لجنة مشتركة ستحدد أسعار المدارس الخاصة على غرار الفنادق والمطاعم ابتداء من شتنبر
م.م
باشرت وزارة التربية الوطنية منذ سنتين ملف ضبط أسعار الدراسة والتأمين وباقي الخدمات التي تقدمها المدارس الخصوصية. فبعد سلسلة لقاءات مع ممثلي هذه المدارس، انكبت الوزارة على عقد سلسلة اجتماعات تنسيقية مع مجلس المنافسة بغرض إيجاد صيغة قانونية تضبط من جهة الأسعار الجنونية لبعض المدارس الخاصة، والتي تتراوح فيها مصاريف الدراسة بين 4 آلاف و40 ألف درهم سنويا، وأيضا ضمان مبدأ حرية الاستثمار، مادامت الدولة المغربية تضمن هذا المبدأ. وبعد مشاورات عديدة، اتفقت الوزارة ومجلس المنافسة على تطبيق النظام المعمول به في تصنيف المؤسسات الفندقية والمطاعم والمقاهي وتحديد التسعيرة التي يطبقها مالكو هذه المؤسسات على الزبناء.
حرية الاستثمار في خدمة عمومية
يصنف التعليم الخصوصي على أنه استثمار في خدمة عمومية، ما يجعل الدولة مضطرة للتدخل في الوضعيات التربوية والمالية والإدارية للمدارس العاملة في القطاع.
الوزارة الوصية حددت علاقتها بالقطاع الخاص على أنه «شراكة»، لذلك حددت حقوق وواجبات للمدارس الخاصة. هذه الحقوق والواجبات تم تضمينها في نظام أساسي يسمى «قانون 006»، وفيه نجد حق المدارس الخاصة في الولوج لمنظومة «مسار» وتسجيل التلاميذ بحرية وأيضا حرية تحديد أسعار الخدمات المتعددة التي تقدمها إلى جانب خدمات التمدرس، وأيضا حق تلامذتها في الحصول على الشهادات نفسها التي يحصل عليها تلامذة المدارس العمومية. في المقابل، يتوجب على هذه المدارس الالتزام بالمناهج التربوية التي تضعها الوزارة وأيضا الالتزام بالمقرر الوزاري السنوي الذي تتبناه الوزارة.
مسألة الأسعار لم تكن ضمن واجبات المدارس الخاصة بموجب نظامها الأساسي، غير أن مستجدات جائحة كورونا فرضت على الوزارة وعلى ممثلي جمعيات آباء وأولياء التلاميذ طرح هذه المسألة، خصوصا بعد ظهور ما اعتبر من طرف الهيئات الجمعوية والنقابية جشعا و«جنونا» في الأسعار. ففي زمن الحجر الصحي، الذي شهد توقفا شاملا للدراسة الحضورية، فرضت مئات المدارس الخاصة على أسر التلاميذ أداء فواتير الدراسة وباقي الخدمات رغم اعتمادها التعليم عن بعد، وهو الأمر الذي خلف جدلا امتد لأكثر من سنة.
هذا الجدل دفع الوزارة إلى الدخول في مرحلة أولى للصلح بين جمعيات الآباء وأرباب المدارس الخاصة، وفي مرحلة ثانية، بالتنسيق مع مجلس المنافسة، لإيجاد صيغة لضبط جنون أسعار بعض المدارس التي يناهز عددها 7 آلاف مدرسة..، لكون الاستثمار في التعليم الخصوصي يقع في منطقة وسطى، بين الخدمة العمومية وبين حرية الاستثمار. لذلك توصلت وزارة بنموسى أخيرا لاتفاق مع مجلس المنافسة على أن يتم تكوين لجان جهوية ستقوم بتقييم الخدمات التي تقدمها كل مدرة خاصة معترف بها، وستوكل لهذه اللجنة مهمة تحديد الأسعار المستحقة، أي على غرار النظام المعمول به في المؤسسات الفندقية والمطاعم والمقاهي.
رقم معاملات خيالي
في سياق الجدل الذي أثارته أسعار خدمات المدارس الخاصة، كشف تقرير أعده مجلس المنافسة أن المدارس والمعاهد الخصوصية بالمغرب تروج رقم معاملات سنويا يناهز 20 مليار درهم، أي عشرة أضعاف رقم معاملات شركة عمومية نشيطة، على غرار المكتب الوطني للسكك الحديدية، ونصف رقم معاملات مؤسسة عمومية أخرى هي المكتب الشريف للفوسفاط.
وأوضح التقرير أن سوق التعليم المدرسي الخصوصي تضم ما يناهز 6229 مؤسسة تعليمية خصوصية حققت، حسب تصريحات التمثيليات المهنية، رقم أعمال يضاهي 19.8 مليار درهم، علما أن هذه المدارس تشغل ما يزيد عن 104 آلاف شخص.
ومن حيث التوزيع الجغرافي، كشف التقرير أن سوق التعليم المدرسي الخاص يتميز بتمركزه الشديد في المدن الكبرى. ومن جهات المملكة الاثنتي عشرة، تستحوذ ثلاث جهات منها على 60.28٪ من إجمالي عدد المدارس. ويتعلق الأمر بجهات الدار البيضاء-سطات والرباط-سلا-القنيطرة وفاس-مكناس، والتي تضم أيضا أكثر من 62 ٪ من جميع الطلاب المسجلين في المدارس الخاصة. بالإضافة إلى ذلك، هناك 54 مؤسسة تتبنى نمطا تعليميا أجنبيا، بما في ذلك 32 مؤسسة للنظام الفرنسي، و11 للنظام الإسباني، و5 للنظام الأمريكي، و4 للنظام البريطاني و3 للنظام البلجيكي. إضافة إلى ذلك، أفادت المديرية العامة للضرائب بأن مدفوعات الضرائب من قبل المدارس الخاصة تجاوزت المليار درهم في 2018، منها 96.58٪ دفعتها الشخصيات الاعتبارية. وتنقسم هذه المساهمة على النحو التالي: 291.62 مليون درهم ناتج عن مساهمات ضريبية على الشركات، و669.38 مليون درهم ناتج عن ضريبة الدخل، و74.51 مليون درهم ناتج عن ضريبة القيمة المضافة.
وأشار التقرير إلى أنه من الممكن التمييز، على المستوى الوطني، بين نوعين، ونبه التقرير إلى الفارق الكبير من حيث الرسوم الدراسية والرسوم المفروضة على الخدمات الأخرى المقدمة (تتراوح الرسوم الدراسية السنوية في المدارس الخاصة بين 4000 و40.000 درهم، بينما تتراوح الرسوم في المؤسسات الأجنبية بين 16500 و140.000 درهم سنويا، ومن حيث المبدأ، هناك جسور للتحرك بطريقة أو بأخرى من نظام التعليم الوطني إلى الأنظمة الأجنبية. ومع ذلك، على أرض الواقع، هناك عدد من العقبات التي تعيق قرارات أو رغبة الأسر في تغيير المسار المدرسي لأبنائها، وتتجلى أساسا في الفروق بين المناهج المعتمدة وطرق تنظيم الدورات ونظام الشهادات المعمول به.