شوف تشوف

الافتتاحية

محاولة للإرباك

خرج رئيس الحكومة السابق يرغي ويزبد تجاه تبني الطبقة السياسية بالإجماع للنقاط الخلافية التي تهم لغة التدريس والمجانية وإنهاء التعاقد المتضمنة في قانون الإطار المتعلق بالتعليم المعروض على البرلمان في دورة استثنائية. وأطلق ساكن فيلا الليمون العنان للسانه ليلة التصويت على القانون للضغط على المؤسسات الدستورية من أجل تحقيق هدفه للإصلاح الذي يحافظ على زبنائه التقليديين من رجال التعليم الذين يشكلون القاعدة الانتخابية والسياسية لحزب العدالة والتنمية.
فبنكيران يدرك، قبل غيره، أن إدخال أي إصلاحات على المنظومة العتيقة للتعليم العمومي، وإخراجها من التقوقع والانفتاح على اللغات والثقافات الأخرى، يعني بداية تفكك الطبقة الصلبة التي تشكل مصدر قوة الحزب الحاكم، ويكفي النظر إلى الفريق البرلماني والقطاع النقابي والمجلس الوطني للاقتناع بسطوة رجال التعليم على مفاصل القرار الحزبي، ومقاومة أي سياسة يمكن أن تفتت هاته النواة التي تطلق يدها على الحزب الحاكم.
لذلك كان مبررا ومنتظرا، أن يرفع صاحب المعاش الاستثنائي من سقف ابتزازه للمؤسسات الدستورية للحفاظ على الوضع الراهن، لكن ليس إلى حد التمرد على المؤسسات وإقحام البلد في النفق المظلم للأزمة الدستورية والسياسية.
فاللايف الأخير لبنكيران الذي طالب فيه الفريق البرلماني بالتصويت ضد القانون والخروج من البرلمان إن تطلب الأمر ذلك، ودعا رئيس الحكومة سعد الدين العثماني إلى وضع المفاتيح ومغادرة سفينة السلطة التنفيذية لكي لا يمسه العار، وقبل أن يصل لمرحلة لن يستطيع خلالها أن يطأطئ رأسه، وأشهر سلاح الاستفتاء على تدريس اللغة وكأننا بصدد الانسحاب من اتحاد أو الالتحاق بدولة أخرى، هو بمثابة «مانيفستو» سياسي يتوخى إرباك المؤسسات والدخول في حالة من الشلل التام، أكثر من كونه موقفا منتقدا من رجل سياسي انتهى زمانه، لكنه مازال يحلم بالعودة إلى الواجهة مهما كلف الثمن ومهما كانت الطريقة.
بنكيران لا تهمه اللغة العربية، فهو لا يتحدث بها حتى داخل بيته، ولا تهمه مبادئ الحزب كما حاول الدفاع عنها في لايف سائقه، وهو الذي أجبر فريقه البرلماني على الموافقة على البروتوكول الاختياري لاتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضدّ المرأة خلال رئاسته للحكومة، رغم أن عبد الله بوانو، رئيس الفريق آنذاك، ترجاه بالتصويت بالامتناع لأنها تمس أسس الحزب ومبادئه وأوراقه التأسيسية، لكن بنكيران أبى واستقوى وأجبر فريقه على التصويت بنعم. إذن، قضية الدفاع عن الهوية والأخلاق والمبادئ آخر هموم بنكيران، الذي لا هم له سوى الحفاظ على قاعدة زبنائه التي تضمن له الرجوع للأضواء واسترجاع مفاتيح الحزب والحكومة من زميله العثماني، ولو بالركوب على أمواج اصطناعية والتهديد بشل المؤسسات الدستورية وإدخال البلد إلى المجهول.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى