مؤشرات متناقضة
تظهر الأرقام الرسمية أن كل المؤشرات التي يتضمنها جدول قيادة السياسات الاقتصادية والمالية توجد في وضعية إيجابية نسبيا، فإجمالي الصادرات عرف زيادة بنسبة 1,9 في المئة مقارنة مع العام المنصرم، ومداخيل قطاع السيارات عرفت زيادة بنسبة 34,3 في المئة، وعائدات قطاع الفوسفاط ومشتقاته ناهزت 36,8 مليار درهم، بينما بلغ إجمالي الواردات 395,56 مليار درهم ووصلت تحويلات مغاربة العالم خلال الأشهر الستة الأولى من العام الجاري، 55,3 مليار درهم بزيادة كبيرة قدرها 13,9 في المئة مقارنة بالسنة الماضية، ومن المتوقع أن تتجاوز التحويلات 110 مليارات درهم مع متم السنة، بالإضافة إلى ارتفاع احتياطي الذهب لدى المملكة ب13 مليار درهم برسم السنة الماضية 2022، أي ما مجموعه 22 طنا من الذهب.
هذه الأرقام وغيرها كثير من المؤشرات الإيجابية تعكس انتعاشة نسبية للاقتصاد الوطني على مستوى الإيرادات لاسيما من العملة الصعبة، لكن السؤال المطروح والمحير أيضا هو لماذا لا تنعكس كل هاته المعطيات المحفزة على سوق الشغل حيث نلاحظ استمرار ارتفاع نسبة البطالة في صفوف الشباب والنساء؟
والأكيد أنه لا جديد يذكر على مستوى مؤشرات البطالة التي تتسع رقعتها كما جاء في التقرير الأخير للمندوبية السامية للتخطيط الذي سجل ارتفاع حجم البطالة بـ 156.000 شخص، وبالتالي لم يحدث أي تقدم ملموس في هذا المؤشر الذي لا يتناسب مع التطور الحاصل على مستوى نتائج السياسات الاقتصادية الايجابية، بل بالعكس فهو يثبت أن الوضعية الاقتصادية في واد والوضعية الاجتماعية في واد آخر.
نعم ليس هناك أثر واضح لكل المؤشرات الايجابية التي تتباهى بها الحكومة على المعيش اليومي للمواطنين، إذا بقي سهم البطالة يتجه في اتجاه واحد نحو مستويات مرتفعة، وهذا يعبر حقيقة عن عدم قدرة الإنجازات الاقتصادية على التوسع بشكل شمولي وعمودي نحو التخفيف من حدة البطالة.
وما لم تصل خيرات النمو الاقتصادي إلى تحقيق اختراقات في جدار مليوني عاطل شاب بالشهادات وغيرها، وتخفيض نسبة البطالة إلى أقل من 9 في المئة، فإن كل تلك الانجازات التي يحققها اقتصادنا تبقى في صالح فئة محظوظة في المجتمع وليس كل المجتمع. وهذا مؤشر خطير على نخبوية النمو وانحصاره لدى الأقلية دون الغالبية.