حفصة المقدم
وجه الملك محمد السادس، الحكومة بإعادة النظر في مدونة الأسرة، بعد سنوات من المطالبة بإدخال إصلاحات عليها. حيث ومنذ إقرارها سنة 2004، لا زال المغرب يشهد نقاشا مجتمعيا لتعديلها وتوسيع مجال احترام حقوق المرأة والطفل وتحسين الوضع الأسري في البلاد وتعزيز المساواة.
وأكدت الرسالة الملكية حرص الملك محمد السادس على أن يتم ذلك في إطار “مقاصد الشريعة الإسلامية، وخصوصيات المجتمع المغربي، وأن يتم الاعتماد على فضائل الاعتدال، والاجتهاد المنفتح، والتشاور والحوار، وإشراك جميع المؤسسات والفعاليات المعنية”.
في هذا السياق، كشف محمد ألمو، محامي بهيئة الرباط في تصريح لموقع ”الأخبار”، عن أهم وأبرز الثغرات في مدونة الأسرة، قائلا ”رغم ان تزويج القاصرات يشكل استثناء بمقتضى المادة 20من المدونة الا انه بالرجوع لأرقام عدد الملفات التي تم فيها الاستجابة لطلبات هذا النوع من الزواج سيتضح اننا اما قاعدة وليس استثناء ”.
وأوضح محمد ألمو، أنه بالرجوع لمقتضيات المادة 20 من المدونة، ”فالمشرع يتعاطى مع تزويج القاصرات من منطلق الاهلية الجنسية والانجابية بحيث ان المحكمة بمجرد اجراء خبرة طبية للتأكد من توفر هذه الشروط تبث في الطلبات بالإيجاب وهو وضع لا يعكس الطبيعة الخاصة لهكذا زواج لأن الأمر يتعلق بطفلة صغيرة السن غير ناضجة نفسياً واجتماعيا للتأقلم مع ظروف واكراهات مؤسسة الزواج التي هي تكبر من قدرتها العقلية والنفسية وهذا ما يؤدي الى واصطدامهم بواقع زوجي فاشل غالبا ما ينتهي بالطلاق او التعرض للعنف والاستغلال والقهر الزوجي ”.
وفي السياق ذاته، أفاد المحامي بهيئة الرباط، أنه ”في غياب أية مواكبة قانونية خاصة لهؤلاء الطفلات المتزوجات بل الأكثر من ذلك وضدا على القواعد الطبيعية والقانونية للأهلية المدنية، فالمدونة اعتبرت الطفلة القاصر بمجرد الزواج ذات اهلية كاملة للتقاضي بخصوص النزاعات الزوجية والأسرية مما ساهم في ضعف الحماية القانونية والقضائية. لعدم قدرتهم على اختيار الوسائل والمساطير الملائمة لحماية حقوقهن وحقوق أبنائهن”.
ويرى المتحدث، أن مقتضيات المادة 20 المذكورة، ”حصنت المقررات القضائية القاضية بتزويج القاصرات من اي طعن وبذلك تعتبر نهائية وقابلة التنفيذ ولا تخضع لأية مراقبة ومراجعة ولو أخطأ القاضي في حكمه ”.
وأردف ألمو في تصريحه أنه ” أمام فشل مدونة الاسرة في تأطير ظاهرة تزويج القاصرات أعتقد ان كل الظروف حاليا تسعف لمنع هذا النوع من الزواج بشكل مطلق دون أي استثناء، وذلك انسجاما مع المكتسبات الدستورية الجديدة التي توفر الحماية للمرأة والطفولة وكذلك التزامات المغربية الدولية بخصوص رفع كافة أشكال التمييز ضد المرأة وحماية حقوق الطفل”.
وقال المحامي ذاته، إن ”إضافة للمتغيرات الاجتماعية والثقافية التي عرفها المجتمع المغرب على امتداد 20 سنة من خروج مدونة الأسرة حيز التنفيذ مما أنتج وعيا ونضجا لدى العديد من الأسر المغربية بعدم تزويج بناتهم القاصرات لوعيهم بخطورة هذا الاختيار على مستقبلهم وتفضيلهم بالمقابل متابعتهم للدراسة والسعي نحو الولوج لسوق الشغل ”. مشددا على أن ”من يدافع على تزويج القاصرات حاليا لا يمثلون المجتمع بقدر ما يمثلون صوت البيدوفيلين”.