محمد اليوبي
أصدرت محكمة النقض قرارا يحمل رقم 198 يقضي برفض طلب الطعن الذي تقدم به دفاع البرلماني الاستقلال المعتقل، محمد كريمين، في القرار الصادر في حقه من طرف محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط، والذي أيد الحكم الابتدائي القاضي بعزله من رئاسة وعضوية مجلس جماعة بوزنيقة، وبصدور هذا الحكم النهائي، أصبح كريمين مهددا بفقدان مقعده البرلماني بمجلس النواب.
وكانت المحكمة الإدارية الابتدائية بالدار البيضاء، أصدرت في شهر ماي 2023، حكما يقضي بعزل البرلماني الاستقلالي، محمد كريمين، من رئاسة وعضوية مجلس جماعة بوزنيقة، وذلك بسبب ارتكابه أفعالا مخالفة للقوانين والأنظمة الجاري بها العمل تضر بأخلاقيات المرفق العمومي ومصالح الجماعة، وأصدرت محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط في شهر يونيو من نفس السنة، قرارا يقضي بتأييد هذا الحكم، وهو القرار الذي طعن فيه دفاع كريمين أمام محكمة النقض، حيث قضت برفض الطلب.
ويترتب عن صدور حكم نهائي بالعزل من مهمة انتدابية، فقدان الأهلية الانتخابية، وبالتالي سيكون كريمين مهددا بالتجريد من مقعده البرلماني عن دائرة إقليم بنسليمان، حيث ينص القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب في المادة 11 على أنه «يجرد بحكم القانون من صفة نائب، كل شخص تبين أنه غير مؤهل للانتخاب»، كما تنص أحكام الفقرة الثانية من المادة 6 من نفس القانون، على أنه لا يؤهل للترشح للعضوية في المجلس «الأشخاص الذين صدر في حقهم قرار عزل من مسؤولية انتدابية أصبح نهائيا بمقتضى حكم مكتسب لقوة الشيء المقضي به، في حالة الطعن في القرار المذكور، أو بسبب انصرام أجل الطعن في قرار العزل دون الطعن فيه»، ويرفع مانع الأهلية بعد انصرام مدة انتدابية كاملة ابتداء من التاريخ الذي يصير فيه قرار العزل نهائيا.
ومن المنتظر أن ترتب المحكمة الدستورية الآثار القانونية لقرار محكمة النقض، خاصة أن كريمين استبق صدور القرار، وسارع قبل اعتقاله إلى وضع استقالته من العضوية بمجلس النواب، وبرر ذلك بـ «أسباب خاصة». وأفادت المصادر، أن كريمين وضع رسالة استقالته بمكتب مجلس النواب يوم 10 يناير الماضي، لكن الرسالة تحمل تاريخ 15 دجنبر 2023، ومصادق عليها بجماعة بوزنيقة بتاريخ 9 يناير 2024، علما أن رئيس مجلس النواب وجه رسالة إلى المحكمة الدستورية مسجلة بأمانتها العامة في 20 دجنبر 2023، أحال بمقتضاها طلب تجريد أربعة نواب من عضوية المجلس، وذلك على إثر عزلهم من مسؤولياتهم الانتدابية، ومن ضمنهم النائب كريمين.
وتم تحريك مسطرة العزل في حق كريمين، بعد قيام لجنة من المفتشية العامة للإدارة الترابية بوزارة الداخلية بإجراء افتحاص لجماعة بوزنيقة، حيث رصدت اللجنة مجموعة من الاختلالات والتلاعبات تشوب صفقة التدبير المفوض لقطاع النظافة، بالإضافة إلى تضارب المصالح، بعد حصول اللجنة على وثائق تثبت وجود علاقة تجارية بين رئيس المجلس المعزول، محمد كريمين، وصاحب شركة «أوزون» التي نالت الصفقة.
وكانت لجنة التفتيش قد حلت بمقر الجماعة، بعد توصل وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، برسالة موقعة من مستشارين جماعيين، ومرفوقة بوثائق تثبت وجود رئيس المجلس في وضعية تضارب المصالح، لأنه يملك شركة رفقة صاحب شركة «أوزون» التي فازت بصفقة تدبير النفايات بالمدينة، كما توصلت المفتشية العامة لوزارة الداخلية بملف متكامل حول الاختلالات التي شابت الصفقة، وحصول الشركة على مبالغ مالية كبيرة، وذلك بتواطؤ مع رئيس المجلس، الذي قررت المحكمة النقض مؤخرا بإعادة محاكمته من جديد، بعد إدانته سابقا من طرف غرفة الجنايات الاستئنافية بمحكمة جرائم الأموال بالدار البيضاء، بأربع سنوات موقوفة التنفيذ، بتهمة تبديد أموال عمومية.
وتؤكد وثائق تتوفر عليها جريدة «الأخبار»، أن كريمين أسس شركة متخصصة في استغلال المقالع، رفقة ثلاثة شركاء آخرين، ضمنهم عزيز البدراوي، صاحب شركة «أوزون» لتدبير النفايات، حيث يملك كل واحد منهما ثلث الأسهم، وتم تأسيس هذه الشركة المسماة «الشاوية» بتاريخ 3 أبريل 2019، ويوجد مقرها بمدينة الدار البيضاء.
ورصدت لجنة التفتيش وجود خروقات وتجاوزات تشوب التدبير المفوض لقطاع النظافة بالجماعة الترابية لبوزنيقة من طرف رئيس المجلس، حيث يهم الجزء الأول من المخالفات والتجاوزات عقد التدبير المفوض مع شركة «أوزون» لفترة 2010-2017، حيث قام الرئيس بمعية أغلبيته برفع المبلغ إلى 20 مليون درهم في ميزانية 2016، مبررا ذلك، كما هو مدون في محضر الدورة، بأن المبلغ المضاف هو دين سابق على المجلس للشركة، ويتعلق الأمر بنفس المبلغ السابق المحدد في 6 ملايين درهم، كما قام رئيس المجلس البلدي بشكل شخصي وفردي ودون الرجوع للمجلس بتوقيع ملحق دفتر تحملات عقد مع الشركة يتم بموجبه أداء المبلغ المحدد في الميزانية (و ليس المبلغ بعد التحويل) أي حوالي 20 مليون درهم بشكل جزافي(forfaitaire) للشركة بدون أوراق ثبوتية ولا وزن للنفايات ولا تبرير للخدمة المقدمة بالمقابل.
كما قام رئيس المجلس البلدي كذلك بتوجيه طلب تنازل عن الآجال القانونية موجه إلى الخازن الجهوي للمملكة بالدار البيضاء من أجل أداء مبلغ 842.186,55 درهما لصالح شركة أوزون كذلك تعود لما أسماه الرئيس مراجعة الأثمان وهي مراجعة تخص سنتي 2012 و 2013، علما أنه أدى مبالغ سنوية طيلة سنوات العقد لفائدة شركة أوزون في إطار مراجعة الأثمنة خارج القانون، ودون احترام التزامات دفتر التحملات و شروطه في ما يخص عمليات مراجعة الأثمنة، وقام رئيس الجماعة بمنح وثيقة إدارية للشركة استعملتها هذه الأخيرة في مقاضاة الجماعة، حيث حكمت المحكمة الإدارية على الجماعة بأداء مبلغ يفوق ملياري سنتيم.