شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةسياسية

محاكم بين الكثبان الرملية

أطلقت الهيئات القضائية (السلطة القضائية، وزارة العدل، النيابة العامة) استراتيجية واسعة النطاق لتقريب القضاء من ساكنة الأقاليم الجنوبية، الخطوة ليست عملا روتينيا يهم فقط إحداث بنايات بين كثبان رملية يتقاضى داخلها المواطنون، هي تصرف يحمل أكثر من دلالة لعل أبرزها تأكيد المغرب أن سيادته على أراضيه الصحراوية غير قابلة للتصرف أو أن تكون موضوعا على طاولة للتفاوض كما قال الملك محمد السادس في أحد خطبه.

وما يضفي على هاته الخطوة دلالة خاصة أنها أتت بعد الزيارة التي قام بها المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة ديميستورا للمنطقة للقاء مع الأطراف المعنية بهذا الملف المفتعل داخل مطابخ عسكر الجزائر.

والحقيقة أنه لا معنى لمبدأ حق التقاضي لجميع المغاربة وعدد كبير منهم في الداخلة وطرفاية ووادي الذهب والعيون والساقية الحمراء وغيرها من أقاليمنا الجنوبية، لا يجدون بالقرب منهم محاكم لمواجهة أي شكل من أشكال تعسف الإدارة الذي تضمنه المحاكم الإدارية أو الدفاع عن حقوقهم المالية والتجارية التي توفرها المحاكم التجارية ويضطرون لقطع مئات الكيلومترات من أجل الدفاع عن حقوقهم الفردية والجماعية، مع أن عمومية حق التقاضي تفرض على الدولة توفير كل الظروف حتى يتمكن كل مواطن بالأقاليم الجنوبية من ممارسة حق اللجوء إلى القضاء القريب منه لحماية حقوقه، والقضاء هو صاحب الولاية العامة في نظر المنازعات الجنائية، والمنازعات المدنية والتجارية والإدارية.

إن إنشاء محاكم تجارية وإدارية بمدن الصحراء المغربية بمثابة فرصة كبيرة لسكان الجنوب لاستكمال منظومتهم القضائية، خصوصا في التخصصات الإدارية والتجارية التي ظلت حبيسة محاكم المركز، كما أنها ستشكل دفعة قوية للنهوض بالاستثمار بهذه المناطق، فلا يعقل أن تتسارع الدول لفتح قنصلياتها بالداخلة وما ستوفره هاته المؤسسات الديبلوماسية من منصات استثمارية والمدينة، بينما تلك المناطق لا تتوفر على محكمة تجارية تمهد الطريق نحو توطين الاستثمار.

لذلك حسنا فعل محمد عبد النباوي وعبد اللطيف وهبي ومولاي الحسن الداكي، حينما قرروا القطع مع سياسة قضائية همشت بوعي أو بدونه بعض مناطقنا الجنوبية وحرمتها من حقها في التقاضي وطلب عدالة القرب، والأهم من ذلك أن تشييد وتدشين مثل هذه المشاريع السيادية للدولة بالصحراء المغربية، بمثابة رسالة واضحة إلى أعداء الوحدة الترابية بأن المملكة ماضية في مسارها الصحيح في تأكيد وحدتها الترابية، وأنها لن تسمح لأي كان بأن يمس بالسيادة المغربية.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى