لماذا غابت إسبانيا عن المناورات؟
يونس جنوحي
غابت إسبانيا عن مناورات الأسد الإفريقي العسكرية التي تجري في الصحراء المغربية هذه الأيام، بمشاركة جيوش من مختلف دول العالم أبرزها الولايات المتحدة الأمريكية.
التبرير الذي قدمته إسبانيا يتعلق بالأزمة المالية، لكن الأمر لا يحتاج إلى مزيد شرح. فمناورات الأسد الإفريقي في نسختها 17 تميزت هذه المرة بأنها سوف تجري في مناطق كانت البوليساريو تعتبرها سيادية بالنسبة إليها..، خصوصا في منطقة المحبس. إذ رغم نفي الجزائر أن تكون المنطقة مسرحا لمناورات عسكرية في إطار مناورات الأسد الإفريقي، جاء الرد صاعقا للجزائريين، لأن مواقع كثيرة في الصحراء المغربية كانت مسرحا لهذه المناورات التي تحضرها سنويا أقوى جيوش العالم.
جل المسؤولين العسكريين في حلف الناتو، سبق لبعضهم حضور مناورات الأسد الإفريقي في المغرب، وبعضهم لا يزالون يحتفظون في مكاتبهم العسكرية بصور تذكارية في منطقة مير اللفت جنوب مدينة أكادير.
وكثيرا ما أشاد هؤلاء العسكريون الأمريكيون بمستوى الجيش المغربي في تلك المناورات، سواء في فرق الطيران أو المشاة. ولم يسبق أبدا للجزائر أن كانت طرفا في مناورات لجيوش من مختلف الجنسيات، لا في إفريقيا ولا في أي مكان آخر في العالم، رغم أنها تصرف ملايين الدولارات سنويا على التسلح.
غياب إسبانيا عن مناورات الأسد الإفريقي، وتزامن هذا الأمر مع ترويج أخبار عن احتمال فرض تأشيرة «شينغن» على سكان تطوان والناظور للولوج إلى سبتة ومليلية، كلها مؤشرات تؤكد أن الأزمة توجد في إسبانيا وليس في المغرب.
ورغم أن الإسبان يدفعون باتجاه توريط المغرب في مسألة استغلال القاصرين في ما صار يعرف حاليا بواقعة العبور نحو سبتة، إلا أن القرار الرسمي المغربي بإرجاع القاصرين المغاربة الذين لا يتوفرون على مرافق إلى بلادهم، ضرب المخطط الإسباني في مقتل.
المشكل أن ذاكرة الإسبان قصيرة. فالإعلام الإسباني عرض أكثر من عمل صحافي توثيقي لظاهرة وجود القاصرين المغاربة في بعض الدول الأوربية خارج التراب الإسباني وداخله، وأشارت بعض الأعمال الصحافية، التي أنتجها صحافيون إسبان يعملون في قنوات غير رسمية إلى أن هؤلاء القاصرين غادروا صوب إسبانيا بدون إخبار ذويهم ومنهم من يعود أدراجه إلى المغرب بسبب ضغوطات العائلة.
وأوضح تحقيق استقصائي أذيع على منصة arte سنة 2016 أن السلطات المغربية بتنسيق مع عدد من الجمعيات كانت تعيد قاصرين مغاربة بسهولة إلى المغرب تشجيعا لمن بقي منهم على العودة. ومن خلال الاستجوابات التي أجريت مع بعض هؤلاء القاصرين، دون إخفاء ملامحهم للأسف، اتضح أنهم تسللوا في شاحنات للنقل الدولي، أو دفعوا المال لسائقين من جنسيات أوربية مقابل تهريبهم وسط السلع، أي بدون علم السلطات المغربية.
فرض التأشيرة على الراغبين في الدخول إلى سبتة ومليلية من المناطق المجاورة للمدينتين الحدوديتين، قد يعمق المشكل المتعلق بهجرة القاصرين مستقبلا. وهناك آلاف الصور والتسجيلات التي يمكن الوصول إليها بنقرة واحدة، والتي تظهر بوضوح غض الحرس الإسباني الطرف عن اختراقات للسياج المضروب بينهم وبين المغرب، على يد مرشحين للهجرة السرية من مختلف الجنسيات الإفريقية..، حيث لا يتم اعتقال المرشحين للهجرة السرية إلا بعد وصولهم إلى المدينة، ويتم التعامل معهم غالبا بمزاجية.
هذا الملف الشائك كان ولا يزال، بالنسبة للإسبان، مجرد ورقة ضغط لتوجيه اتهامات مجانية إلى المغرب، سواء تعلق الأمر بقاصرين مغاربة أو مسنين من ساحل العاج.