ما هي الشخصية المعادية للمجتمع؟
قد تكون هذه الشخصية أحد أخطر أنواع الشخصيات في المجتمع، لأن الأمر يتعلق، في العادة، بأشخاص يستهينون بحقوق الإنسان وينتهكون حقوقهم بكل الطرق المتاحة. لهذا فإنهم قد يكونون أشخاصا معادين للمجتمع وللأشخاص المحيطين بهم.
هناك مجموعة من المميزات التي تميز هؤلاء الأشخاص، منها أنهم يكونون غير قادرين على مواكبة أعراف المجتمع التي تسيطر على مجموعة من السلوكيات التي يقوم بها الأشخاص، حيث إن أي شخص لا يستطيع القيام بكل ما يحلو له في المجتمع لأنه تحكمه عدد من الظروف والشروط والأحكام، وأي سلوك أو أسلوب خارج عن القانون الذي تفرضه الأعراف المجتمعية، يعتبر أمرا إجراميا أو عدائية للمجتمع، خصوصا عندما يقوم هذا الشخص بالاعتداء على الآخرين، وعادة ما يتكون هذا السلوك في سن الخامسة عشرة.
أرقام وإحصاءات
هناك دراسات اهتمت بتناول الحالات العدائية الموجودة في بعض المجتمعات، وبحسب الإحصائيات، فإن نسبة الأشخاص المصابين بالعدائية للمجتمع تبلغ في المجتمع الذكوري أو في صفوف الرجال حوالي ثلاثة في المائة، بينما تصل النسبة إلى واحد في المائة في صفوف النساء، علما أن هذه النسبة تزداد في المناطق القروية.
يظهر هذا المرض النفسي أو هذا الاضطراب عادة في سن مبكرة عند المصابين به، إذ يمكن ان يظهر في عمر الخامسة عشرة، وعادة ما قد يظهر عند المرأة أو الفتاة حتى قبل الوصول إلى سن المراهقة، ولكن، مع ذلك، فإن الذكور أكثر إصابة بهذا الاضطراب مقارنة بالإناث. ولوحظ، أيضا، بأن حالات الاضطراب هذه تظهر عند الأشخاص من العائلة نفسها أو لدى الأقارب، ناهيك عن أن نسبة العداء للمجتمع بلغت لدى السجناء خمسة وسبعين في المائة.
أهم أعراض الاضطراب
في العادة، يظهر الأشخاص المصابون بهذا النوع من الاضطراب، أنهم طبيعيون يمارسون حياتهم بشكل جد طبيعي، غير أنه عند التوغل في حياتهم وفي ماضيهم، نجد أن هؤلاء مروا بمجموعة من مراحل عدم الاستقرار، من قبيل كثرة الشجار، أو الميل إلى السرقة والكذب، وربما، أيضا، إدمان وتعاطي المخدرات أو الهروب من المنزل، وغيرها من السلوكات الاجتماعية غير المألوفة وغير المقبولة.
وعادة، يختار هؤلاء المرضى دائما معالجيهم من الجنس الآخر، بطابع الإغراء والكذب، وفي العادة فهم أشخاص لا تظهر عليهم أبدا علامات الاكتئاب أو الإصابة بالقلق، ويظهر أنهم أشخاص عاديون، وبشكل متناقض تماما مع حقيقتهم.
هؤلاء الأشخاص لديهم نزعة انتحارية، وعادة يقودون سياراتهم وهم سكارى، ويقومون بالتحرش بالأطفال، أو يعتدون على زوجاتهم أو يقعون في بئر الخيانة الزوجية، وعدم الثقة وخيانة الأمانة، ولكن أدمغتهم لا تميل، في الوقت نفسه، إلى أي تفكير شاذ، فقط هذه الأفكار تجعلهم خارجين عن المألوف أو السائد مجتمعيا، لكنهم يعتبرون أشخاصا خارجين عن القانون لأن جل تصرفاتهم تصب في خانة التصرفات غير المقبولة مجتمعيا وقانونيا، لهذا نجدهم يقعون دائما في يد العدالة وتكثر مشاكلهم من عمر المراهقة وما فوق.
وعادة يتميز هؤلاء الأشخاص باندفاعهم الزائد عن الحد وكثرة المشاكل التي تجمعهم بأسرهم وعائلاتهم، بسبب عدم احترامهم للقيم المجتمعية، وهم، في فترة من الفترات، يصابون بالإحباط لأنهم لم يستطيعوا تحقيق ما يصبون إليه والنجاح في حياتهم الدراسية أو المهنية.
وهم أشخاص يشعرون عادة بتأنيب الضمير بسرعة عند قيامهم بأفعال إجرامية أو غير مقبولة، لكنهم، في الوقت نفسه، يجدون أنهم غير قادرين على الابتعاد عن ذلك العالم السيئ الذي يعيشون فيه، ويعودون للقيام بالتصرفات ذاتها رغم تأكيدهم أنهم لن يعودوا إليها، لكن الشعور بالذنب سرعان ما يختفي، ليعودوا إلى ارتكاب الأخطاء نفسها.
وأخطر ما في حالة هؤلاء إظهارهم أنهم أشخاص طبيعيون، يسهل الوثوق بهم، لأنهم قادرون على خداع الآخرين، ولكن من يثق بهم سرعان ما يكون عرضة لحيلهم، ويجد نفسه ضحية قضية سرقة أو خيانة الأمانة.
وخلال عرضهم على الأخصائي النفسي بغية تلقي العلاج الضروري، فإن المصابين بالاضطراب عادة ما يظهرون حسن نيتهم ورغبتهم في العلاج، غير أنهم في الغالب لا يواصلون تلقي العلاج لفترة طويلة وحتى الحصول على النتائج النهائية، بل يتوقفون بمجرد الشعور بتحسن حالتهم النفسية. والأخطر في حياة هؤلاء الأشخاص، أيضا، أنهم غير مستقرين وغير ملتزمين، ولا يمكن أبدا الثقة بهم ومعرفة ما إذا كانوا فعلا سيستمرون في عملهم أو في متابعة دراستهم، بل كل ما يقومون به هو التغيير والبحث عن عمل جديد أو التغيب المتكرر عن العمل أو المدرسة، على أن يتخلوا عن نشاطهم بشكل نهائي. ليس هذا فحسب، بل إنهم لا يتحملون حتى مسؤولياتهم الاجتماعية في حال كانوا مرتبطين أو آباء، فهم لا يتحملون، بأي شكل من الأشكال، المسؤولية الملقاة على عاتقهم بوصفهم آباء.
تشخيص المرض
من أجل القيام بالتشخيص الدقيق للمرض، فإن الطبيب المعالج الذي تعرض عليه الحالة عليه البحث عن ثلاثة أعراض على الأقل من الأعراض التي سيتم ذكرها. فوجود ثلاثة منها على الأقل يعني أن المريض يعاني من اضطراب الشخصية العدوانية. ومن أهم هذه العلامات التي يجب أن ينتبه إليها الأهل والتي قد تساعدهم على معرفة نوع الاضطراب، عدم احترام الشخص للأعراف والتقاليد، وقيامه بأي عمل خارج عن الإطار القانوني والمجتمعي المتعارف عليه، فضلا عن اندفاعه وعدم قدرته على التخطيط للمستقبل، وتميزه بأنه إنسان عدواني، إذ عادة ما يظهر شخصا متوترا ويعتدي على الآخرين وربما يعمد إلى تكسير الأشياء أو تعريض الآخرين للعنف، فضلا عن أنه يكون شخصا مستهترا لا مباليا، قادرا، وبشكل سهل جدا، على أن يعرض حياة الآخرين للخطر، فقط ليبرهن عن أنه إنسان قوي. وهو شخص غير مبال وغير قادر على تحمل المسؤولية، وعادة ما يؤذي من حوله بسبب سلوكياته أو يتخلى عن أقرب المقربين إليه المحتاجين لعطفه وحنانه.
عادة ما تظهر هذه الأعراض لدى أشخاص تقل أعمارهم عن ثمانية عشر عاما، وهم أشخاص لا يشعرون بالندم أو لا يحاولون تبرير ما يفعلونه، وهي أعراض لا تدخل ضمن خانة الفصام أو الاضطراب الوجداني.
العلاج المناسب
أفضل طريقة للعلاج في مثل هذه الحالات، العلاج ضمن مجموعات العلاج الذاتية، لأنها أكثر فعالية وأكثر نجاحا في علاج مثل هذه الحالات، حيث يشعر المريض بأنه داخل بيئة أو مجموعة لديها الدافع في التغيير.
وعلى الطبيب المعالج، قبل أن يبدأ أي خطوة في العلاج، أن يعمل على إيجاد أفضل الطرق للتعامل مع السلوك المدمر لهؤلاء الأشخاص من أجل هدم جدار الخوف الذي يمنعهم ويعيقهم، ويكون قادرا على منع المريض من إنشاء مخططات للهروب من العلاج. لهذا من المهم جدا أن يكون الطبيب المعالج قادرا على التحكم والفصل بين المساعدة والمواجهة.
ويمكن للطبيب المعالج، أيضا، وصف مجموعة من العقاقير التي تساعد على علاج هذا الاضطراب أو علاج ما يرافقه من قلق وإصابة بالاكتئاب، ويتعلق العلاج بالعقاقير عادة بوصف مضادات التشنجات أو أخرى من أجل إحكام السيطرة على السلوك الاندفاعي.