شوف تشوف

الرئيسية

مات في حملة طبية ضد وباء التيفوس بجرادة فحمل مستشفى اسمه

حسن البصري

يعرف أبناء مدينة وجدة الأولون اسم موريس لوستو جيدا، فقد كانوا يكنون له تقديرا كبيرا إلى درجة أن البعض أطلق عليه لقب «حكيم الشرق»، في زمن كان الطبيب أشبه بالحكيم.
منذ التحاقه بالمغرب بقرار من سلطات الحماية مباشرة بعد احتلال وجدة، ظل موريس حريصا على أداء واجبه المهني في المنطقة الشرقية وخاصة جرادة ووجدة وبركان، إلى أن حمل مستشفى اسمه فخلد ذكراه بين أهل الشرق قبل أن يغير قرار جماعي موريس بالفارابي.
كان متحف حديقة للا مريم في وجدة يحتفظ لزواره بمنحوتات من «البرونز» عبارة عن مجسمات لأوائل خدام مدينة وجدة، على غرار الطبيب الفرنسي موريس لوستو باعتباره أول طبيب باشر عمله بوجدة على عهد الحماية الفرنسية، وروني ميتر أول مهندس معماري، والعسكري جوفر، لكن المتحف تحول إلى مقهى، في ضرب سافر لذاكرة المدينة، فاختفت هذه النفائس تاركة وراءها أكثر من علامة استفهام.
ليس مستشفى لوستو أول مرفق صحي في مدينة وجدة، فقد كان ثمة مستشفى عسكري يحمل اسم «كاك روس» عام 1907. وحسب رواية بدر المقري، الباحث في تاريخ المنطقة الشرقية، فقد «كان يتواجد بالمحلة «لا بيل في» حاليا ونسب إلى الرائد العسكري الفرنسي جاك روس الذي قتلته المقاومة بعين الصفا، وكان يعتبر ثاني أكبر مستشفى عسكري فرنسي بمنطقة شمال إفريقيا وقد استمر في عمله من 1907 إلى سنة 1925».
أما أول مستوصف أهلي أقيم في وجدة فيرجع لعام 1913، وكان موقعه في ظهر الفارابي حاليا واستمر في عمله إلى غاية 1925، حيث قدم خدماته لساكنة المدينة والضواحي والتي لا يزيد عددها عن عشرين ألف نسمة.
يضيف الباحث نفسه أن أكبر المستشفيات التي شيدت في وجدة، هو مستشفى حمل اسم «أكولاس» نسبة إلى الدكتور «غاسون أكولاس» الذي مات عام 1921، وشيد هذا المرفق الصحي على عشرة هكتارات، وكان يقع قرب السجن الحالي بوجدة وباستور سابقا (فيلاج الطوبة)، وضم عدة اختصاصات كانت منعدمة في مدن أخرى. علما أن بداية ارتباط تاريخ الصيدلة والطب بوجدة ترجع إلى نهاية القرن 19 بالحملات العسكرية الفرنسية على المدينة والنواحي في إطار التحضير لاحتلالها.
يرى كثير من الباحثين أن قرب وجدة من الجزائر التي كانت مقاطعة فرنسية، ساهم إلى حد كبير في تعزيز الجانب الطبي، على الرغم من أن إقبال الوجديين على الطب الحديث كان محتشما لاعتبارات دينية أولا. وأشار الباحث المغربي بوجمعة رويان في كتابه «الطب الكولونيالي الفرنسي بالمغرب»، إلى وجدة بوصفها بوابة للطب الحديث.
كان مستشفى الفارابي الحالي يحمل اسم «موريس لوستو» نسبة إلى الطبيب لوستو الذي توفي بمرض التيفوس سنة 1942 بجرادة، حيث كان يقود حملة طبية لمكافحة هذا الوباء في صفوف الأهالي، ودفن بناء على وصيته في المقبرة المسيحية، حينها تقرر تخليد اسمه في المنطقة الشرقية، عند بناء مستشفى جديد عام 1950 حمل هذا الاسم إلى سنة 1968 حين استبدل لوستو بالفارابي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى