شوف تشوف

الرئيسيةخاص

كلاشات “الدم والنار”.. حين يتحول فن الراب إلى تهديد بالأسلحة البيضاء

رابور: "الكلاشات تكون عبارة عن تمثيل إلا أنها تخرج عن سياقها وضحاياه مراهقون"

طنجة: محمد أبطاش

مقالات ذات صلة

في غضون الأسبوع الماضي، أثار أحد الفيديوهات الذي قدمته مجموعة لغناء «الراب»، الجدل بين الرأي العام بمدينة العرائش، بسبب التهديد والوعيد الذي تضمنه هذا الفيديو، وأظهر أيضا أسلحة بيضاء وسيوفا وسلاسل حديدية يهدد بها هؤلاء «المغنون»، من أسموه بشخص يتواجد خارج التراب الوطني، وأنهم على خلاف معه.
هذا الشريط يتزامن كذلك مع الوضع الذي يعرفه فن «الراب» بمدينة طنجة، بفعل لغة «الدم والنار» التي يتسم بها وما يسمى بـ «الكلاشات»، في ما بين فناني «الراب»، خصوصا من جانب الشبان الصاعدين، الذين يحاولون تسلق سلم الشهرة محليا، وصنع أسمائهم وترك بصماتهم خصوصا في صفوف الآلاف من المراهقين الذين يميلون إلى هذا الفن، ومنهم شباب الجماهير الكروية.

تمثيل وضحايا
مجمل «الرابورات» يرفضون الحديث في الشق المرتبط بأسرار «لغة الكلاشات» ومدى تأثيرها على صورة التراث والفن المغربي. الرابور الشاب حاتم بمدينة طنجة، الذي يعتبر أصغر مغني الراب بالمدينة، وسبق أن فاز بجائزة لصغره، يكشف جانبا من العوامل التي تفسر الانتشار الكبير الذي عرفته الظاهرة بين فناني «الراب» في السنوات الأخيرة.
يقول حاتم، الذي نحت اسمه في وسط يرفض الاعتراف بسهولة إن «هذه الكلاشات بالفعل لا ترقى لمستوى فن الراب الملتزم ذي الرسائل المعنوية»، مضيفا أن الساحة الفنية أصبح فيها منطق «أجي خربق وطلع»، مما جعل عددا من الأشخاص يصعدون للنجومية، وهم لا يتجاوزون في مستواهم التعليمي الخامسة ابتدائي، وكانوا عاطلين قبل ولوج هذا الميدان».
حاتم أضاف، في حديثه مع «الأخبار»، أن اللغة التي يغني بها البعض أصبح مبالغا فيها، وأضحت لغة «الحباسة» هي الطاغية، مما يشجع على العنف، وضحاياهم للأسف يكونون من الأطفال والمراهقين المولعين بهذا الفن.
وقال حاتم إن غالبية «الكلاشات» تكون تمثيلا بين «الرابورات»، فأحيانا يوصي رابور زميله، بإطلاق «كلاش» ضده، ثم يشرع الآخر في الرد عليه لخلق «البوز» على مواقع التواصل الاجتماعي ورفع زوار قنواتهم في «اليوتيوب»، غير أنها تتحول في بعض الأحيان إلى لغة التهديد وتخرج عن سياقها لتجد صداها في الشارع العام، حيث هناك من سيقتدي بهذه «الكلاشات»، مما يتسبب في تشجيع العنف.
وقال حاتم إنه حين يطلب مستمعي هذا الفن، من «الرابورات» نصائح في حياتهم، يقولون لهم «كل وشرب وتريض»، مما يعني أن هناك غيابا لثقافة إيصال رسالة معينة تثقيفية، مما يجعلنا أمام نصائح لأشخاص دون مستوى تعليمي، يتلقفها ضحاياهم كقنابل موقوتة تشجع على الكسل والعنف وتفريخ الإجرام.

بدون خطوط حمراء
ثمة غياب لقوانين صارمة، من شأنها أن تضع حدا للفوضى التي أصبح يتسم بها فن الراب، ما شجع استديوهات على تصوير كل شيء ولو تعلق الأمر بأفلام خادشة بالحياء العام وبثها على الأنترنت، بحسب مصادر متتبعة أكدت أن ذلك يساهم في بروز فوضى عارمة في فن الراب، بطنجة على وجه الخصوص.
خلال يونيو الماضي، قامت المصالح الأمنية بالمدينة، باستدعاء أحد هؤلاء بسبب ظهوره في فيديو مخل بالحياء رفقة فتاتين، حيث تم الاستماع إليه بأمر من النيابة العامة، على خلفية هذا الفيديو الذي بلغت مدته 15 ثانية، لكنه انتشر كالنار في الهشيم على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث ظهرت الفتاتان بلباس عار وترقصان بطريقة مثيرة.
هذا الرابور إلى جانب آخرين أصبحت فيديوهاته تشاهد بقرابة المليون، وغالبيتها تتضمن إيحاءات جنسية مباشرة، وتصور داخل مقاهي الشيشة بالمدينة، مما يضر بشكل كبير بعدد من الهواة لمثل هذا الفن، خصوصا المراهقين على وجه الخصوص، في ظل غياب وازع أخلاقي أو قانوني يفرض ضرورة الحصول على ترخيص أو تكوين قبل ولوج هذا الميدان، مما يجعل الخطوط الحمراء آخر ما يفكر فيه بعض من هؤلاء.

عنف في الشارع
ما زال رواد فن الراب يتذكرون «ليلة سوداء» لمعركة حامية بالسيوف خلال أبريل من سنة 2018، تحولت إلى الضرب والجرح بين مغني الراب في سابقة من نوعها بطنجة، وبطلها علي صامد وأحد المغنين الآخرين، ليدين القضاء صامد، بتسعة أشهر حبسا موقوف التنفيذ، بعد مؤاخذته بتهم تتعلق بـ «الضرب والجرح، وحيازة السلاح الأبيض والمشاركة في أعمال عنف في الشارع».
وجاء الحكم القضائي، الذي وصف بالمخفف، على إثر تنازل الضحية الذي تقدم بشكاية ضده، حيث توصل الطرفان لاتفاق صلح أنهى الصراع بينهما، والذي وصل في وقت سابق إلى المستشفى الجهوي محمد الخامس بالمدينة، عقب نقل الضحية المذكور، في حالة حرجة بعد تعرضه لطعنات وضرب وجرح بواسطة السلاح الأبيض، كما انتقلت مجريات هذه الأحداث إلى ملعب ابن بطوطة بالمدينة، بعدما تم منع  »صامد»، من الوصول إلى المنصة الشرفية، ومحاولة مهاجمته من قبل أشخاص أثناء ولوجه المكان المخصص لمشجعي الفرق الكروية مباشرة بعد العنف الذي تورط فيه.
وكانت المصالح المختصة بولاية أمن طنجة تدخلت وقتها على مستوى شارع عمرو بن العاص في هذه القضية المتعلقة بالضرب والجرح المتبادل وتم نقل أحد طرفيها إلى المستشفى، حيث وجدت بعين المكان، (ع. ق) والملقب بـ «علي صامد»، مغني الراب وهو من ذوي السوابق القضائية، و(د.و)، مغني راب كذلك، وأيضا من ذوي السوابق القضائية، حيث تم نقل الأول إلى مستشفى محمد الخامس لتلقى العلاج، لإصابته بالسلاح الأبيض .
واستنادا إلى معطيات سابقة، فإنه بمستشفى محمد الخامس تم تفقد الشخص الثالث (س.م)، الذي صرح بأنه تعرض للضرب والجرح بالسلاح الأبيض من طرف مغني الراب، وعدد من أصدقائه بالحي المذكور، في الوقت الذي استمعت مصالح الأمن المكلفة بالمداومة إلى أطراف هذا النزاع، حيث أفاد «صامد» بأنه تعرض للضرب والجرح بحي هذا الأخير، وأنه عمل على تسجيل شكاية لدى مصالح الدائرة الأمنية الثانية، ليقوم الشخص المتهم بدعوته للجلوس معه قصد التفاهم من أجل أن يتنازل له عن الشكاية، وضرب له موعدا معه بالحي المذكور مسرح الشجار، وهي الأمور التي تم تأكيدها أمام القضاء ليصدر حكمه في النازلة.

ذوو السوابق ممنوعون
مصادر متتبعة لملف «الراب» بطنجة كشفت أن أصحاب السوابق، أضحوا في لائحة سوداء لدى مصالح الأمن ووزارة الثقافة، وغيرها، حيث بات تواجدهم في مواقع التواصل لا غير، وهو ما من شأنه أن يضيق عليهم الخناق والابتعاد عن هذا الفن كحل وحيد، وأشارت المصادر إلى أن هذا الأمر له أيضا تبعات سلبية، ببقاء أصحاب السوابق في ممارسة «الراب» ما يزيد من لغة العنف والتهديد في حق الجميع، وعودة المواجهات المسلحة بين «الروابة».
يذكر أنه سبق أن أكد فنان الراب علي صامد أن وزارة الثقافة قررت تجميد أي نشاط فني له علاقة بالراب، قائلا إن هذا المنع يطول حتى الحفلات، بدليل إلغاء حفل للراب في مدينة الفنيدق.
كما سبق لوزير الثقافة والشباب والرياضة الناطق الرسمي باسم الحكومة السابق لحسن عبيابة، جواباً عن سؤال صحافي حول قرار وقف أغاني «الراب»، أن أوضح أن «أي أغنية يجب أن تحترم حقوق المغاربة والمواطنين، والثوابت والمبادئ التي تربى عليها المغاربة». وأشار الوزير في ندوة صحفية، إلى أن «الفن وسيلة للتعبير والفرجة، ونحن في دولة الحق والقانون».
وتوعد الوزير مغني «الراب» الخارجين عن القانون، قائلا «أي تصرف خارج القانون يجب أن يقابله فعل المحاسبة. ولا يعقل أن نطالب بالمحاسبة ونكون فوق القانون».
وتزامن ذلك مع نشر فنان «الراب» علي صامد لـ «فيديو» على حسابه الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي «انستغرام»، قال فيه إنه تلقى جوابا حول إلغاء حفل كان يعتزم إحياءه بقرار من وزارة الثقافة، موردا أن «الوزارة قررت تجميد أنشطة الراب حتى إشعار آخر»، وزعم أن «السبب في اتخاذ هذا القرار هو أغنية «عاش الشعب».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى