شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسية

كلام لا بد منه

قضيتان شغلتا بال الرأي العام هذا الأسبوع، وتحتاجان صدور إشارات جيدة ورسائل إيجابية من المؤسسات المعنية بواقعتين، ليس لجبر خاطر الرأي العام أو انصياعا لإرادته العاطفية، بل لترسيخ مصداقية المؤسسات وجعل الثقة فيها فوق كل اعتبار. أولا، قضية الاغتصاب الجماعي لطفلة قاصر، والتي انتهت بإصدار حكم قضائي أقل ما يمكن أن يقال عنه أنه حكم مخفف، وثانيا، قضية رئيس جماعة إموزار مصطفى لخصم، الذي كان ينبغي دعمه في محاربة «الخروقات» بجماعته بدل التضييق عليه سياسيا وإداريًا.

 في قلب هاتين الحادثتين، تتصارع فكرتان لا يمكن أن نضحي بإحداهما على حساب الأخرى، بل من المفروض أن تكمل الأولى الأخرى، وهما فكرة أن لا أحد فوق القانون والقانون هو الفيصل الوحيد في أي واقعة، والفكرة الثانية مفادها أن المؤسسات فوق الأشخاص، وكلتاهما فكرة صحيحة.

وللأسف فإن بعض ممثلي مؤسسات حساسة، والتي تحظى بثقة المغاربة، يجرون مؤسساتهم للمواجهة مع الرأي العام وربما مع المجتمع، إما بسبب عدم تطبيق القانون بحذافيره وترك سلطان السلطة التقديرية يفعل ما يشاء، ولو على حساب حق السلامة الجسدية والمعنوية لقاصر، أو بسبب سوء تقدير للأمور والارتجالية أو عدم حساب تبعات ما يتخذونه من قرارات متسرعة أو لحاجة أو مصلحة في نفس يعقوب.

وبدل أن يساهم ممثلو السلطات العمومية، سواء كانت قضائية أو أمنية أو ترابية أو غيرها من السلط، في ضخ مزيد من الشرعية والمشروعية على المؤسسات التي يمثلونها، فإن قراراتهم المعزولة وممارساتهم الشاذة عن القانون والواقع تتحول إلى ضريبة ثقيلة تؤديها تلك المؤسسات من رصيدها الرمزي ورأسمالها الدستوري والمؤسساتي.

وإن ممثلي المؤسسات المكلفة بإنفاذ القانون، وإن كانوا يمثلون مؤسسات تحظى باحترام وتقدير المغاربة، فهذا لا يمنع أن تكون أحكامهم وقراراتهم محل عدم اتفاقٍ، دون أن يعني ذلك تبخيس عمل المؤسسات. صحيح أن هناك من العدميين والشعبويين من يتربص الفرص ويفتش عن مخارج صغيرةٍ وغريبةٍ لتبخيس المؤسسات والنيل منها، والتشكيك في العدالة والأمن والإدارة الترابية، خصوصاً في ظل السياق المتقلب الذي نعيشه، لكن هذا ليس مبررا لعدم محاسبة من يسيء إلى مؤسسته بقرارات لا يقبلها عقل ولا منطق.

والمؤكد أن ما يحصل من تصرفات عبثية أو متعالية أو رعناء، هنا وهناك، هي حالات فردية ومعزولة تهم أصحابها ولا تهم نهجا سويا سطرته المؤسسات الدستورية تحت الضمانة الأساسية للملك محمد السادس.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى