رئيس المجلس الإقليمي الأسبق وزوجة برلماني في «قفص الاتهام»
23 مارس، 2022
أكادير: محمد سليماني
علمت «الأخبار» من مصادر مطلعة أن النيابة العامة لدى محكمة جرائم الأموال باستئنافية مراكش، قررت إعادة فتح ملف يتابع فيه رئيس المجلس الإقليمي الأسبق لتارودانت، وزوجة برلماني عن إقليم طاطا تدير شركة خاصة، وذلك بعدما سبق لقاضي التحقيق بالمحكمة ذاتها أن قرر حفظ الملف، لغياب الأدلة.
واستنادا إلى المعطيات المتوفرة، فقد قام الطرف المشتكي بتقديم أدلة أخرى ووثائق جديدة، عززت قوة الملف، مما دفع بالنيابة العامة إلى إخراج الملف من الحفظ، بعد ورود مستجدات قد تغير من مساره.
وبحسب المعطيات نفسها، فإن المتهم الرئيس في هذا الملف يتابع بجناية اختلاس وتبديد أموال عامة موضوعة تحت يده بمقتضى وظيفته، كما تتابع صاحبة الشركة الخاصة بتهمة المشاركة في تبديد أموال عامة. ومن المستجدات التي أدت إلى إخراج الملف من الحفظ، أن الشركة المتعاقد معها «لا تتمتع بالصفة القانونية حين أبرمت الاتفاقية بينها وبين المجلس الإقليمي، لأنها لم تكن حاصلة على رقم التسجيل بالسجل التجاري، في أثناء إبرام الاتفاقية يوم 16 مارس 2017، ولم تحصل على السجل التجاري إلا بعد توقيع العقد».
وتعود تفاصيل هذه القضية المثيرة للجدل، إلى شكاية رفعها النائب الرابع بالمجلس الإقليمي لتارودانت، والذي أثارته معطيات «مثيرة»، في أثناء مناقشة النقطة الأولى من جدول الأعمال، المتعلقة بالدراسة والمصادقة على مشروع اتفاقية شراكة لأجل النقل المدرسي بإقليم تارودانت، خلال انعقاد الدورة الاستثنائية للمجلس في غشت 2017. حيث طرحت علامات استفهام كبرى حينها حول العقدة المبرمة بين المجلس الإقليمي، وشركة (ن. SARL) الممثلة من قبل زوجة برلماني عن إقليم طاطا، بشأن اقتناء 40 حافلة للنقل المدرسي. وجاء في الشكاية أيضا أن المجلس الإقليمي لتارودانت اقتنى هذه الحافلات بوساطة شركة، في وقت يمكن فيه الاتفاق مباشرة مع شركة من الشركات لبيع السيارات، إضافة إلى أن هذه الصفقة تمت بواسطة عقد، وليس عبر طلبات عروض مفتوحة، مع العلم أن المبلغ موضوع العقد يصل إلى 18.744.000,00 درهم. وأبرزت الشكاية أن هذا العقد حدد ثمن اقتناء كل حافلة في مبلغ 468.600,00 درهم، في حين أن الثمن الحقيقي لمثل هذه الحافلات، وبجودة عالية تفوق تلك التي تم اقتناؤها، لا يتعدى 370.000,00 درهم، أي أن الفارق يصل إلى 98.600,00 درهم عن كل حافلة. وبعملية حسابية بسيطة، فإن المبلغ «المختلس»، حسب ملتمس الوكيل العام للملك، من الصفقة ككل بالنسبة إلى 40 حافلة هو 3.944.000,00 درهم. وقد أبرز المشتكي أن هذه الحافلات ظلت مركونة بمرأب بمدينة تارودانت تتعرض يوميا للتآكل. ومن خلال هذه المعطيات يستنتج أن الأمر يتعلق بتشكيل جناية «اختلاس وتبديد أموال عامة موضوعة تحت يد رئيس المجلس الإقليمي بمقتضى وظيفته، وهذا فيه إضرار بالخزينة العامة، في ما تشكل هذه الوقائع جناية المشاركة بالنسبة لزوجة البرلماني».
واستنادا إلى المعطيات، فقد اعتبر الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بمراكش، أن فصول التحقيق في هذه القضية بينت أن المتهميْن ارتكبا المنسوب إليهما، خصوصا أن رئيس المجلس الإقليمي الأسبق لتارودانت يعتبر مؤتمنا على مالية المجلس، ومن المفروض عليه أن يحافظ على هذه المالية من الاختلاس والتبديد، كما اعتبرت النيابة العامة أن اقتناء 40 حافلة بثمن يفوق ثمنها الحقيقي يشكل أيضا اختلاسا وتبديدا للمال العام، إضافة إلى أن زوجة برلماني إقليم طاطا، باعتبارها صاحبة الشركة التي اقتنت هذه الحافلات لفائدة المجلس الإقليمي، وحصولها على مبالغ تفوق قيمتها السوقية، تكون قد شاركت في تبديد المال العام.