لذة الفنجان الأخير
يقتفي المساء أثر المتعبين.. يراقبُ خطواتهم عن كثب.. أحياناً ينحني صوب التراب.. يصغي إلى ما تبقى من الصدى.. يتابع سيره.. محمّلا كالبدو الرّحلِ أطلالهم.. لا يقف باكيا.. يعلم أنهم ينتظرونه.. ليلقوا عليه ثقل همّهم.. ويحكوا قصص أخيلتهم.. بيوم آخر أخفّ وزنا.. هكذا يأتي المساء.. متأهبًا للإصغاء.. فارضا قيادته.. كمايسترو مولع بضبط الإيقاع على المسرح.. يهدهدهم:
فلترقدوا بسلام.. للموتى.. للأحياء.. للمنتحرين في البال.. للبكائين على حوائط ذاكرتهم.. للآسفين على سقوطهم سهوا في هذا العالم.. للمتعبين من لهاثهم المستمر.. للضاحكين أمام مراياهم.. للخاشعين لنقطة البداية.. للصامتين الخائفين.. للصامتين العارفين.. للمختبئين في ذواتهم.. للهاربين من ذواتهم.. لتلك الشجرة التي تحوّلت إلى مرقد أخير..
فلترقدوا بسلام.. ثم تعالوا لننظر للسواد من شرفة منشرحة بنسائم ليل هادئ.. ونستنشق عبير الضوء ونمتص أشعة القمر المخبوءة.. في هذا الصقيل الشاسع المهيب.. ونتنفس بعمق وننفث البؤس من صدورنا.. كآخر سيجارة حمقاء في فم التائب منها.. اطردوا الإحباط وانطلقوا للحياة.. ولا تلقون له بالا.. مزقوا أرديته بمشارط التحدي.. واحرقوها في أتون الإصرار وامضوا قدما بانشراح.. الإقدام والثقة بالنفس طاقة خلاقة.. والمقيدون وحدهم يرزخون في قيود الاحباط.. ويعضون أنامل التردد..!
أن تضعَ كل شيء جانبا.. وتكمل سيرك.. أن تخنق البارحة في حنجرتك ولا تدعها تطفو على عينيك.. أن تسمحَ للهواء بالخروج مباشرة من أقصى تنهيدتكَ دون أنّة تُذكر.. أن لا تراعي سكونَ الحزن المقيم بك وتنفيه إلى عمودك الفقري.. أن تغض النظر عن الهوة المتسعة بينكَ وبين العالم.. أن لا تعد الخطوات للألف ميل.. أن تعجن المستحيل أرغفة لإشباع صبرك.. أن ترصف تراكم صمتك في مكتبة ذاكرتك المنسية.. أن تستيقظ قائلا: «ياااااه اليوم أيضا..!»
أن تشرب قهوتك بلذةِ الفنجان الأخير.
أمر بسيط.. بسيط.. أليس كذلك؟
تعال لننظر للسواد من شرفة منشرحة بنسائم ليل هادئ
ونستنشق عبير الضوء ونمتص أشعة القمر المخبوءة
في هذا الصقيل الشاسع المهيب
ونتنفس بعمق وننفث البؤس من صدورنا
كآخر سيجارة حمقاء في فم التائب منها.
اطردوا الإحباط وانطلقوا للحياة
ولا تلقوا له بالاً.. مزقوا أرديته بمشارط التحدي
واحرقوها في أتون الإصرار وامضوا قدما بانشراح
الإقدام والثقة بالنفس طاقة خلاّقة
والمقيدون وحدهم يرسفون في قيود الاحباط ويعضون أنامل التردد!
أن تضعَ كلّ شيء جانبًا، وتكمل سيركَ
أن تخنقَ البارحة في حنجرتك ولا تدعه يطفو على عينيكَ
أن تسمحَ للهواء بالخروج مباشرة من أقصى تنهيدتكَ دون آنّة تُذكر
أن لا تراعي سكونَ الحزن المقيم بكَ وتنفيه إلى عمودك الفقريّ
أن تغضَ النظر عن الهوة المتسعة بينكَ وبين العالم
أن لا تعدّ الخطوات للألف ميل
أن تعجن المستحيل أرغفةً لإشباع صبركَ
أن ترصف تراكم صمتكَ في مكتبة ذاكرتك المنسية
أن تستيقظ قائلا: «ياااااااااااااااااااه اليوم أيضًا»
أن تشربَ قهوتكَ بلذةِ الفنجان الأخير.
أمرٌ بسيط.. بسيط.. أليس كذلك؟