ما تزال مسودة تعديل مواد مشروع قانون مزاولة مهنة المحاماة تسيل مدادا كثيرا، وتنبئ بفصول ساخنة ما بين بعض المحامين ووزارة العدل المشرفة على تعديل القانون، الذي من المرتقب أن تحيله على مسطرة المصادقة بعد انتهاء المشاورات بشأنه.
وفي هذا الصدد انتفض، يوم أول أمس الاثنين، محامو جهة كلميم- واد نون وعبّروا عن رفضهم لبعض مواد هذا القانون، خصوصا تلك المتعلقة بإحداث هيئات المحامين. وأجمع محامو كلميم، خلال لقائهم، على رفضهم البقاء تحت جُبة هيئة محامي أكادير، مطالبين بإحداث هيئة خاصة بجهة كلميم، تماشيا مع دعائم الجهوية الموسعة التي تسير في اتجاهها الدولة، ثم، من جهة أخرى، تقريب الخدمات من المحامين لصعوبة تدبير هيئة أكادير مجالا ترابيا واسعا يمتد من سوس إلى الداخلة، أي ما يشكل نصف مساحة المغرب، ذلك أن هذا الأمر، حسب المحتجين، يخلق مشاكل كثيرة تتعلق بالتواصل والبعد ما بين المحامين ومقر الهيئة الموجود بأكادير.
وخلال التجمع الحاشد لمحامي كلميم، تم تدارس الخطوات المزمع مباشرتها، في الأيام القليلة المقبلة، من أجل إحداث هيئة للمحامين خاصة بهم، وذلك لتمكين المحامين من تدبير شؤونهم داخل مجال ترابي محدد وقريب. وسيتم، في هذا الصدد، تشكيل لجنة من عدد من المحامين من أجل الترافع عن هذا المطلب وفك الارتباط عن هيئة المحامين بأكادير.
ويجد مطلب محامي كلميم مسوغاته، حسب المجتمعين، من التصور العام للجهوية المتقدمة الذي تبنته المملكة المغربية، وبناء على الرسائل الملكية وخطب الملك، سواء بمناسبة انعقاد المناظرات المختلفة أو افتتاح السنوات التشريعية للبرلمان، ومنها الرسالة الملكية السامية الموجهة إلى المناظرة الوطنية المنعقدة بأكادير بتاريخ 20 دجنبر 2019 والتي جاء فيها: «ولا يخفى عليكم ما تشكله اللامركزية الترابية ببلادنا منذ الاستقلال من أهمية بالغة في إدارة الدولة باعتبارها خيارا استراتيجيا في بناء صرحها الإداري والسياسي». واستنادا، كذلك، إلى الخطاب الملكي بمناسبة افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية من الولاية التشريعية العاشرة، والذي أكد على «تمكين المواطن من قضاء مصالحه في أحسن الظروف والأحوال وتبسيط المساطر وتقريب المرافق والخدمات الأساسية، أما إذا كان من الضروري معالجة كل الملفات على مستوى الإدارة المركزية بالرباط فما جدوى اللامركزية والجهوية واللاتمركز الإداري».
وعبّر محامو كلميم عن رفضهم الكلي والقاطع لمقتضيات المادة 115 من مشروع قانون المهنة الذي يستهدف حرمان محامي المناطق الجنوبية أساسا من تأسيس هيئة خاصة بهم، وفي السياق ذاته طالبوا بإحداث هيئة المحامين لدى استئنافية كلميم، خصوصا بعد إحداث محكمة للاستئناف بكلميم أخيرا.
إلى ذلك، فإن المادة 115 من مشروع القانون المنتظر خروجه للمصادقة حددت نصاب إحداث هيئة للمحامين في وصول عدد المحامين الممارسين إلى 200 محام، إضافة إلى محكمة للاستئناف، وهو ما اعتبره الغاضبون تراجعا عن القانون السابق الذي كان يحصر العدد في 100 محام ممارس إضافة إلى محكمة الاستئناف.
كلميم: محمد سليماني