شوف تشوف

الرأيالرئيسيةسياسية

لو انتظر قاتل لينكولن..

 

مقالات ذات صلة

بقلم: خالص جلبي

 

يزعم الدكتور «جون سوتوس John Sotos»، اختصاصي القلب، أن موت الرئيس الأمريكي الأسبق «أبراهام لينكولن» كان مسألة وقت قصير، وكان يروي هو بذاته ـ أي لينكولن ـ لمن حوله أنه يتداعى، ولن يعيش لنهاية الحرب الأهلية.

إلا أن الدكتور سوتوس يقول؛ لقد تم اغتيال الرئيس في مقصورة المسرح كما حدث عام 1865م برصاصة فجرت رأسه، فتناثر الدم والمادة المخية على وسادة الكرسي، وهي محفوظة حاليا في المتحف الحربي في فيلادلفيا، ولكنه لم يكن ليعيش بين عيد الفصح الذي فيه اغتيل، وعيد العنصرة القادم لعام 1866م! هكذا يرويها، حسب المفاهيم الدينية المسيحية، ولكن لماذا؟

وتنبع قناعات الدكتور سوتوس من دراسة قام بها بيولوجيا لمرض نادر أصيب به الرئيس لينكولن، وهو المعروف بـ(التنشؤ الغدي الخبيث المتعدد من النوع بي اثنين)، ويرمز له اختصارا بـ(MENb2 = Multiple Endocrine Neoplasia B2)، ويبني تشخيصه هذا على مجموعة من العلامات اشتهر بها الرئيس الأمريكي لينكولن؛ من طول القامة 193 سم، وهو أطول رئيس مر في التاريخ الأمريكي حتى اليوم، وفرط الطول لا يدل على خير، فليس كل زيادة في الخير تعني بالضرورة خيرا. والقرآن يقول، حسب منطقه، إن من زادت ثروته زادت مسؤوليته، ومنه جاء تعبير الآية: ونمد له مدا ويأتينا يوم القيامة فردا. وهي من جانب الثروات والنعم ابتلاء مخيف. وهنا نواجه فلسفة جديدة في فهم الابتلاء، كما جاء في سورة «الأنبياء»: ونبلوهم بالخير والشر فتنة وإلينا يرجعون. فالسجن قد يتحمله الكثيرون، ولكن أن يقفز أحدهم من الفقر إلى الغنى، قد يفقد عقله واتزانه، ومنه جاء الحديث أنه لا تزول قدما عبد يوم القيامة، حتى يسأل عن أربع، وأولها ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه؟ 

وكما يروي الدكتور سوتوس معاناة الرئيس من تورمات في الوجنتين والشفاه، وهي المعروفة بالأورام العصبية، وفي النهاية يقول إن الحكم في هذا هو فحص الكود الوراثي (DNA)، ولكن من أين الحصول على المادة الوراثية من رجل مقتول، قبل قرن ونصف القرن؟

يقول الدكتور سوتوس إن الأمر سهل، ويمكن حله إذا سمح لنا المتحف الحربي في فيلادلفيا، حيث دفن الرجل؛ وذلك بأخذ خزعة بمقدار رأس إبرة لا يزيد، من بقايا المادة الموجودة على وسادة الاغتيال! وهو ما فعله الباحث الكوبي «سفينتو بيبي» بتأسيس علم جديد هو حفريات الجينات، حين أخذ رأس إبرة من مومياء مصرية ليحدد هويتها، والرجل طبعا غادر الرفاق في الجزيرة الملعونة، حيث كان كاسترو وأخوه راوول يحصيان أنفاس كل نحلة تطير وذبابة تطن، بل وكاد الاثنان إشعال فتيل حرب عالمية عام 1962 م، مع أزمة كوبا المعروفة وزرع الصواريخ الروسية فيها. هذا الرجل الكوبي المبدع الذي هرب من جزيرة اللعنة هذه، أخذ مقعد كرسي جامعي في السويد، وأخيرا في ميونيخ في ألمانيا، وقرأت عنه أنه مُنِحَ جائزة نوبل لأبحاثه الرائدة. أنا شخصيا لو بقيت في سوريا المقرودة، لما حصلت علما نافعا، وما وصلت إليه كان من اختصاصي الطبي في ألمانيا. وهكذا فمن أجل وضع تشخيص أقرب للحقيقة عن مصرع أبراهام لينكولن العملاق، وحقيقة مرضه وأنه كان سيكون سريعا، فعلينا بحث الكود الوراثي من مخلفات الرجل، كما توصل إلى ذلك الدكتور سوتوس. وهذا يذكرنا بالآية إنا نحيي الموتى ونكتب ما قدموا وآثارهم! وهنا نحن على آثار أبراهام لينكولن!

إن عقلية الباحثين مثيرة؛ فهم يتتبعون الأحياء والأموات، والشجر والوبر والمدر والحجر، وعمر النجوم والانفجار العظيم، وكيف كانت إنسانة لوسي تمشي في شرق الحبشة، قبل 3.2 ملايين سنة؟ إنهم يعينون عمر الأهرام أكثر من كهنة خوفو، وعمر الشجر من اللحاء والحلقات، ويحيون اللغتين الهيروغليفية والساسانية بعد أن لم يبق أحد يتكلم بهما، ويقولون إن نابليون مات مسموما بالزرنيخ من أقرب الناس إليه، من دفع زوجته لأحضان بونابرت خيانة، لتولد طفلة سفاحا في باريس، بعد أن حملتها شهوة من الإمبراطور المنتهي في جزيرة سانت هيلانة، وبعد أن قبض زوجها من بونابرت خمسة ملايين فرنك. وهنا وقفت على أمر لافت للنظر، فقد سمحت بريطانيا بأن يذهب نابليون إلى المنفى ومعه كل ثروته بالملايين.

أما شامبليون فأحيا فراعنة مصر الأموات، وكهنتهم المندثرون يترنمون بالأناشيد الفرعونية، ومن مخابئهم وقبورهم بالبخور يتجولون. وحاليا وبواسطة تقنية النظائر المشعة، أمكن العس في بطون الحضارات والتاريخ، بما هو أطول من التاريخ حتى 56 ألف سنة، أما عن طريق الآرغون ـ بوتاسيوم وتحولاتهما؛ فأمكن تعيين عمر الأرض حتى 4,6 ملايير سنة، وأن الحياة بدأت بعد ولادة الأرض بـ800 مليون سنة، وكانت قفرا وليس من حياة.

إن قصة لينكولن عجيبة، كما أن أحداث التاريخ والاغتيالات تتم وفق خطة كونية لا نحيط بها والله أعلم بها، فلولا اغتيال الأرشيدوق ما انفجرت الحرب الكونية، ولولا برقية بسمارك (المعروفة ببرقية إيمز) ما اندلعت حرب 1870 التي أخذت للمقابر 170 ألف شاب، ولولا حماقة صدام ما مات في الخنادق مليون شاب. ولو شاء الله ما اقتتلوا ولكن الله يفعل ما يريد.

 

نافذة:

من أجل وضع تشخيص أقرب للحقيقة عن مصرع أبراهام لينكولن العملاق وحقيقة مرضه وأنه كان سيكون سريعا فعلينا بحث الكود الوراثي من مخلفات الرجل

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى