شوف تشوف

الرئيسيةسياسيةوطنية

مجلس المنافسة يشخص أسباب التضخم

سحب الأموال من البنوك والمضاربات وغياب المنافسة أدت إلى ارتفاع مهول للأسعار

محمد اليوبي

مقالات ذات صلة

 

كشف مجلس المنافسة، في تقريره السنوي، أن المضاربات في السلع وغياب المنافسة أديا إلى ارتفاع نسبة التضخم، وتجسـدت النتيجـة المباشـرة لذلـك فــي ارتفـاع فــي الأسـعار، بلـغ ذروتـه سـنة 2022 وترتـب عنـه إضعـاف كبيـر للعـرض والطلـب، الشـيء الـذي أرخـى بظلاله علـى تنافسـية عـدة مقاولات وعلى القدرة الشرائية للأسر.

وحسب التقرير، فقد أسفرت هــذه الوضعيــة عــن اعتمــاد تدابيــر لإعــادة التوازنــات وتقليــص تأثيــر التضخــم، وأعـادت، كذلـك، تجسـيد أهميـة «سياسـات إعـادة التوزيـع» التـي تهـدف إلـى إعـادة تخصيـص الموارد لفائدة المقاولات الهشة والأسر منخفضة الدخل. فضــلا عــن ذلــك، أفضــى التضخــم إلــى الضغــط علــى القــدرات الميزانياتيــة للحكومــة، إذ اضطـرت إلـى الرفـع مـن النفقـات العاديـة، بمـا فــيها تكاليـف المقاصـة الخاصـة بغـاز البوتـان والســكر والدقيــق، والتكاليــف ذات الصلــة باســتقرار أســعار بيــع الكهربــاء مــن قبــل المكتــب الوطنــي للكهربــاء والمــاء الصالــح للشــرب، مقابــل تســجيل اســتقرار أو تراجــع فـي نفقات الاستثمار.

بالموازاة مع ذلك، يضيف التقرير، مكن التضخم من تحقيق مداخيل إضافــية لفائدة الخزينة، تم استخلاصها مــن الرســوم والضرائــب المفروضــة علــى اســتيراد وتصديــر الفوســفاط ومشــتقاته على حد سواء، وبالرغــم مــن ذلــك، تفاقمــت متطلبــات تمويــل الخزينــة، مــا اضطــر مديريــة الخزينــة إلــى تعزيز اللجوء إلى سوق التمويل الدولية قصد تفادي أي ضغوطات على السيولة الداخلية.

وأشار التقرير إلى أن التضخـم الكلـي ارتفـع مـن نسـبة 3٫1 فــي المائـة عنــد بدايــة ســنة 2022 إلــى نســبة 8٫3 فـــي المائــة عنــد متمهــا. واتخــذ هــذا التضخــم طابعا أقل تقلبا مقارنة بالفترة التي بلغت فـيها الأزمة الوبائية ذروتها. وأضاف التقرير أن المكــون الأساســي للتضخــم سار علــى خطــى التضخــم الكلــي نفــسه، مســجلا في ســنة 2022 مسـتوى متوسـطا بلـغ نسـبة 6٫6 فــي المائـة، وهـي القيمـة نفـسها المسـجلة بالنسـبة للتضخـم الكلـي. وتعكـس هـذه الوضعيـة تحـولا شـاملا لمسـتويات التضخـم فــي اتجـاه منحنـى أعلى، ولا ترتبط فقط ببعض السلع التجارية التي تتأثر عادة بالصدمات المنتظمة للعرض.

وفـــي هــذا الســياق، يتبــين أن 57 فـــي المائــة مــن أصــل 92 نوعــا مــن المنتجــات التــي تعمــل المندوبيــة الســامية للتخطيــط علــى تتبــع أســعار اســتهلاكها تضاعــف معــدل التضخــم الخاص بها خلال سنة 2022، مقارنة بالمستوى ذاته المسجل قبل سنة. إضافـة إلـى ذلـك، تربعـت المـواد الغذائيـة ومنتجـات الطاقـة علـى عـرش المنتجـات التـي تفاقمـت معـدلات تضخمهـا السـنوية، سـيما الخبـز والحبـوب (بنسـبة زائد 14٫4 فــي المائـة) والزيـوت والدهون (بنسبة زائد 26٫4 فــي المائة) والخضر (بنسبة زائد 15٫7 فــي المائة) وكذا المحروقات وزيوت التشحيم المستعمل فـي عربات النقل السياحي (بنسبة زائد 42٫3 فـي المائة).

ويتجسـد القاسـم المشـترك لهذه المنتجات، حسب التقرير، فــي تأثرها الشـديد بتصاعد أسـعار السـلع العالمية وبعوامـل المنـاخ. غيـر أن ذلـك لا يسـتبعد وجـود عوامـل إضافــية ذات الصلـة بإمـدادات هـذه المنتجــات وتوزيعهــا، والتــي يمكــن أن تفســر اســتفحال تضخمهــا بصــرف النظــر عــن العوامل الموسمية.

وأكد التقرير أن عـدة آراء صـادرة عـن مجلـس المنافسـة سلطت الضـوء علـى هـذه العوامـل، سـيما الرأي المتعلــق بدراســة مــدى احتــرام منتجــي ومســتوردي زيــوت المائــدة لقواعــد المنافســة الحــرة والمشــروعة، والــرأي المتعلــق بالارتفــاع الكبيــر فـــي أســعار المــواد الخــام والمــواد الأوليــة فـــي السوق العالمية، وتداعياته على السير التنافسي للأسواق الوطنية (حالة المحروقات).

وأبرز التقرير أن جمـوح التضخـم شكل السـمة البـارزة للضغـوط التضخميـة التـي شـهدها المغـرب سـنة 2022، وعلاوة على ارتفاعه الشديد، اتخذ طابعا شبه معمم، وصعبت إمكانية التحكم فيه نسبيا، كما صاحبه تدهور القدرة الشرائية للمستهلكين. وأضاف التقرير أنه، بالرغم مـن تراجـع الطلـب الداخلـي المقـرون علـى العمـوم بمسـتوى كاف للعـرض، إلا أن مســتويات التضخــم اســتفحلت، وأتــت فـــي طليعتهــا المنتجــات المتضــررة مــن الاضطرابــات المسـجلة فــي أسـواق السـلع العالميـة، والتـي قفـزت أسـعارها عنـد الاسـتيراد إلـى مسـتويات قياسية واستثنائية.

ومـن هـذا المنطلـق، يضيف مجلس المنافسة، في تقريره، اتخـذت الآليـات المؤججـة لهـذا التضخـم أساسـا طابعـا خارجيـا، فأرخـت بظلالها علـى التدفقـات الاعتياديـة للـواردات مـن جهـة، وعلـى المنتجـات التـي لجـأ المغـرب إلى استيرادها لتغطية كمياتها غير الكافـية بسبب الجفاف من جهة ثانية، كما تحول التضخـم، الـذي تفاقـم بتراجـع الدرهـم مقابـل العملات الرئيسـية الأجنبيـة بنسـبة

1٫7 فـــي المائــة بالقيمــة الاســمية و3٫2 فـــي المائــة بالقيمــة الحقيقيــة وفقــا لمعطيــات بنــك المغــرب، (تحــول) إلــى تضخــم لتكاليــف الإنتــاج اضطــر مــن خلاله المــوردون والمنتجــون إلــى إسقاط الزيادات فـي أسعار الاستيراد على الأسعار المحلية.

وخلص المجلس إلى أنه، إذا تواصـل هـذا التضخـم المؤثـر علـى تكاليـف الإنتـاج، فقـد يفضـي ذلـك إلـى تحريـك «دوامـة تضخمية» بمجرد أن تعقب الارتفاع المعمم للأسعار زيادة كثيفة فـي الأجور، وبالمـوازاة، يظهـر أن التضخـم المرصـود خــلال السـنة الماضيـة يقتـرن كذلـك بمصـادر داخليـة وذاتيـة، ولكن كانـت أقـل حـدة مقارنـة بالمصـادر الخارجيـة. وترتبـط المصـادر الداخليـة ارتباطا وثيقا بقنوات تموين الأسواق وتوزيع السلع على المستهلك النهائي. بيــد أن خطــر تحــول المكــون الداخلــي إلــى المصــدر الرئيســي للتضخــم يظــل ضعيفــا لكــون الاقتصاد المغربي لم يسجل حالة اشتداد الفوران، ولم تحدث دوامة فـي الأسعار والأجور. زيـادة علـى ذلـك، تزامـن تمـدد التضخـم مـع تصاعـد وتيـرة التـداول النقـدي، فقـد ارتفعـت حاجيـات البنـوك مـن السـيولة مـن 64٫6 مليـار درهـم فــي المتوسـط الأسـبوعي خــلال الفصـل الأول مـن 2022 إلـى 87٫8 مليـار درهـم فــي المتوسـط الأسـبوعي خــلال الفصـل الأخيـر مـن السـنة. ولتلبيـة هـذه الحاجيـات، اضطـر بنـك المغـرب إلـى الرفـع مـن وتيـرة ضخـه للسـيولة، منتقلة من 83٫4 مليار درهم إلى 102٫5 مليار درهم، وفــي هـذا الصـدد، يضيف التقرير، تبقـى فرضيـة حـدوث تضخـم نقـدي قائمـة بالنظـر لعـدم اسـتقرار العرض، سيما إذا كان فـي مستوى أقل من الطلب.

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى