شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةسياسية

للأزمات فوائد أيضا

من حسنات الأزمات المتعددة والمركبة التي تواجهها بلادنا (إن كانت لها حسنات) أنها كشفت عن الكثير من الزيف والكذب في سياساتنا العمومية، وعرت وجوه النقص والعجز الذي تعرفه العديد من القطاعات الحيوية، جراء عقود من بيع الحكومات المتتالية للوهم والوعود الكاذبة. فما كانت السلطات العمومية ستتحرك في كل الاتجاهات لضمان الأمن المائي والغذائي والطاقي والدوائي لولا السياق الصعب الذي نعيشه، والذي وضع بلدنا وسياساته أمام مرآة الحقيقة المرة.
إن من حسنات هذه الأزمة، بكل تداعياتها المزعجة، أنها جعلتنا كمغاربة لا نحتاج إلى معارضة سياسية دورها الوحيد هو تبخيس المنجزات، بل أعطتنا فرصة لنرى حقيقة أمننا الصحي والغذائي والطاقي والمائي بوضوح تام، لتنكشف لنا بشكل جلي لا ريب فيه كل أوجه العجز والمسؤوليات التقصيرية التي قادتنا لما نحن فيه، وللأسف لم يرتبط كل هذا الفشل الذريع بالمحاسبة والمساءلة.
والحقيقة أنه إلى ما قبل جائحة كوفيد 19 كنا نحسب أننا في وضع مريح مائيا وغذائيا وطاقيا وصحيا وأننا قادرون على تحمل كل المشاق، إلا أن مرورنا بهاته الأزمات المعقدة والمركبة جعلنا نقف حقيقة على قدراتنا المحدودة إلى حين أن تهتدي السياسات العمومية إلى إنتاج حلول تقينا صعوبة العيش. ففي نهاية المطاف لكل أزمة حل كما يقال، ولكن التحدي يكمن في وجود الكفاءات المؤهلة لمواجهة الأزمة ويقع كذلك في العلاقة المتوازنة بين المشكل وسرعة الاستجابة، وبين ما تفرضه الأزمة من حاجيات وما تتطلبه السياسات العمومية.
‏وما لم نواجه هذه الأزمات المتعددة بقوة القدرة على استنباط الحلول الناجعة وتفادي هدر زمن المغاربة في المزايدات الفارغة، وما لم ترتد هذه الأزمات إيجابًا على مراجعة استراتيجيتنا الطاقية والمائية والصحية والغذائية وسياستنا الاقتصادية والمالية والاجتماعية وتقود إلى تنويع إيراداتنا وعدم حصرها في الفلاحة وموارد الجالية والفوسفاط، وغيرها من الموارد الكلاسيكية، فلن نحصل على المفاتيح الأساسية للتغلب على كل مظاهر الأزمة، بل، بالعكس تماما، سنتيه في نفق الأزمة المظلم ولن نعرف سبيلا للخروج منه.

مقالات ذات صلة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى