شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسية

«لم الشمل» المفترى عليه

انطلقت القمة العربية 31 بالعاصمة الجزائر، لكن الغريب في الموضوع أن كلمة الرئيس عبد المجيد تبون، عن الوحدة العربية ولم الشمل والمغرب العربي، بدت أقرب إلى النفاق الديبلوماسي منه إلى قناعات وممارسات. فلو كان رئيس الجزائر يؤمن بما يقول، ويمارس شعاراته على أرض الواقع، لما وصل حال العلاقات بين الرباط والجزائر إلى ما وصل إليه من انحدار خطير. ولو طبق تبون خمس ما ورد في خطابه لتحولت شمال إفريقيا إلى قبلة للاستقرار والتنمية ووحدة الدولة، لكن الحقيقة أن تبون يقول ما لا يفعل، و«كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون».

فما معنى أن يدعو تبون إلى بناء تكتل اقتصادي عربي يحفظ المصالح المشتركة للعرب ويقوم على تحديد الأولويات، مع التركيز على مجالات العمل المشترك، التي يكون لها أثر إيجابي سريع تشعر به الشعوب العربية، دون التفكير في خلق بيئة ديبلوماسية مشجعة على المصالحة وحسن الجوار.. كيف يمكن أن نبني هذا التكتل الوحدوي والجزائر همها اليومي تقسيم الوحدة الترابية المغربية ودعم الانفصال؟ كيف لهذا التكتل أن تقوم له قائمة و«الجار» الشرقي لم يترك أي وسيلة إلا ولجأ إليها في محاولته لخنق الاقتصاد المغربي والإضرار بمصالحنا الوطنية؟

وكم كان عبد المجيد تبون متناقضا وهو يدعو إلى المصالحة العربية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول واحترام وحدتها وسيادتها، وهو الذي يتزعم نظاما سياسيا وعسكريا استثمر منذ حوالي نصف قرن كل طاقته وأمواله وأسلحته ورشاواه للدول لضرب وحدة الدولة المغربية.

في الحقيقة، لقد ضيعت الجزائر، من خلال القمة العربية، فرصة ربما لن تعوض للم شملها مع جارها المغرب أولا، فالكل كان يراهن على أن تكون قمة الجامعة قنطرة لإعادة مياه حسن الجوار إلى مجاريها، في ظل وضع دولي وإقليمي حساسين. لكن صناع القرار في قصر المرادية كان لهم تخطيط آخر، فقد أظهرت الممارسات الرعناء التي مورست في حق بلدنا أن القمة فشلت قبل أن تبدأ وأن كل ما رافقها من غيابات لقادة وازنين لا تليق بحمل شعار لم الشمل، الذي ظل فارغا من أي مضمون.

ومن المؤكد أن عدة اعتبارات حكمت بالنهاية وحددت بشكل أساسي مستوى التمثيل المغربي في القمة العربية الأخيرة، لكن الثابت أن التصرفات الصبيانية لصناع القرار بالجزائر، والهوة الشاسعة بين الخطاب المسوق والممارسة الفعلية، جعلت ملك المغرب يتحفظ عن المشاركة في قمة «لم الشمل» المفترى عليه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى