شوف تشوف

تعليم

مجازو الحقوق والاقتصاد مطلوبون لتدريس لغة موليير في الثانوي

الخصاص الكبير في أساتذة الرياضيات والفرنسية يدفع بنموسى لاستقطاب مجازي شعب أخرى 

شرعت وزارة التربية الوطنية في تنزيل البرنامج الحكومي في قطاع التعليم، والذي يراهن على تطوير وتجويد مهنة التدريس كمدخل لإصلاح القطاع. وتبنت لهذا الغرض جملة قرارات، سبب بعضها ضجة نقابية وإعلامية من قبيل الانتقاء وتحديد السن بخلاف قرارات مماثلة تم اتخاذها في السنوات الماضية. هذا الرهان يواجه مشكلات تدبيرية كبيرة، خصوصا في العلاقة بين ثلاث مؤسسات مختلفة تساهم في تكوين المدرسين الجدد، ومن تجليات هذه المشكلة عدم قدرة الجامعات على سد خصاص المؤسسات التعليمية في مادتين دراسيتين هامتين هما الرياضيات والفرنسية.

 

المصطفى مورادي

حملت الإعلانات الجهوية الخاصة بمباراة توظيف المدرسين مستجدات لافتة، منها اعتماد اختبارات كتابية مرتبطة بالتخصصات لوحدها، وأخرى في الديداكتيك لوحده، بخلاف ما جرت به العادة طيلة سنوات، حيث كان الاختبار الأول يهم التخصص والديداكتيك الخاص به، في حين يستهدف الاختبار الثاني قياس التمكن من مستجدات التربية والتكوين.

 

الوزارة تراهن على التخصصات

في إعلانات المباراة شددت الوزارة على أهمية التطابق بين تخصص الإجازة الجامعية للمترشح والمادة الدراسية التي يتقدم بترشحه لتدريسها، إلا في مادتين دراسيتين هما الرياضيات والفرنسية، فقد اضطرت لخرق هذه القاعدة بسبب انعدام التوازن بين العرض والطلب، والذي سبب خصاصا كبيرا على صعيد المؤسسات التعليمية في هذين التخصصين.

غياب التوازن بين العرض والطلب يعني أن ما تحتاجه الوزارة من أساتذة في هذه التخصصات أكبر بكثير مما تستطيع الجامعات توفيره، حيث يحدث طيلة السنوات الخمس الماضية أن عدد الذين يتقدمون للتوظيف في مادتي الرياضيات والفرنسية أقل بكثير من المناصب المعلنة. الأمر الذي يضطر لجان المباريات إلى قبول حالات تثبت في ما بعد، وفق تقارير رسمية للمفتشين، أن نجاحها خطأ كبير، بسبب عدم القدرة على التدريس في التعليم الثانوي، ومسايرة الامتحانات الإشهادية، أكانت تلك الخاصة بالإعدادي أو التأهيلي.

عدم قدرة الجامعات المغربية على توفير حاجيات قطاع التعليم المدرسي من أساتذة هاتين المادتين دفعت الوزارة الوصية لحل، يبدو من الناحية التدبيرية ناجعا، لكنه من الناحية التربوية يناقش مبدأ الجودة الذي تراهن عليه وزارة بنموسى في هذه المرحلة. وهو السماح لخريجي شعبتي الحقوق والاقتصاد، التي تعتمد اللغة الفرنسية لغة تدريس، (السماح) لهم بالترشح لتدريس مادة اللغة الفرنسية. وأيضا لخريجي شعبة الفيزياء بالترشح لتدريس مادة الرياضيات.

في الوقت الذي حرصت فيه الوزارة على الاحترام الصارم لمطابقة تخصصات الإجازات مع المواد الدراسية، نجدها تفعل الشيء نفسه بخصوص ملحقي الدعم التربوي والاجتماعي والإداري. باستثناء التعليم الابتدائي حيث يسمح لجميع حاملي الإجازة بالترشح لهذا السلك، مع اعتماد شروط أخرى في الانتقاء الأولي تركز على التمكن في اللغة الفرنسية والعلوم، بسبب مشكلة رصدتها الوزارة في السنوات الأخيرة، وهي أن شكل ومعايير المباراة كانت تسمح لخريجي الشعب المعربة بالهيمنة على أغلب المناصب. والآن وضعت الوزارة في المباراة الحالية معايير جديدة لانتقاء أساتذة التعليم الابتدائي، وعلى رأسها تحكمهم في الرياضيات والفرنسية أساسا بسبب ضعف عدد الأساتذة القادرين على تدريس لغة موليير والعلوم في السلك الابتدائي.

 

سؤال الجودة

المهتمون بالشأن التربوي انتقدوا كثيرا هذا الإجراء لكون أزمة التخصصات ينبغي حلها باستراتيجية بين- قطاعية وليست قطاعية.

ففي حال ضعف أساتذة التعليم الابتدائي في العلوم واللغات، نجد أن المتفوقين في هذه التخصصات يفضلون التعليم الثانوي، لتبقى فرص الالتحاق بهذا السلك شبه حصرية على خريجي تخصصات تعتمد اللغة العربية وحدها في التدريس. وأدى هذا المعطى، وفق تقارير كثيرة أنجزها مفتشون وإداريون، إلى تجنب أغلب أساتذة هذا السلك تكليفهم بتدريس الفرنسية والعلوم، وقد يؤدي الأمر أحيانا لتشنجات مهنية بين هؤلاء الأساتذة والإدارات التربوية للمؤسسات التعليمية التي يشتغلون فيها.

ويقترح مهتمون بالشأن التربوي تعديل التوصيفات المتبناة في الشعب التي تحتضنها الجامعات ذات الاستقطاب المفتوح بحيث يتم إدراج اللغة الفرنسية كمجزوءة أساسية وإجبارية، والأمر نفسه ينطبق على المعلوميات.

وبخصوص التعليم الثانوي، فإن محدودية المقاعد التي تخصصها المدارس العليا للأساتذة وكذا المدارس العليا للتربية والتكوين لمادتي الفرنسية والرياضيات، تفرض على الوزارة التنسيق مع وزارة التعليم العالي لاستقطاب أعداد مضاعفة من الطلبة داخل هاتين الشعبتين، وذلك لتوفير أكبر عدد ممكن من المترشحين وبالتالي توفير شروط انتقاء أفضل، علما أن ضعف المقبلين على المباراة من خريجي الشعبتين يجعل الوزارة في وضعية تضطر فيها لقبول الجميع بدون انتقاء.

يذكر، في هذا السياق، أن الجودة تعد مبدأ رئيسيا من مبادئ الرؤية الاستراتيجية التي تنكب الوزارة على تنزيلها منذ ثلاث سنوات. ولتحقيق هذا الرهان، حسب المتخصصين في الشأن التربوي، لابد من التقيد بمجموعة من المعايير التي تقوم على تحقيق الجودة في التعليم، وتتمثل هذه المعايير في جودة المواد والمناهج الدراسية المقررة، والمناهج العلمية. وجودة الأطر الإدارية التعليمية داخل المؤسسة التعليمية. وجودة جميع المرافق العامة للمؤسسة التعليمية، وخاصة بنيتها التحتيّة. ومستوى ونتائج التحصيل العلمي. وأخيرا القيام على التنمية والتحسين بصورة مستمرة.

 

/////////////////////////////////////////////////////

 

عن كثب:

ضعف الالتقائية

 

نافذة:

وزارات كثيرة تتدخل في التعليم الأولي وتعميم هذا النوع من التعليم يتطلب التقائية على مستوى السياسات التي تعتمدها كل وزارة

 

 

حملت حكومة عزيز أخنوش مستجدا هاما يتمثل في وزارة منتدبة تابعة لرئيسها، خاصة بالالتقائية وتقييم السياسات العمومية. ومن الطبيعي أن يكون قطاع التعليم معنيا بمسألة الالتقائية مع السياسات المعتمدة في قطاعات مهتمة هي أيضا بالرأسمال البشري.

فالذي حصل في تدبير الشأن العام طيلة عقود الاستقلال هو نمو جدران سميكة بين القطاعات العمومية. جدران بنتها النصوص القانونية المحددة للاختصاصات، وزادت الحساسيات السياسية للوزراء، وأحيانا مصالحهم الشخصية في سماكة هذه الجدران، حتى أصبحت القطاعات العمومية أشبه بأرخبيل مكون من جزر منعزلة بعضها عن بعض، بحيث لا يعلم سكان جزيرة ما/قطاع عمومي ما شيئا عما يفعله سكان جزيرة أخرى، ويصل الأمر أحيانا إلى درجة الصراع. بل إننا نجد الأمر ذاته بين المديريات المركزية للوزارة الواحدة.

ففي قطاع التعليم، وهو قطاع يتقاطع الاختصاصات مع قطاعات كثيرة، نجد أن واقع «الجزر المعزولة» يحكم وزارة التربية الوطنية مع وزارات مجاورة كوزارة التعليم العالي ووزارة الشغل والتكوين المهني ووزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية وغيرها من الوزارات الاجتماعية. وإذا حدث أن أتى أمر ملكي أو حدث ما يستوجب هدم الجدران بين هذه القطاعات، يتم تكوين لجان مشتركة تنتهي صلاحيتها بإصدار تقارير تُخزن في الأرشيفات..، مثلما حدث عندما جاء الأمر الملكي الخاص بتعميم التعليم الأولي، لكون هذا المجال تتدخل فيه وزارات عديدة، منها، إلى جانب الوزارات سابقة الذكر، نجد الشباب والرياضة أيضا.

