، كما لو أنها إحدى بلدات الغرب الأمريكي من القرن التاسع عشر.
يضطر السائقون يوميا إلى المرور عبر منعرجات الأزقة والأحياء السكنية، صعودا ونزولا، رغم أنها طرقات ليست مُهيأة لعبور الشاحنات والسيارات الثقيلة التي تمر يوميا عبر أولوز صوب «أساكي»، حيث السوق الأسبوعي، وتاليوين، عاصمة «الزعفران».
ورغم حيوية هذا الطريق، الذي يربط إقليم تارودانت بورزازات، إلا أنه يعيش هذا الوضع الكارثي منذ أكثر من ثلاث سنوات.
قبل الزلزال، طالب حقوقيون بإنقاذ أولوز وإصلاح الطريق الرئيسي الذي يخترق المدينة، خصوصا وأن معاناة السكان تزداد خلال فصل الشتاء.. لكنهم لم يجدوا من يسمع لمعاناتهم في الرباط.
أعادت مشاهد التضامن والتآزر، وزيارة المسؤولين للإقليم المنكوب، بعض الأمل في أن يأتي يوم تنعم فيه مدينة تعرف كثافة سكانية كبيرة، يمر عبرها السياح من كل الجنسيات، بطريق رئيسي مثل بقية المدن!