شوف تشوف

الرئيسيةالملف السياسيسياسية

«لهطة» المال العام بالجماعات الترابية

رؤساء جماعات يتهافتون على الامتيازات والسيارات الفارهة

أصدر وزير الداخلية دورية موجهة إلى الولاة والعمال، من أجل حث رؤساء الجماعات على «تزيار السمطة»، للحفاظ على المال العام في ظل تداعيات الأزمة الناجمة عن تداعيات جائحة «كوفيد- 19»، خاصة أن جل الجماعات الترابية تحولت إلى مرتع لتفشي الفساد والريع واختلاس وتبذير المال العام، كما جعل رؤساء من بعض الجماعات «بقرة حلوب» للاغتناء الفاحش، والدليل على ذلك ملفات رؤساء الجماعات الترابية من مختلف الأحزاب السياسية المعروضة على غرف جرائم الأموال بمختلف المحاكم، أو الواردة في تقارير المجلس الأعلى للحسابات، والمفتشية العامة للإدارة الترابية التابعة لوزارة الداخلية، كلها تؤكد أن الفساد يضرب أطنابه داخل المجالس المنتخبة. وأصبح السباق نحو رئاسة المجالس الجماعية، بمثابة ورقة رابحة من أجل الاغتناء السريع على حساب المال العام، وهناك العديد من رؤساء الجماعات، الذين أضحوا بين عشية وضحاها من كبار الأثرياء، بعد قضائهم فترة وجيزة على رأس الجماعات الترابية، ويصرفون أموالا باهظة في حملاتهم الانتخابية للحفاظ على مناصبهم، لأن كرسي رئاسة مجلس جماعي، بات مقترنا بنهب أموال دافعي الضرائب، سواء عن طريق التلاعب في الصفقات العمومية، أو «لهف» الأموال التي ترصدها مختلف المؤسسات العمومية لدعم وتأهيل الجماعات.

 

إعداد: محمد اليوبي – النعمان اليعلاوي

 

 

تعدد الامتيازات والتعويضات عن المهام والمناصب الانتخابية

 

أصبحت التعويضات التي يحصل عليها رؤساء المجالس الترابية، مضاعفة منذ عهد حكومة بنكيران، بعد المصادقة على مرسوم يحدد تعويضات رؤساء الجهات ومجالس الأقاليم والعمالات والجماعات والمقاطعات، بالإضافة إلى حصولهم على عدة امتيازات أخرى تصرف من المال العام.

وهناك عدد من أعضاء مجالس الجهات والجماعات يجمعون بين صفات عدة، وعضويات مجالس ومؤسسات أخرى. وبخصوص التعويض عن التمثيل، يتوصل رؤساء الجهات بتعويض شهري إجمالي قدره 40 ألف درهم، ويصل مبلغ التعويض عن التمثيل 55 ألف درهم شهريا، في حال عدم توفر رئيس الجهة على سكن وظيفي، فيما يبلغ تعويض نواب الرئيس 15 ألف درهم، أما كاتب المجلس فتحدد تعويضه في أربعة آلاف درهم، فيما نائبه سيتوصل شهريا بتعويض إجمالي قدره ألفا درهم، بينما سيتقاضى رؤساء اللجان الدائمة في مجالس الجهات أربعة آلاف درهم، فيما نوابهم سيحصلون على النصف فقط، وهو الأمر نفسه بالنسبة إلى رؤساء الفرق.

وفي ما يتعلق بالتعويضات عن التنقل، فيقترح المرسوم المذكور اعتماد ما سمّاه «مبدأ التماثل»، الذي بموجبه سيحصل رؤساء مجالس الجهات على مبلغ 350 درهما يوميا داخل المغرب، و2500 درهم خارج المغرب، أما نوابهم فيحصلون على التعويض ذاته الذي يمنح لمدير إدارة مركزية بالإدرات العمومية، فيما يقف تعويض باقي أعضاء المجلس عند سقف التعويض الذي يمنح لموظف ذي السلم 11.

وبالنسبة إلى مرسوم رقم 2.16.494 بتحديد شروط منح التعويضات ومقاديرها برئيس مجلس العمالة أو الإقليم ونوابه وكاتب المجلس ونائبه ورؤساء اللجان الدائمة ونوابهم، فيتقاضى رؤساء العمالات والأقاليم تعويضا شهريا إجماليا حسب سكان العمالة أو الإقليم، فإذا كان عددهم أقل من 300 ألف نسمة، يصل مبلغ التعويض 12 ألف درهم، فيما يبلغ 14 ألف درهم إذا كان عدد سكان العمالة أو الإقليم محصورا بين 300.001 و500 ألف نسمة، ويرتفع التعويض بألف درهم في حال كان عدد السكان بين 500.001 و700 ألف نسمة، ويصل 18 ألف درهم إذا كان عدد سكان العمالة أو الإقليم محصورا بين 700.001 ومليون نسمة، فيما يصل تعويض رئيس مجلس العمالة أو الإقليم نصف ما سيتقاضاه رئيس الجهة أي 20 ألف درهم، إذا كان عدد السكان أزيد من مليون نسمة، أما تعويضاتهم عن التنقل، فيقترح المرسوم تعويضا يساوي التعويض نفسه الذي يحصل عليه مديرو الإدارة المركزية.

وفي ما يتعلق بتعويضات نواب رؤساء مجلس العمالات والأقاليم، فقد حدده المرسوم الخاص بهم في سبعة آلاف درهم، أما كتاب المجلس فسيحصلون على تعويض شهري إجمالي قدره 3400 درهم، ونوابهم على مبلغ 1700 درهم، فيما رؤساء اللجان الدائمة سيخصص لهم تعويض شهري إجمالي قدره 4 آلاف درهم، أما نوابهم فسيحصلون على تعويض يناهز 3400 درهم، أما رؤساء الفرق فتعويضهم محدد في 1700 درهم، بحسب المرسوم ذاته، بينما تعويضات نواب الرئيس فاقترحت الوثيقة ذاتها أن تكون مساوية لما يحصل عليه موظفو السلم 11، فيما تعويضات التنقل المتعلقة بباقي أعضاء المجلس، جرى تحديدها وفق معيار آخر، وستكون هي الأخرى مساوية لتعويضات موظفي السلم 10.

وبالرجوع إلى مرسوم رقم 2.16.493 بتحديد شروط منح التعويضات ومقاديرها لرؤساء مجالس الجماعات والمقاطعات ونوابهم وكتاب مجالس الجماعات والمقاطعات ونوابهم ورؤساء اللجان الدائمة ونوابهم، فسيتضح أن التعويض المتعلق بالتمثيل مرتبط هو الآخر بعدد السكان، كما هو الشأن بالنسبة إلى رؤساء مجالس العمالات والأقاليم، فإذا كان عدد سكان الجماعة أقل من 15 ألف نسمة، فسيحصل رئيس الجماعة أو المقاطعة على تعويض قدره 2800 درهم، ونائبه على تعويض 1400 درهم، أما كاتب المجلس فسيحصل على 800 درهم، ونصف تعويضه بالنسبة إلى نائبه، أما رؤساء اللجان الدائمة فحدد لهم المرسوم تعويضا يساوي تعويض كاتب المجلس والنصف أي 400 درهم بالنسبة إلى نوابهم. وفي حال كان عدد السكان يتراوح بين 15.001 و25 ألف نسمة، فسيحصل رئيس الجماعة أو المقاطعة على تعويض قدره 4200 درهم، ونائبه على تعويض 2000 درهم، أما كاتب المجلس فسيحصل على 1000 درهم، ونصف تعويضه بالنسبة إلى نائبه، أما رؤساء اللجان الدائمة فحدد لهم المرسوم تعويضا يساوي تعويض كاتب المجلس والنصف أي 500 درهم بالنسبة إلى نوابهم.

وإذا كان عدد السكان بين 25.001 و100 ألف نسمة، فإن رئيس الجماعة أو المقاطعة سيحصل على تعويض قدره 5400 درهم، ونائبه على تعويض 2600 درهم، أما كاتب المجلس فسيحصل على 1200 درهم، ونصف تعويضه بالنسبة إلى نائبه، أما رؤساء اللجان الدائمة فحدد لهم المرسوم تعويضا يساوي تعويض كاتب المجلس والنصف أي 600 درهم بالنسبة إلى نوابهم، بينما رؤساء الجماعات والمقاطعات التي يتراوح عدد سكانها بين 100.001 و225 ألف نسمة، فسيحصلون على تعويض قدره 7000 درهم، ونوابهم على تعويض 3000 درهم، أما كاتب المجلس فسيحصل على 1400 درهم، ونصف تعويضه بالنسبة إلى نائبه، أما رؤساء اللجان الدائمة فحدد لهم المرسوم تعويضا يساوي تعويض كاتب المجلس والنصف أي 700 درهم بالنسبة إلى نوابهم. وفي حال كان العدد بين 225.001 و500 ألف نسمة، فإن رئيس الجماعة أو المقاطعة سيحصل على تعويض قدره 8000 درهم، ونائبه على تعويض 4000 درهم، أما كاتب المجلس فسيحصل على 2000 درهم، ونصف تعويضه بالنسبة إلى نائبه، أما رؤساء اللجان الدائمة فحدد لهم المرسوم تعويضا يساوي تعويض كاتب المجلس والنصف أي 1000 درهم بالنسبة إلى نوابهم، بينما إذا ارتفع عدد السكان، وفاق 500 ألف نسمة، فإن رئيس الجماعة أو المقاطعة سيستفيد من تعويض قدره 11 ألف درهم، وسيحصل نائبه على نصف التعويض أي 5500 درهم، أما كاتب المجلس فسيحصل على 2400 درهم، ونصف تعويضه بالنسبة إلى نائبه، أما رؤساء اللجان الدائمة فحدد لهم المرسوم تعويضا يساوي تعويض كاتب المجلس والنصف أي 1200 درهم بالنسبة إلى نوابهم.

وخصص المرسوم المتعلق بتعويضات رؤساء مجالس الجماعات والمقاطعات ومن معهم، نظاما خاصا بالنسبة إلى الجماعات ذات وحدة المدينة، أو ذات نظام المقاطعات، إذ سيحصل رئيس الجماعة أو المقاطعة على تعويض قدره 30000 درهم، ونائبه على تعويض 10000درهم، أما كاتب المجلس فسيحصل على 3000 درهم، ونصف تعويضه بالنسبة إلى نائبه، أما رؤساء اللجان الدائمة فحدد لهم المرسوم تعويضا يساوي تعويض كاتب المجلس والنصف أي 1500 درهم بالنسبة إلى نوابهم، أما المقاطعات فسيحصل رئيس الجماعة أو المقاطعة على تعويض قدره 6000 درهم، ونائبه على تعويض 3000 درهم، أما كاتب المجلس فسيحصل على 1400 درهم، ونصف تعويضه بالنسبة إلى نائبه، أما رؤساء اللجان الدائمة فحدد لهم المرسوم تعويضا يساوي تعويض كاتب المجلس والنصف أي 700 درهم بالنسبة إلى نوابهم. أما في ما يخص تعويضات التنقل بالنسبة إلى رؤساء الجماعات والمقاطعات، فسيتم اعتماد المبدأ نفسه الذي يعتمد لتحديد تعويضات رؤساء مجالس العمالات والأقاليم.

مفتشية وزارة الداخلية ترصد خروقات خطيرة بالجماعات

 

 

تسجل المفتشية العامة للإدارة الترابية التابعة لوزارة الداخلية، سنويا، مجموعة من الملاحظات في شأن أعمال رؤساء المجالس ومقررات الجماعات الترابية، تتجلى في تدخل نواب الرئيس في شؤون الجماعة وممارسة مهام تدبيرية بدون التوفر على تفويضات بذلك، وعدم اعتماد نظام المحاسبة المادية في تتبع جميع التوريدات والمقتنيات، بالإضافة إلى توقيع نواب الرئيس على وثائق إدارية دون التوفر على تفويضات في مواضيعها، ومنح تفويضات للمهام في مجال الجبايات في خرق لمقتضيات القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات والتي لا تجيز التفويض في مجال المداخيل إلا لفائدة مدير المصالح، وفيما يخص الإمضاء فقط، كما رصدت المفتشية وجود تقصير في الدفاع عن مصالح الجماعة أمام القضاء من خلال عدم الإدلاء بأي دفوعات بخصوص الدعاوى الرائجة وعدم استئناف الأحكام الصادرة ضد الجماعة.

وعلى مستوى تدبير المداخيل، سجلت تقارير المفتشية، عدم اتخاذ الإجراءات اللازمة لإحصاء الملزمين الخاضعين لمختلف الرسوم الجماعية، والتقصير في تطبيق المقتضيات القانونية في حق الممتنعين عن أداء الرسوم، وعدم تطبيق أسعار بعض الرسوم المقررة في القرارات الجبائية، والسماح بالاستغلال المجاني لمحلات تجارية، وعدم اتخاذ الإجراءات اللازمة ضد مكتري محلات تجارية وسكنية لا يؤدون ما بذمتهم من واجبات، أما على مستوى المصاريف، فقد أظهرت مهام التفتيش التي شملت جوانب مختلفة من التدبير المالي والإداري بالجماعات الترابية مجموعة من الاختلالات خاصة على مستوى تنفيذ الطلبيات العمومية، كما أبانت كذلك عن العديد من النواقص طبعت إنجاز بعض المشاريع وتسببت في تعثر البعض منها.

وتتلخص أهم ملاحظات لجن التفتيش على مستوى تدبير المصاريف، في عدم احترام مقتضيات دفتر التحملات بخصوص إنجاز أشغال الصفقات، وأداء مبلغ عن خدمات لم تنجز، وأداء مبالغ متعلقة بسندات طلب دون الإنجاز الكامل للأشغال، واللجوء المتكرر إلى عدد محدود من الموردين، اللجوء إلى تسوية وضعية نفقات باللجوء لسندات الطلب، بالإضافة إلى تسليم أشغال صفقة بالرغم من عدم احترام المواصفات التقنية المنصوص عليها بدفتر الشروط الخاصة٠

وأكدت متفشية الداخلية أن تسيير قطاع التعمير يعرف مجموعة من الاختلالات تتعلق خصوصا بعدم احترام الضوابط القانونية، ومنها تسليم رخص بناء فوق بقع ناتجة عن تقسيم وتجزيء غير قانونيين، وتسليم رخص ربط بشبكة الكهرباء في غياب رخص السكن أو التصريح بانتهاء الأشغال وإغلاق الورش، بالإضافة إلى منح شهادات إدارية غير قانونية من أجل بيع قطع أرضية أو تحفيظها، ناتجة عن تجزيء غير قانوني، وقيام بعض نواب الرئيس بمنح رخصة بناء رغم عدم توفرهم علو تفويض في ميدان التعمير، كما لاحظت تقارير المفتشية، تسليم رخص انفرادية دون الأخذ بالرأي الملزم للوكالة الحضرية لبنايات موجودة في مناطق محرمة البناء وبنايات غير قانونية لا تحترم تصميم التهيئة وتصاميم إعادة الهيكلة وبنايات لا تحترم كناش تحملات التجزئات المعنية بها.

كما رصدت المفتشية العامة، قيام بعض رؤساء الجماعات بالإشهاد على تصحيح عقود عرفية تهم عقارات ناتجة عن تقسيم غير قانوني، ومنح رخص السكن لبنايات رغم مخالفتها لتصميم التهيئة أو التصاميم الهيكلية أو التصاميم المرخصة، وإدخال تغييرات بطريقة غير قانونية على مشروع مرخص مع الترامي على الملك العام، وتسليم رخص إصلاح لأشغال تستدعي الحصول على رخص بناء.

رؤساء الجماعات يتجاهلون دورية وزير الداخلية حول «التقشف»

 

 

 

رغم الدورية التي وجهها وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، إلى ولاة الجهات وعمال عمالات وعمالات المقاطعات وأقاليم المملكة، يدعو من خلالها رئيسات ورؤساء الجماعات الترابية إلى «تزيار السمطة»، وذلك بنهج سياسة التقشف في صرف نفقات الجماعات برسم ميزانية سنة 2022، أعلنت مجموعة من المجالس الجماعية عن صفقات ضخمة خصصت لاقتناء وكراء السيارات الفاخرة لفائدة الرؤساء ونوابهم.

ووجه وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، دورية إلى ولاة الجهات وعمال عمالات وعمالات المقاطعات وأقاليم المملكة، يدعو من خلالها رئيسات ورؤساء الجماعات الترابية إلى «تزيار السمطة»، من خلال نهج سياسة التقشف في صرف نفقات الجماعات برسم ميزانية سنة 2022.

وأوضح وزير الداخلية، في دورية حول «التدبير الأمثل لنفقات الجماعات الترابية برسم سنة 2022»، أنه تبعا للدورية رقم 14916 الصادرة بتاريخ 21 شتنبر 2021 حول إعداد وتنفيذ ميزانيات الجماعات الترابية برسم سنة 2022، والدورية رقم 16714 الصادرة بتاريخ 22 أكتوبر 2021 المتعلقة بإلزامية أداء النفقات الإجمالية واحترام آجال الأداء، وتماشيا مع الإجراءات التي تقوم بها هذه الوزارة لمواكبة الجماعات الترابية في التنفيذ الجيد لميزانياتها برسم سنة 2022، فإن رئيسات ورؤساء مجالس الجماعات الترابية مدعوون إلى عقلنة تدبير نفقات التسيير مع التدبير الأمثل لنفقات الموظفين والأعوان.

ودعا وزير الداخلية رئيسات ورؤساء الجماعات إلى التسريع بأداء مستحقات المقاولات لا سيما الصغيرة جدا والصغيرة والمتوسطة منها، وأداء مستحقات القروض ومستحقات الوكالات المستقلة للتوزيع والمكتب الوطني للماء والكهرباء، وشركات التدبير المفوض بما فيها المتأخرات، وأداء نفقات تسيير النقل العمومي، وكذا تنفيذ الأحكام القضائية النهائية.

وحسب الدورية، فإنه يتعين احترازيا عدم الالتزام بأية نفقة جديدة قبل إدراجها في لوائح تعرض على ولاة الجهات وعمال عمالات وعمالات مقاطعات وأقاليم المملكة قصد دراستها كما كان عليه الحال خلال سنة 2021، وينطبق هذا الإجراء كذلك على المشاريع المنجزة من طرف شركات التسمية وشركات التهيئة ووكالات تنمية العمالات والأقاليم وصناديق الأشغال والوكالات المستقلة لتوزيع الماء والكهرباء والوكالات الجهوية لتنفيذ المشاريع، والذين يتعين عليهم التأكد من التزام الأطراف المتعاقدة بدفع مساهماتها المبرمجة.

وأكد وزير الداخلية أن التوجهات التي تضمنتها الدوريتان السابقتان حول إعداد وتنفيذ ميزانيات الجماعات الترابية برسم سنة 2022، تظل سارية المفعول، خصوصا منها تلك المرتبطة باختبار المشاريع ذات المردود الاجتماعي والاقتصادي واستثناء مشاريع التهيئة الحضرية والإنارة العمومية والمناطق الخضراء، خاصة لمواجهة الخصاص المسجل على صعيد الموارد المائية. ويشمل هذا الاستثناء، كذلك، الأشغال المتعلقة بالصفقات الإطار والصفقات القابلة للتجديد التي تهم الصيانة الاعتيادية للطرقات والمساحات الخضراء. ودعا وزير الداخلية ولاة الجهات وعمال العمالات وعمالات المقاطعات والأقاليم إلى العمل

على تعميم مضمون هذه الدورية على رؤساء الجماعات الترابية والحرص الشديد على تنفيذ مقتضياتها.

أما بخصوص تقديرات النفقات، فقد سبق لوزير الداخلية أن شدد في دورية سابقة على ضرورة الحرص على توازن الميزانية ووضعها على أساس صدقية تقديرات المداخيل والنفقات وفتح الاعتمادات الضرورية لتغطية جميع النفقات الإجبارية، وترشيد تقديرات النفقات من خلال التحكم في تكاليف الموظفين وحصرها في ما من شأنه تحسين جودة الخدمات المقدمة للمرتفقين، ورصد المناصب الشاغرة، وتسجيل مساهمات الجماعات الترابية في تمويل نظام التغطية الصحية «راميد» كنفقة إجبارية. وفي هذا الإطار سيتم إرسال مبالغ هذه المساهمات عن طريق البريد الإلكتروني للعمالات والأقاليم، وتسجيل واجبات الانخراط لمجالس الجماعات الترابية في جمعية المنتخبين كنفقة إجبارية، وكذلك تسجيل النفقات المترتبة عن التعاون اللامركزي للوفاء بالالتزامات التي تم التعهد بها بعد إبرام الاتفاقيات أو التوأمة، وخاصة الإجراءات التي تعزز التعاون اللامركزي جنوب جنوب، وتسجيل المتأخرات المتعلقة بتفويت أراض سلالية للجماعات الترابية واعتبارها نفقة إجبارية.

وحث وزير الداخلية على ترشيد استهلاك الطاقة في المباني التابعة للجماعات الترابية والإنارة العمومية، وترشيد استهلاك الماء الصالح للشرب، وترجمة الاعتمادات المخصصة إلى مؤشرات خاصة، تعكس التكلفة بالنسبة للفرد الواحد من الساكنة، في ما يتعلق باستهلاك المياه والكهرباء والاتصالات السلكية واللاسلكية، والمساحات الخضراء والإنارة العمومية والصرف الصحي والنفايات المنزلية، بهدف تحقيق انسجام إقليمي ووطني. كما دعا الوزير إلى عقلنة المصاريف المتعلقة بالنقل والسفر داخل المملكة وخارجها، واستئجار وتهيئة المباني الإدارية وتأثيثها، وتنظيم واستقبال الضيوف وتنظيم الحفلات الموسيقية والمؤتمرات والندوات وتكلفة الدراسات والإعانات والاعتمادات المخصصة للجمعيات، وكذلك اقتناء واستئجار السيارات وغيرها خصوصا مع ما تستدعيه الظرفية الصحية الحالية، وتسجيل أصل القرض بقسم التجهيز أثناء وضع ميزانيات التسيير، بالنسبة للجماعت الترابية التي لم تعتمد ميزانيتها داخل الأجال المحددة، وتصفية متأخرات نفقات الموظفين، استهلاك الماء والكهرباء، التدبير المفوض للنفايات وتسديد القروض، وتنفيذ الأحكام، والمساهمة في مؤسسات التعاون بين الجماعات.

وأشارت الدورية إلى أن الجماعات الترابية مدعوة لإبرام بروتوكولات رضائية متعددة السنوات قصد تصفية هذه المتأخرات وتحميل المسؤولية للأشخاص الذين كانوا سببا في الأحكام وإن اقتضى الحال العمل على إصدار أوامر بالتحصيل في حقهم.

 

وزارة الداخلية: تضارب المصالح موجب للعزل

 

أشهرت وزارة الداخلية عصا العزل في وجه المنتخبين الجامعين بين المهمة الانتدابية، ودعا وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت في دورية توصل بها الولاة والعمال، إلى مباشرة مسطرة العزل في حق كل عضو منتخب في جماعة ترابية معينة، ثبت أنه تربطه مصالح خاصة مع الجماعة التي ينتمي لها، وشددت دورية وزارة الداخلية على ترتيب الآثار القانونية التي تقتضيها وضعية ربط المنتخبين لمصالح خاصة مع الجماعات الترابية التي ينتمون لمجالسها، وذلك من خلال مباشرة الإجراءات المتعلقة بالعزل، فيما نبهت الوزارة ضمن ذات الدورية، إلى أن المادة 68 من القانون التنظيمي رقم 111.14 المتعلق بالجهات، والمادة 66 من القانون التنظيمي رقم 112.14 المتعلق بالعمالات والأقاليم والمادة 65 من القانون التنظيمي رقم 113.14 المتعلق بالجماعات، نصت على أنه يمنع على كل عضو من أعضاء مجلس الجماعة الترابية أن يربط مصالح خاصة مع الجماعة الترابية التي هو عضو فيها أو مع هيئاتها مؤسسات التعاون بين الجماعات.

ونصت المادة ذاتها، بحسب وزارة الداخلية، على أنه يمنع على كل عضو أن يربط مصالحه الخاصة، مع «مجموعات الجماعات الترابية التي تكون الجماعة الترابية عضوا فيها أو شركات التنمية التابعة لها…»، أو أن يبرم معها عقودا للشراكات وتمويل مشاريع الجمعيات التي هو عضو فيها، وبصفة عامة أن يمارس كل نشاط قد يؤدي إلى تنازع المصالح، سواء بصفة شخصية أو بصفته مساهما أو وكيلا عن غيره أو لفائدة زوجه أو أصوله أو فروعه، كما أكد وزير الداخلية أن كل منتخب ثبت في حقه إخلال بالمقتضيات المنصوص عليها بكيفية صريحة وواضح، من خلال ربطه مصالح خاصة مع جماعته الترابية أو هيئاتها أو يمارس أي نشاط كيفما كان ينتج عنه بصفة عامة تنازع المصالح، بصفته شخصا ذاتيا أو كعضو في الهيئات التسييرية لأشخاص معنويين (شركات أو جمعيات)، فإنه يتعين الحرص على ترتيب الآثار القانونية التي تقتضيها هذه الوضعية، وذلك من خلال مباشرة الإجراءات القانونية المتعلقة بعزل المنتخبين.

وأوضحت دورية الوزارة، أن المقتضيات سالفة الذكر، جاءت بصيغة العموم والإطلاق دون تحديد من حيث النطاق الزمني، مما يكون معه المنع قائما بالنسبة لأية علاقة مستمرة خلال الولاية الانتدابية الحالية ولو ابتدأت قبلها، لأن الغاية والنتيجة واحدة سواء ربطت المصالح قبل الولاية الحالية أو خلالها ما دام أن وضعية تنازع المصالح تبقى قائمة باستمرار العضو بمجلس الجماعة الترابية في علاقة المصلحة الخاصة أو ممارسة أي نشاط كيفما كان له علاقة بمرافق الجماعة الترابية أو مع هيئاتها (مؤسسات التعاون بين الجماعات أو مجموعات الجماعات الترابية التي تكون الجماعة عضوا فيها أو شركات التنمية التابعة لها أو شركات التدبير المفوض)، مشيرة إلى أنه لوحظ من خلال الاستشارات القانونية التي تتوصل بها مصالح وزارة الداخلية، أن بعض المنتخبين بمجالس الجماعات الترابية يستمرون في علاقتهم التعاقدية أو ممارسة النشاط الذي كان يربطهم بجماعتهم الترابية قبل انتخابهم لعضوية مجلسها سواء من خلال كراء المحلات التجارية أو تسيير أو استغلال مرافق تجارية في ملكية الجماعة الترابية، كأشخاص ذاتيين أو كأعضاء في هيئات التسيير لأشخاص معنويين الشركات والجمعيات.

ودعا عبد الوافي لفتيت، ولاة الجهات وعمال العمالات والأقاليم وعمالات المقاطعات إلى تعميم مضامين هذه الدورية على كافة رؤساء مجالس الجماعات الترابية والمقاطعات التابعة لدائرة نفوذهم الترابي والسهر على تطبيق ما جاء فيها، تطبيقا لقواعد الحكامة وتكريسا لمبادئ وقيم الديمقراطية والشفافية وربط المسؤولية بالمحاسبة.

وتوصل عشرات المنتخبون باستفسارات من الولاة والعمال حول ربطهم لمصالح خاصة بالجماعات التي هم أعضاء فيها، يطلبون منهم تقديم إيضاحات كتابية داخل أجل 10 أيام، وتنص المادة 65 من القانون التنظيمي للجماعات، على أنه يمنع على كل عضو من أعضاء مجلس الجماعة أن يربط مصالح خاصة مع الجماعة أو مؤسسات التعاون أو مع مجموعات الجماعات الترابية التي تكون الجماعة عضوا فيها، أو مع الهيئات أو مع المؤسسات العمومية أو شركات التنمية التابعة لها، أو أن يبرم معها أعمالا أو عقودا للكراء أو الاقتناء أو التبادل، أو كل معاملة أخرى تهم أملاك الجماعة، أو أن يبرم معها صفقات الأشغال أو التوريدات أو الخدمات، أو عقودا للامتياز أو الوكالة أو أي عقد يتعلق بطرق تدبير المرافق العمومية للجماعة أو أن يمارس بصفة عامة كل نشاط قد يؤدي إلى تنازل المصالح، سواء كان ذلك بصفة شخصية أو بصفته مساهما أو وكيلا من غيره أو لفائدة زوجته أو أصوله أو فروعه، وتطبق نفس الأحكام على عقود الشراكات وتمويل مشاريع الجمعيات التي هو عضو فيها.

وتطبق مقتضيات المادة 64 من القانون التنظيمي للجماعات على كل عضو أخل بهذه المقتضيات، وتنص على أنه إذا ارتكب عضو من أعضاء مجلس الجماعة غير رئيسها، أفعالا مخالفة للقوانين والأنظمة الجاري بها العمل تضر بأخلاقيات المرفق العمومي ومصالح الجماعة قام عامل الإقليم أو من ينوب عنه عن طريق رئيس المجلس بمراسلة المعني بالأمر للإدلاء بإيضاحات كتابية حول الأفعال المنسوبة إليه داخل أجل لا يتعدى 10 أيام ابتداء من تاريخ التوصل، ويجوز لعامل الإقليم أو من ينوب عنه، بعد التوصل بالإيضاحات الكتابية، أو عند عدم الإدلاء بها بعد انصرام الأجل المحدد، إحالة الأمر إلى المحكمة الإدارية، وذلك لطلب عزل عضو المجلس المعني بالأمر من مجلس الجماعة أو عزل الرئيس أو نوابه من عضوية المكتب أو المجلس، وتبت المحكمة في الطلب داخل أجل لا يتعدى شهرا من تاريخ توصلها بالإحالة، وفي حالة الاستعجال، يمكن إحالة الأمر إلى القضاء الاستعجالي بالمحكمة الإدارية الذي يبت فيه داخل أجل 48 ساعة من تاريخ توصله بالطلب، ويترتب على إحالة الأمر إلى المحكمة الإدارية توقيف المعني بالأمر عن ممارسة مهامه إلى حين البت في طلب العزل، ولا تحول إحالة الأمر إلى المحكمة الإدارية دون المتابعات القضائية، عند الاقتضاء.

 

 

ثلاثة أسئلة

 

بن يونس المرزوقي*

*أستاذ القانون العام والعلوم السياسية بكلية الحقوق بوجدة

 

«ترشيد النفقات والتقشف بالمجالس المحلية يتطلب معالجة تشريعية وإرادة سياسية»

 

هل دوريات وزارة الداخلية للمجالس المحلية، بخصوص ترشيد إنفاق المال العام، كفيلة بالحد من تبذيره؟

تنبغي الإشارة إلى أنه قد حان الوقت للتفكير في طرق جديدة، من أجل حث المنتخبين بخصوص مسألة التقشف وعقلنة النفقات، والسبب في ذلك يرجع إلى استعمال الدوريات، لما يثيره ذلك من إشكالات قانونية، لاعتبار أن الدورية أو المنشور أو التعليمات المصلحية ليس له قيمة قانونية، إذن فالأصل هو الحث على تطبيق القانون الصادر، وفق مساطر محددة في الدستور ومختلف القوانين التنظيمية، أما مسألة الدوريات فهي تثير الإشكال حتى في الممارسة القانونية، إذ إنه كيف لسلطات المراقبة أن تطالب مجالس الجماعات المحلية بالتقشف وهي قد أشرت على مشاريع ميزانياتها، وبالتالي فقد كان ينبغي أن يتم التعامل بصرامة مع مشاريع الميزانيات عند إعدادها، وليس بعد صدورها، ومن الضروري هنا التفكير في طرق جديدة، تكون من خلالها سياسة التقشف حاضرة عند إعداد الميزانيات لتلك المشاريع.

أما الجانب الثاني، فالمسؤولية هنا مشتركة، ما دام أن جل الصلاحيات الأساسية للمؤسسات المنتخبة تمر بشكل أو بآخر عبر سلطات المراقبة، إما في إمكانية إبطالها أو اعتبارها في الأصل باطلة، وانطلاقا من ذلك، فينبغي على سلطة المراقبة أن تشدد في مراسلاتها، ليس بدوريات عامة، وإنما بمراسلة على كل صفقة أو خطوة يبدو لسلطة المراقبة أنها لا تحقق التقشف المطلوب، أو أنها تؤدي إلى تبذير المال العام.

 

ماذا بخصوص تعمد مجالس محلية تخصيص صفقات ضخمة وامتيازات لأعضائها، رغم تداعيات الأزمة الاقتصادية، وتراجع الموارد المالية للبلاد؟

أشير إلى أنه فعلا من المهم جدا استحضار وجود أزمة، لكن مع التلميح إلى أنها ليست أزمة قارعة، لأن مخلفات آثار جائحة كورونا ما زالت موجودة، وعلى ذلك فإن الاستمرار في منح امتيازات للمنتخبين، أو تمكينهم من عقد صفقات ضخمة وربما غير ضرورية، مسألة تدعو إلى الانتباه والتنبيه، فالأزمة وآثارها ينبغي أن تحل في هذا الجانب، في إطار ما قلته بخصوص استحضار هذا الموضوع، إبان إعداد وتحضير مشاريع الميزانيات، ثم بعد ذلك يمكن للحكومة أن تصدر قرارا حكوميا معينا بتقليص أو خفض النفقات بنسبة معينة، وهذا يعطي نتيجة أفضل بكثير من إصدار الدوريات والمذكرات، والتي سيبقى دائما مصيرها مصير المذكرات والدوريات السابقة، وهنا يجب التأكيد على أنه رغم تراجع الموارد المالية للدولة، فتلك النفقات بقيت مرتفعة في بعض الأحيان لما فيه مصلحة الجماعة والساكنة، وأحيانا أخرى في مسائل تكميلية غير ذات أهمية، وعلى ذلك فإنه من الواجب تحريك كل وسائل المراقبة من المفتشية العامة لوزارة الداخلية، والمجلس الأعلى للحسابات، والمجالس الجهوية، والمفتشية العامة لوزارة المالية، وبالتالي فمن خلال تكثيف وتنويع وسائل المراقبة يمكن عقلنة نفقات المؤسسات المنتخبة.

 

ما هو المدخل لمعالجة تضارب المصالح بالمجالس المحلية؟

أعتقد أنه ينبغي معالجة مسألة تضارب المصالح، أولا، بتطبيق المقتضيات الدستورية التي تنص على ذلك، وثانيا، بتنزيل تلك المقتضيات بنصوص قانونية، وليس دوريات أو مناشير، وبعد ذلك يمكن أن يشكل رئيس الحكومة وأعضاء الحكومة نموذجا في محاربة تضارب المصالح، حتى يمكن لرؤساء الجماعات ورؤساء مجالس العمالات والأقاليم ورؤساء مجالس الجهات تتبع ما يقوم به أعضاء الحكومة، فالرأي العام الوطني حاليا يناقش مثلا مسألة تضارب المصالح، بين منصب رئيس الحكومة، والاشتغال في مجالات حيوية في الاقتصاد الوطني، وبالتالي فكيف يمكن إقناع رؤساء المجالس المنتخبة بتجنب تضارب المصالح، دون تقديم قدوة ومثال من خلال السلطة الحكومية، أو أن نطالب هؤلاء المنتخبين بعدم السقوط في تضارب المصالح، وهم يرون خرق بعض أعضاء السلطة الحكومية لهذا المبدأ. من هذا المنطلق يمكن القول إن موضوع الحد من تضارب المصالح، هو مسألة إرادة سياسية بالجانب الأول، ثم معالجة تشريعية من خلال قوانين واضحة، كما ذكرت سابقا.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى