القضية تتضمن تبديد أموال عامة والمشاركة في تلقي فائدة في عقد والتزوير
محمد سليماني
بعد جلسات عديدة تجاوزت مدتها السنة، كانت تقرر على إثرها المحكمة في كل مرة تأجيل الملف، دخل أخيرا ملف موظفي المديرية الجهوية للصحة بأكادير مرحلة المناقشة. وبدأ قضاة غرفة الجنايات الابتدائية، بمحكمة جرائم الأموال باستئنافية مراكش، يدققون في صكوك الاتهامات، و«الاختلالات» التي عرفها هذا الملف الذي عمّر طويلا، خلال جلسة يوم 27 أكتوبر المنصرم. ونظرا لتشعبات هذا الملف، وتداخل عناصره ما بين أربعة متهمين ومطالبين بالحق المدني، فقد قررت المحكمة تأجيل إتمام المناقشة إلى جلسة أمس الأربعاء، قبل إدخاله إلى المداولة للنطق بالأحكام القضائية في حق المتابعين.
وكان هذا الملف يعرف في كل مرة تأجيلا، منذ تسجيله بالمحكمة يوم 17 شتنبر 2020، أحيانا بسبب وضعية متهمة كانت حاملا، وإمهالها إلى حين وضع حملها، وأحيانا بسبب تغيب بقية المتهمين الآخرين، وأحيانا أخرى لتمكينهم من الاتصال بدفاعهم، وفي مرة أخرى من أجل تمكين أحد المتهمين من تنصيب محام له في إطار المساعدة القضائية.
وبحسب المعطيات، فإن المتهم الرئيس في هذا الملف متابع بتهم ثقيلة، منها تبديد أموال عامة موضوعة تحت يده بمقتضى وظيفته، والمشاركة في تلقي فائدة في عقد، والتزوير في محررات عمومية واستعمالها، فيما يتابع بقية المتهمين الثلاثة الآخرين بجنايات المشاركة في التهم المنسوبة إلى المتهم الرئيس. وتعود تفاصيل هذه القضية إلى قيام إدارة المديرية الجهوية للصحة بأكادير، والمندوبية الإقليمية للصحة بورزازات، والوكيل القضائي للمملكة برفع دعوى قضائية لدى محكمة جرائم الأموال بغرفة الجنايات الابتدائية بمراكش ضد خمسة متهمين، غير أن المحكمة قامت بإخراج متهم واحد من القضية، وهو المدير الجهوي الأسبق للصحة بأكادير لأسباب مجهولة.
وتعود بدايات هذه القضية إلى سنوات خلت، عندما حلت لجان تفتيش مركزية تابعة لوزارة الصحة، وأخرى من المجلس الجهوي للحسابات بالمديرية الجهوية للصحة بأكادير، حيث وقفت على خروقات جمة داخل هذه الإدارة، إذ توصل حينها الحسين الوردي، وزير الصحة الأسبق، بتقرير في الموضوع وصفه بـ«الأسود»، وعلى إثره اتخذ شخصيا قرار إعفاء المدير الجهوي الأسبق من مهامه، والذي وقعت هذه «الاختلالات» في فترته، وإحالة بعض الموظفين على المجالس التأديبية، والتي أعيدت مرات عديدة، حيث وضع البعض منهم تحت المراقبة الإدارية. وبحسب مصادر مطلعة، فإن قضاة المجلس الجهوي للحسابات، خلال عمليات تدقيقهم لصفقات المديرية الجهوية للصحة، وقفوا على صفقات «مشبوهة» تتعلق بصيانة المعدات الطبية بعدد من المستشفيات الإقليمية على مستوى تراب جهة سوس – ماسة – درعة آنذاك. هذا الملف المثير للجدل ظل طي الكتمان لسنوات عديدة، دون أن يصل إلى ردهات المحاكم، لأسباب «غامضة»، بالرغم من تقارير المجلس الجهوي للحسابات والذي وقف قضاته على «اختلالات» مالية كبيرة بالمديرية الجهوية للصحة بأكادير، كما زكت ذلك تقارير المفتشية العامة لوزارة الصحة التي أعدت تقريرا «أسود».