شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةسياسية

مختلون في الواقع والمواقع

افتتاحية

بات ملحوظا هذه الأيام انتشار ظاهرة المختلين عقليا، نساء ورجالا، بالشوارع والأحياء، ما يطرح علامة استفهام كبيرة حول صمت السلطات المعنية، خصوصا بعد أن تحول الكثير منهم إلى أشخاص عدوانيين، يشكلون بسلوكاتهم العنيفة خطرا على سلامة المواطنين.

والمقلق في الأمر أن تصبح مشاهدة مريض عقليا وهو يقوم بتصرفات غريبة في الشوارع العمومية أمرا عاديا، بل لم يعد من باب الإجرام أن يعتدي مختل عقليا على المارة باستخدام أدوات حادة، ويتلفظ بألفاظ بذيئة وكلام فاحش يطلقه على مسامع المارة يوميا، بل وصل الحد ببعض المختلين إلى أن يزيلوا عنهم ملابسهم ويقوموا بتصرفات مخلة بالحياء، باعتبارهم فاقدي الإدراك، كل هذا ومن له الحق في التدخل من مؤسسات إنفاذ القانون والمصالح الاجتماعية غائبة عن وضع حد لهذا الخطر المحدق.

لقد أصبح ضروريا إيجاد حل عاجل وصارم لهذه الظاهرة، قبل أن يتفاقم الوضع أو تقع كارثة إجرامية، كما سبق وأن وقعت في تيزنيت وأكادير التي ذهب ضحيتها سياح أجانب، خصوصا وأن حجم المختلين في تزايد، حيث لم يعد من الممكن التنبؤ بأفعالهم الخطيرة وربما توظيفهم في أجندات عدوانية.

وما ينبغي الانتباه إليه هي عدوى المجانين الافتراضيين على مواقع التواصل الاجتماعي، الذين يتحدثون باسم مهن نبيلة كالصحافة والمحاماة لكسب بعض أموال «الأدسنس»، دون احترام للقواعد والأعراف التي ينبغي أن يتقيدوا بها، والحقيقة أن تلك المهن يجب أن تلفظ مثل هذه الكائنات، حتى لا تلوث تاريخا طويلا ومشرفا في الإعلام والصحافة والتعليم.

إن المختلين في الواقع الذين يجوبون الشوارع والمجانين الافتراضيين الذين يسيطرون على المواقع، يطرح حقيقة واقع الصحة العقلية التي تأثرت بشكل كبير بالتداعيات الاجتماعية والنفسية لوباء «كوفيد- 19» وشيوع المخدرات بكل أنواعها الموجهة لليافعين والشباب، وللأسف فالأرقام الرسمية للطب النفسي ببلدنا لا تبشر بالخير،

وتكفي الإشارة إلى أن بنيات الاستقبال من مراكز صحية وقائية أو أجنحة خاصة بالمستشفيات العمومية دون المستوى، كما أن التجهيزات المتوفرة متقادمة أو معطلة أو غير ملائمة، ووفق تقارير لمؤسسات دستورية، فإن عدد الأسرة لا يتجاوز 1725 سريرا في 27 مؤسسة صحية لعلاج الأمراض العقلية، يشتغل بها 172 طبيبا نفسيا و740 ممرضا اختصاصيا في الطب النفسي بالقطاع العام، مقابل 131 طبيبا في القطاع الخاص، وهي مؤشرات بعيدة عن الاستجابة للمعايير العالمية في هذا المجال.

من غير المعقول أن بلدنا يستعد لتنظيم أكبر تظاهرة عالمية متمثلة في كأس العالم، وما سيترتب عليها من توافد للملايين من السياح وما زالت شوارعنا تعاني من انتشار لمواطنين فاقدي الأهلية العقلية، بل لا نتوفر على مراكز استشفائية قادرة على معالجة هؤلاء وحماية المجتمع من مخاطرهم.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى