شوف تشوف

الرأيالرئيسيةسياسية

لن تُقرع الطبول هذا العام..

 

 

يونس جنوحي

تقنين زراعة القنب الهندي أصبح أمرا واقعا. وقد بدأت عملية توزيع الرخص، والمزارعون الآن يشتغلون على المحصول الموجه إلى الاستعمالات الطبية.

أي إن نبتة القنب الهندي التي تذهب إلى صدور وأدمغة المواطنين، سوف تُوجه كلها لأغراض صناعية. وهذا يعني أن وضعية الفلاحين والسكان المحليين في المناطق التي تنتشر فيها هذه الزراعة، لا بد أن تتغير كليا.

الجالسون في الرباط، لم يستوعبوا بعد أن سكان المناطق المستهدفة كانوا يعيشون لعقود طويلة «خارج القانون»، وهو ما تسبب في أوضاع اجتماعية مأساوية لعدد من الأسر، التي كانت تنشط في عملية زراعة القنب الهندي خارج القانون.

وبسبب الفراغ القانوني، كانت تُحرك متابعات في حق المزارعين، ويصبح أبناؤهم «مبحوثا عنهم» من طرف السلطات العمومية، بسبب حيازة نبتة القنب الهندي.

الآن، مع التوجه نحو استغلال النبتة لأغراض طبية، ووجود إمكانيات على أرض الواقع. ورغم فترة الانتظار الطويلة التي استمرت منذ يوليوز 2021، تاريخ الإعلان عن إقرار قانون تقنين استعمالات القنب الهندي، إلا أن مئات الشباب ينتظرون اليوم دورهم للاستفادة من خدمات وكالة تقنين القنب الهندي.

في يونيو الماضي افتتحت الوكالة أحد أهم اجتماعاتها الأولية للإعلان عن الخدمات التي توفرها، بحضور وزير الداخلية.

هذه الوكالة تتولى أساسا منح الرخص للمزارعين، وكشفت منذ عام بالضبط، عن المراسيم التطبيقية التي تهم الجوانب الفنية لهذا القانون.

لكن مئات الشبان لا يزالون ينتظرون إلى اليوم دورهم للاستفادة من خدمات الوكالة، وتحويل القنب الهندي الذي تزرعه عائلاتهم في الأراضي الموروثة أبا عن جد إلى استعمالات طبية لأول مرة، بعد عقود طويلة من تخزينه في المنازل، مع كل المشاكل التي يجرها هذا الإجراء على العائلات، سواء مع السلطات أو مع أباطرة المخدرات.

وهؤلاء اعتادوا الحصول على النبتة من الفلاحين بأبخس الأثمان، وبعد تحويلها إلى مخدرات صلبة يجنون الملايير.

الآن، يُنتظر أن تعرف الدورة الصناعية للقنب الهندي منعطفا آخر، وسوف يُوجه لصناعة الأدوية ومواد البناء وأغراض صناعية أخرى تتعلق بالأنسجة الصناعية المتينة والأدوات الطبية.

في المناطق التي تنتشر فيها زراعة القنب الهندي، يوجد مئات الشبان خريجي الجامعات المغربية. أغلبهم درسوا إما في فاس أو الرباط، وعادوا إلى قراهم في انتظار عبور سور مباريات التوظيف في الوظيفة العمومية، ويعيشون في قرى منسية ومعزولة تماما، ولا يوجد لديهم أي بديل عن زراعة القنب الهندي، نظرا إلى صعوبة تضاريس المساحات المزروعة، ما يجعلها غير مؤهلة لزراعة أي شيء، باستثناء «القنب».

على السياسيين والمنتخبين الذين عارضوا مشروع قانون زراعة القنب الهندي أن يقدموا اعتذارهم إلى المغاربة.

إذ استُعمل النقاش سياسيا للتأثير في انتخابات شتنبر 2021، وكذب عدد من السياسيين على المغاربة، عندما حاولوا تصوير مشروع القانون على أنه محاولة لهدم قيم وأخلاق المغاربة، ويمثل تشجيعا على التعاطي لزراعة المخدرات.

أين هؤلاء اليوم وهم يرون كيف أن أسرا مغربية تتزايد أعدادها كل يوم، أصبحت تستفيد من القانون المنظم لهذه الزراعة ولم يعد يقلقها هاجس مصادرة المحصول أو سرقته من طرف تجار المخدرات؟

أحيانا تصبح قاعدة: «السياسة مصالح»، فجة للغاية. ما وقع يستحق فعلا أن يُتابع سياسيون بسببه، لأنهم كانوا مستعدين لكي يُقبروا أحلام آلاف البسطاء المغاربة مقابل الفوز بالانتخابات.

ألم يقل عبد الإله بنكيران، الأمين العام الحالي لحزب العدالة والتنمية، إن تقنين زراعة القنب الهندي يهدد شباب المغرب ويشجع على تدمير قيم المجتمع؟

هناك الآن وكالة وطنية تشرف على سير العمل في المزارع وتوزيع الرخص. ورغم أن هناك ترقبا في صفوف الشباب للاستفادة من القانون الجديد، وبُطئا في العملية، إلا أن النتيجة لن تظهر إلا عندما تُجنى المحاصيل. ووقتها لن يُسمع ذلك الصوت المزعج القادم من المنازل الطينية، بسبب القرع المستمر للطبول، حتى يستخرج الفلاحون البسطاء «غُبار الكيف» من النبتة التي شغلت الناس، وأخرجت السياسيين من سُباتهم.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى