شوف تشوف

الافتتاحية

مؤشر إيجابي

حطمت عمليات التسجيل التي تقدم بها الشباب المغربي للالتحاق بمعسكرات التجنيد كل التوقعات والتخوفات، بعدما قدم أزيد من 80 ألف شاب مغربي ملف الترشيح من أجل أداء الخدمة العسكرية، ضمنهم 24 ألف فتاة، وفق الأرقام التي أعلنها المنتدى العسكري «Far Maroc»، وهو الأمر الذي جعل الملك محمد السادس، القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية، يعطي أوامره لرفع عدد الفوج الأول من المستدعين إلى الخدمة العسكرية من 10 آلاف إلى 15 ألف مجند.
وبدون شك، فإن الإقبال الكبير من طرف الشباب على الخدمة العسكرية أسقط ذلك التوجّس الذي كان يعتبر أن الهدف الخفي من العودة إلى العمل بالتجنيد الإجباري هو امتصاص غضب فئة من الشباب التي عرِفَت بانخراطها في احتجاجات شعبية تعارض الفساد والتضييق على الحريات وتفاقم الأزمات الاجتماعية، وتعسف في حق الشباب الذي يعاني مشاكل البطالة والتهميش وظروفا اجتماعية صعبة.
لكن الحقيقة على الأرض فندت أوهام بعض تجار السياسة وادعاءاتهم باتهام التجنيد بالتقسيم الطبقي الاجتماعي والعقاب السياسي، فأرقام الشباب المقبل على الخدمة العسكرية الإجبارية تحمل في طياتها أكثر من مغزى، فقد وضعتنا أمام طينة من الشباب المحب لوطنه والراغب في المشاركة في بناء الوطن والحفاظ على أمنه القومي، والمقتنع بأن التجنيد العسكري هو عمل نبيل منتج للقيم ومصدر لتطوير الكفاءة وليس وسيلة للانتقام السياسي من هاته الفئة العمرية، كما يحاول تسويق ذلك بعض رموز العدمية السياسية التي حاولت عبثا توليد معارضة سياسية واستياء اجتماعي.
ولا شك أن صورة تفاعل الشابات بالاستجابة لنداء الوطن بالخدمة العسكرية كانت جد معبرة، صورة كشفت أن المغرب قوي بنسائه المحبات له وأنهن مستعدات للتضحية بكل غالٍ ونفيس في الدفاع عنه. لقد أبانت كثافة إقبال الفتيات على التجنيد في نسخته الأولى انهيار تلك الطابوهات التي حاولت جعل المهام الوطنية حكرا على الذكور بحجة خصوصية المجتمع المغربي المحافظ الذي لا يسمح بالزج بالبنات في الثكنات العسكرية جنبا إلى جنب مع الذكور.
لقد وجهت المرأة المغربية رسالة قوية إلى من يهمه الأمر بكون خطاب المناصفة والمساواة وتكافؤ الفرص والعدالة أمام القانون ليست يافطات للاستهلاك السياسي يتم إشهارها لدخول البرلمان أو الوزارة أو الحصول على المسؤولية داخل الإدارات العمومية، بل هي قناعة راسخة تبتدئ بالواجبات قبل الحقوق. ومن هذا المنطلق حرصت أكثر من 20 ألف شابة على التعبير عن رغبتها في الالتحاق بالتجنيد للدفاع عن وطنها وإثبات الذات والمساواة الفعلية مع الرجل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى