حسن البصري
سيتوقف الدوري المغربي الرهيب عن الكلام، ليفسح المجال لنهائيات كأس أمم إفريقيا للسيدات، التي ستجرى على ملاعب الرباط والدار البيضاء. سننعم بمتابعة «لبؤات الأطلس» في سعيهن لإحراز لقب قاري يؤهلن لخوض نهائيات كأس العالم، لأول مرة في تاريخ كرة القدم المغربية في نسختها اللطيفة.
قبل أيام تمكن المنتخب المغربي للناشئات من ضمان بطاقة التأهيل إلى مونديال نسوي بالهند، سبقت الصغيرات الكبيرات إلى النهائيات، في انتظار سماع زئير لـ«لبؤات الأطلس» في «كان» المغرب.
الرهان على العنصر النسوي من أجل تعزيز مكانة المغرب كرويا على المستوى القاري، بعد أن تسلقنا التصنيف العالمي في الكرة العادية والصغيرة عند الرجال والنساء، لذا نعول على انخراط الجميع بكل مسؤولية من أجل إنجاح هذا العرس الكروي الذي تحتضنه بلادنا، وتشجيع لاعبات المنتخب الوطني النسوي للفوز باللقب القاري، وضمان المشاركة في كأس العالم إسوة بالناشئات، وبالرجال الذين حجزوا تذكرة المونديال.
غزت نساء عالم الكرة الإفريقية، ولم يعد كأس أمم إفريقيا شأنا ذكوريا، بسبب المؤثرات الناعمة للعنصر النسوي في بطولة تجمع الأفارقة أكثر مما تجمعهم منظمة الوحدة الإفريقية، فقد عشنا في آخر دورة قارية بالكاميرون اختراقا نسائيا لمجال ظل حكرا على الذكور.
سيكون المغرب حاضرا بلاعباته وبحكماته وبمدرباته، وسيكون الجمهور النسائي على موعد مع الحدث، حين سيحاكي جمهور «الفيراج» في مساندته للبؤات وهن يركضن وراء لقب إفريقي هارب، سيردد الشارع الرياضي أسماء اللاعبات ويحملهن فوق صهوة الشهرة. في منتخبنا النسوي قصة إنسانية تستحق أن تروى، فالعميدة غزلان شباك هي نجلة اللاعب الدولي السابق العربي شباك، الذي كاد أن يدخل التاريخ بمشاركته في كأس أمم إفريقيا 1976 رفقة المنتخب المغربي، إلا أن إصابته بعطب قبل السفر ألغت الحلم الساكن في وجدانه، فكان قدره أن يتابع المنافسات عبر المذياع من حي سيدي عثمان.
راهن العربي على ابنته غزلان، كان يأمل أن تعوضه اللقب الممنوع، وحين التحقت بفريق الجيش الملكي وحملت شارة العمادة كبرت زاوية الحلم، وهيأ نفسه لاحتضان الكأس الهاربة من حضنه. لكن «با عروب» مات قبل أن تصعد ابنته منصة التتويج القاري، مات بسكتة قلبية وهو يرتدي بذلة رياضية.
يحمل ملعب حي مولاي رشيد اسم هذا اللاعب، الذي شجع فلذة كبده على ممارسة الكرة في حي كانت فيه الكرة حكرا على الذكور. ستذرف غزلان دموعها حين تتوج باللقب، ستستحضر أحلاما مغتصبة، ستهدي الكأس إلى روح والدها، وستحاول عبثا مصادرة جنونها واعتقال صبيب الدمع، وهي تستحضر حجم تضحيات الفقيد.
بالأسى نفسه ستستحضر لاعبات المنتخب روح المدربة ثريا زريول، التي ماتت قبل أن يتحقق حلم لطالما داعب جفنيها، كانت تؤمن بأن الأقدام الناعمة قادرة على الظفر بكأس أمم إفريقيا، لكنها رحلت تاركة وصية مؤثرة للاعبات: «اهدوني لقبا».
في هذا المحفل الإفريقي النسائي، ستحاول مكونات المنتخب المغربي استخلاص عبارات الثناء من مشجعات اللبؤات، للتأكيد على أن المرأة المغربية لاعبة و«كادة».
لا يقتصر الجهد على اللاعبات، فقد أبلت الحكمة المغربية بشرى كربوبي البلاء الحسن، ففرضت نفسها بشخصيتها البوليسية في قطاع التحكيم، لأن الفصل بين المتنازعين من المهام اليومية للشرطة.
لذا دخلت بشرى التاريخ والجغرافيا حين صنفت كأول حكمة تقود غرفة تقنية الفيديو المساعد «الفار»، في بطولة أمم إفريقيا «للذكور» بالكاميرون، وستكون من بين قياديات «كان» نون النسوة بين الرباط والدار البيضاء، إلى جانب فتيحة جرمومي التي كانت تقود المواجهات الذكورية بطلاقة.
في «الكان» النسوي صور مستنسخة من مهرجانات السينما العالمية، نساء يمسكن خيوط الكرة، ملامحهن جذابة ولباسهن في منتهى الأناقة، لا ينقصهن سوى بساط أحمر ليكتمل مشهد الاحتفال.