ومن علامات غياب الالتقائية في هذا المجال، مثلا، أن كل وزارة من هذه الوزارات لها مناهج تربوية خاصة بها ومؤسسات تخضع لوصايتها لا تملك الوزارات الأخرى أية إمكانية للاطلاع عما يحدث داخلها.

ففي التعليم العالي، مثلا، نجد  أن 18 قطاعا عموميا تملك مؤسسات تكوينية كلها مصنفة ضمن خانة ما يعرف ب«مؤسسات التعليم العالي غير التابعة للجامعة»، لكن لا تملك وزارة التعليم العالي أية سلطة عليها إطلاقا، ويحدث، كما نجد في مدينة الرباط، أن تجد مدرسة للمهندسين تابعة لوزارة المعادن، وفي الجهة المقابلة، في الشارع نفسه، مدرسة للمهندسين تابعة لوزارة الاتصال، وإلى جانب هذه الأخرى مدرسة عليا تقع تحت سلطة التكوين المهني. والغريب هو أن الجوار الجغرافي لم يحل دون تحقيق جوار تكويني.

نلاحظ هذا الأمر، أيضا، بين وزارة التعليم العالي ووزارة التربية الوطنية. فرغم أن حكومات ما بعد الاستقلال حملت مرارا وزراء مشرفين على القطاعين معا، آخرهم الوزير السابق سعيد أمزازي، إلا أن هذا لم يؤد إلى تقريب القطاعين وتجسيرهما في جسم واحد يكمل جزء منه باقي الأجزاء. ولعل ما يحث في مجال تكوين الأطر تحديدا خير دليل.

فالحكومة الحالية حملت شعار ترسيخ الطابع المهني لوظيفة التدريس، ورسمت مسارا مكونا من خمس سنوات يبدأ في المدارس العليا للتربية التابعة للجامعات، ويمر عبر المراكز الجهوية وصولا إلى المؤسسات التعليمية في السنة الختامية للتكوين.

مشكلة غياب الالتقائية، أو ما أسميناه بواقع «الجزر المنعزلة»، أدت إلى أن أساتذة المدارس العليا لا علم لهم بما يدرس أساتذة المراكز ولا كيفية عمل المؤسسات التعليمية، والعكس صحيح أيضا، اللهم إلا في حالات فردية عندما نجد أستاذا تابعا لمركز جهوي أو مفتشا يقدم دروسا كأستاذ زائر في المدارس العليا. ومن نتائج غياب الالتقائية لجوء وزارة التربية الوطنية لشعب الاقتصاد والحقوق وحث خريجي هاتين الشعبتين على تدريس اللغة الفرنسية، وأيضا حث خريجي شعبة الفيزياء لتدريس الرياضيات، مع الفوارق الكبيرة بين هذه التخصصات.

فبدل وضع استراتيجية واضحة بين قطاعي التعليم العالي والتربية الوطنية لتوفير عدد كاف من المجازين المتميزين في اللغة الفرنسية وفي الرياضيات لسد الخصاص الموجود في المادتين في قطاع التعليم المدرسي، فإن غياب الالتقائية بين القطاعين دفع هذا القطاع الأخير إلى تبني حلول تناقض كليا مبدأ الجودة.

 

////////////////////////////////////////////////////////////////////

 

رقم:

2000

تواصل وزارة التربية الوطنية للسنة الثانية على التوالي توظيف أطر الدعم التربوي والاجتماعي والإداري، وهي هيئة جديدة رأت النور السنة الماضية بعد سنوات طويلة من الانتظار والتردد. حيث حملت المباراة الجديدة توظيف 2000 إطار جديد سيتم توزيعهم بعد تخرجهم على المؤسسات التعليمية الإعدادية والثانوية في مرحلة أولى، في أفق تعميمهم على المؤسسات الابتدائية في مرحلة لاحقة، بغية مساعدة الأطقم الإدارية في المهام الكثيرة المسندة إليها، خصوصا إزاء الحالات التربوية أو الاجتماعية أو النفسية التي تحتاج عناية خاصة ومتابعة متخصصة. يذكر، هنا، أن عدد المناصب التي خصصتها الحكومة في مباراة هذه السنة يصل إلى 17 ألفا، منها 15 ألفا مخصصة للتدريس وألفان للدعم.

 

/////////////////////////////////////////////////////////////

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى