شهد المشهد التواصلي في الآونة الأخيرة حوارا مؤسساتيا بين والي بنك المغرب والحكومة والمندوبية السامية للتخطيط وحتى حزب التقدم والاشتراكية الذي دخل على الخط برسالة موجهة لرئيس الحكومة. بداية لا يمكن سوى التنويه بخروج مسؤولينا من لغة الصمت إلى لغة الحديث والتدافع الذي من شأنه أن يقضي على بعض رقع الفراغ التي تعشش فيها قوى الشعبوية والعدمية.
لكن الملاحظ أن مسؤولينا، وخصوصا ممن وصلوا إلى مناصبهم عن طريق الانتخابات، مولعون بلغة موليير، ويحصرون تواصلهم مع الرأي العام مع منابر فرانكوفونية بعينها وكأن مئات منابر الصحافة العربية لا وجود لها، وهذا أمر مسيء للمسؤول قبل أن يمس بصورة الصحافة العربية، لأنه لا معنى لمسؤولين يحدثون المغاربة في الانتخابات عندما يتسابقون للفوز بأصواتهم باللغة العربية ويخاطبونهم بالعامية وربما يلجؤون للغة الإشارات، بينما يتحولون بعد تقلد المناصب إلى نخب فرنسية لا يتعاملون سوى مع المنابر الفرنكوفونية اعتقادا منهم أنها الأقرب للمجال الاقتصادي والمالي.
وللأسف لا يدرك مسؤولونا حجم الخسائر التواصلية التي يرتكبونها مع شريحة عريضة من الرأي العام بجعل قضايا معيشة المواطنين اليومية مثل غلاء الأسعار والتضخم بلغة موليير فقط، وإضفائهم الطابع الفرنكوفوني النخبوي تجاه نقاشات سياسية تهم قاعدة شعبية عريضة، وهي التي كان من الضروري التواصل معها باللغة القريبة منها لاستيعاب السياق الذي نعيشه والإكراهات التي تكتنفه والإجراءات والقرارات التي يتم اتخاذها لمواجهة القضايا الأكثر تأزما والتهابا في المدة الأخيرة والمتعلقة بلهيب الأسعار.