شوف تشوف

الرأيالرئيسيةرياضة

مبتورو الأطراف لكن

حسن البصري

شكرا لعناصر المنتخب المغربي لكرة القدم لمبتوري الأطراف، على الإنجاز غير المسبوق باحتلاله المركز الخامس في نهائيات كأس العالم، التي أقيمت على الأراضي التركية، بفوزه في مباراة الترتيب على نظيره البرازيلي بهدفين نظيفين، واحتلاله المركز الخامس، في أول مشاركة له في كأس العالم.

شكرا للمدرب الوطني فؤاد عسو الذي رفض عروضا لتدريب «الأسوياء» وفضل مهمة محشوة بالحسنات، حين قبل تدريب منتخب مبتوري الأطراف، وفي أول سنة لتكوينه أصبح أول منتخب عربي يصل إلى العالمية، بميزانية مبتورة وتحضيرات مبتورة ومعنويات مكتملة.

تحملت عناصر المنتخب المغربي محنة الإعاقة الحركية، حين عانت من حصار «وبائي» في تنزانيا بعد المشاركة في نهائيات كأس أمم إفريقيا لهذه الفئة، لكن «الأسود مبتوري الأطراف» صبروا على قدرهم وانتظروا إلى أن فتحت الأجواء وعادوا إلى المغرب مظفرين.

لكن عددا كبيرا من اللاعبين والمدربين انتهى بهم المطاف في تشكيلة «مبتوري الأطراف»، فالسيقان التي صنعت مجدهم ومكنتهم من كسرة خبز ومكانة اعتبارية في مجتمع الكرة، انتهت بالبتر لتبدأ محنة نفسية رهيبة.

ظل عبد القادر جلال يدرب الفئات الصغرى للرجاء بذراع مبتورة، بعد أن داسته سيارة أجرة وسط اختناق مروري في حي بوسيجور، على بعد أمتار من ملعب الرجاء بالوازيس. وفي سنة 1992، قرر عبد اللطيف السملالي القيادي بالرجاء البيضاوي ووزير الشباب والرياضة آنذاك، إرسال عبد القادر إلى ألمانيا قصد العلاج ووضع ساعد اصطناعي. لكن ما أن تقاعد من منصبه عانى من بتر آخر في راتبه وحين لقي ربه صيف سنة 1997، امتد البتر ليشمل سكن أسرته في دار الشباب درب غلف.

حين مني المنتخب المغربي لكرة القدم بخسارة مستفزة أمام الجزائر يوم تاسع دجنبر 1979، تعرض المدرب الفرنسي كاي كليزو لجلطة بسبب وخز أذن من ملك عاتبه على سوء تدبير مباراة بحساسية سياسية. منذ ذلك الحين لازم المدرب كليزو منزله بملعب البريد بالرباط، بأطراف معطلة إلى أن لقي ربه.

انتهى مربي أجيال الوداد سالم المعتز بالله أيامه الأخيرة بساق مبتورة بسبب داء السكري، كان با سالم يقضي سحابة يومه في الملعب بحثا عن المواهب، وانتهى به الزمن أسير كرسي متحرك، ظل يتحدى المرض وحين يستفيق من غيبوبته يسأل عن نتائج الفئات الصغرى للنادي قبل السؤال عن أحوال أبنائه وزوجته.

وحين اخترق داء السكري أطراف اللاعب الدولي والمدرب والمربي محمد الخراطي، اضطر الجهاز الطبي إلى بتر ساقه، وحين استفاق من غيبوبته طالب بها فاحتضنها بيديه وهو يبكي للنهاية الأليمة لساق صنعت مجده. طالب محمد بدفن الساق في مقبرة تادلة مسقط رأسه، وأوصى بها خيرا، بل إنه فاجأ الجميع حين قال: «ادفنوا ساقي في ركن من قبر سألتحق به بعد أيام»، صدقت تنبؤات الرجل وأسلم بعد أيام الروح لباريها في مصحة بالدار البيضاء، ليدفن في نفس القبر الذي دفنت فيه ساقه.

لم يستسلم عباس كورة، الأب الروحي لدفاع عين السبع، حيث صمد أمام مرض ينخر جسده يوميا، رفض الرجل التمدد على سرير المرض، لكنه استسلم لمنشار بتر ساقه وأنهى حياته. وبعده عاش عبد الله حموش اللاعب الدولي السابق نفس السيناريو التراجيدي.

قبل أن تلفظ التسعينات آخر أنفاسها، تعرض يونس موهوب، لاعب شباب المحمدية الناشئ، لحادثة سير مفجعة، على الطريق الساحلي الرابط بين المحمدية والدار البيضاء، بعد أن انسحب المخدر الطبي بحث يونس عن ساقه التي هز بها الشباك فلم يجد لها أثرا.

في رياضتنا المغربية لا أحد يستحق التتويج أكثر من منتخبات ضعاف البصر وقصار القامة ومبتوري الأطراف، فحين يتواضع «الأسوياء» ويجف ريقهم يصعد ذوو الهمم إلى منصات التتويج لينشدوا «منبت الأحرار».

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى