شوف تشوف

اقتصادالرئيسيةمجتمع

قيود وزارة الصحة تقيد تصدير الأدوية وشركات وطنية مهددة بالإفلاس

الأخبار

في الوقت الذي أعلن وزير الاقتصاد والمالية، محمد بنشعبون، أمام البرلمان، أن الاقتصاد المغربي يتكبد خسارة قدرها 100 مليار سنتيم عن كل يوم من الحجر الصحي، تشتكي العديد من الشركات الوطنية المتخصصة في الصناعة الدوائية من خسائر بملايين الدراهم من رقم معاملاتها بالعملة الصعبة، بسبب القيود التي فرضتها وزارة الصحة على تصدير الأدوية إلى الخارج.

اتهامات لوزارة الصحة

أكدت مصادر من الجمعية المغربية لصناعة الأدوية، أن وزارة الصحة أصدرت مذكرة تحمل رقم 91 تمنع ضمنيا تصدير الأدوية إلى الخارج رغم وجود احتياطي من هذه الأدوية التي لا تدخل في البرتوكول العلاجي للمصابين بفيروس كورونا، وذلك من خلال وضع شروط تعجيزية تتجلى في مطالبة أي شركة تريد التصدير بالإدلاء بما مجموعه 11 وثيقة، تسلم لمديرية الأدوية والصيدلة التابعة لوزارة الصحة،  قصد الموافقة على منح الترخيص بالتصدير. وأوضحت المصادر أن كل وثيقة تتطلب معالجتها وقتا طويلا، ومنها وثائق تسلمها المديرية نفسها، ما قد يكبد الشركات خسائر مالية جسيمة، بسبب اقتراب مدة نهاية صلاحية الأدوية، وتصبح بالتالي غير مقبولة من طرف الموردين، ما يتطلب مصاريف إضافية لإتلافها.

وصرح مصدر من الجمعية أن جل تراخيص التصدير التي وافقت عليها مديرية الأدوية، كانت من نصيب الشركات متعددة الجنسيات، رغم أن الشركات الوطنية تعاملت بإيجابية مع كل التوجيهات الصادرة عن الوزارة، بما في ذلك الدورية رقم 89 الصادرة يوم 31  مارس الماضي، من خلال إرسال معطيات دقيقة أسبوعيا حول مخزون الأدوية التي تتوفر عليها، ومخزون المواد الأولية المستعملة في الصناعة الدوائية، كما استجابت هذه الشركات لكل طلبيات الوزارة بتوفير الأدوية المستعملة في البرتوكول العلاجي لفيروس كورونا، لكن هناك كميات كبيرة من الأدوية لا تستعمل في هذا البرتوكول، كانت معدة للتصدير، وهي الآن عرضة للضياع، بسبب انتهاء مدة صلاحيتها. وأوضح المصدر أنه لكي يتم قبول دواء معد للتصدير، يجب أن لا تقل مدة صلاحيته عن 18 شهرا من أصل 24 شهرا التي تحتسب من تاريخ التصنيع، بمعنى إذا تجاوز ستة أشهر بعد التصنيع لا يمكن تصدير هذا الدواء، ولا يمكن بيعه بالسوق الوطنية، لأن علب ومنشورات الأدوية المعدة للتصدير تكون مكتوبة باللغتين الفرنسية والإنجليزية، في حين يشترط القانون المغربي أن تكون مكتوبة باللغتين العربية والفرنسية.

وأفاد المصدر بأن الدورية الوزارية رقم 91 الصادرة بتاريخ 31 مارس الماضي، لا تستند على أي سند قانوني، وتخالف مقتضيات المادة 7 من مدونة الأدوية والصيدلة، التي لا تتضمن أي شروط أو ترخيص مسبق لتصدير الأدوية، في حين تتضمن المذكرة شروطا تعجيزية غير قابلة للتطبيق، من ضمنها إدلاء الشركة المصدرة بالعديد من الوثائق لمديرية الأدوية والصيدلة، تتضمن بيانات تتوفر عليها المديرية، ما يعقد ويثقل عملية التصدير بسبب هذه الإجراءات.وأشار المصدر إلى أن هذه المذكرة تم إصدارها باتفاق مع رئيس المجلس الوطني للصيادلة المصنعين، الذي لم يتشاور مع المصنعين، لأنها تخدم مصالح الشركات متعددة الجنسيات فقط.

دور الشركات متعددة الجنسيات

حسب المصدر ذاته، فإن الشركات متعددة الجنسيات هي التي أصبحت تتحكم في قرارات مديرية الأدوية بتواطؤ مع مسؤولين كبار بالوزارة، وتفرض شروط التصدير على الشركات الوطنية، في محاولة منها لضرب الصناعة الوطنية. وأكد المصدر أن هناك ثلاث شركات وطنية تمثل أكثر من 70 بالمائة من صادرات الأدوية المصنعة بالمغرب، لم تحصل على الإذن بالتصدير، وأن الشركات التي حصلت على تراخيص لم تتجاوز 10 بالمائة من رقم معاملات الطلبيات المعدة للتصدير.وأفاد المصدر بأن الشركات الوطنية خسرت ما يزيد عن 23 مليون درهم من رقم معاملات التصدير بالعملة الصعبة، رغم أن البلاد في أمس الحاجة إليها. وتحدث المصدر عن شركات تتوفر على  مخزون احتياطي لمدة تفوق خمسة أشهر من الأدوية التي لا تستعمل في البرتوكول العلاجي للمصابين بفيروس كورونا، ورغم ذلك رفضت مديرية الأدوية منحها الإذن بالتصدير، في حين يشترط القانون التوفر على ثلاثة أشهر من المخزون الاحتياطي.

وكشف المصدر وجود مخطط ممنهج بين الشركات متعددة الجنسيات ومسؤولين كبار بوزارة الصحة، لضرب الصناعة الوطنية في ظل الأزمة الصحية، وما تعرفه من إكراهات تهدد هذه الشركات بالإفلاس، حيث تراجعت مبيعات الأدوية بحوالي 75 بالمائة، خلال شهر أبريل الماضي، فيما يشكل تصدير الأدوية 20 بالمائة من رقم معاملات هذه الشركات. ولتأكيد هذا المخطط، تحدث المصدر عن مراسلة جديدة وجهتها المديرية بالنيابة لمديرية الأدوية إلى الشركات المصنعة تحمل رقم 280 بتاريخ 18 ماي الجاري، تفرض من خلالها شروطا كذلك على استيراد المواد الأولية التي تدخل في الصناعة الدوائية، التي أصبحت كذلك خاضعة للترخيص المسبق من طرف الوزارة، وتنضاف إلى الترخيص المسبق للتصدير بشروط.

مديرية الأدوية توضح

في ردها، نفت بشرى مداح، المديرة بالنيابة لمديرية الأدوية والصيدلة بوزارة الصحة، وجود أية عراقيل أو قيود مفروضة على الشركات الوطنية التي تطلب تراخيص لتصدير أدوية إلى الخارج، وأكدت أن المديرية منحت أزيد من 30 ترخيصا لتصدير الأدوية لفائدة شركات وطنية، والتي يقارب عددها 10 شركات، بالإضافة إلى فروع الشركات متعددة الجنسيات الخاضعة بدورها للقانون المغربي، ولا تستفيد من أي امتياز إضافي، وأوضحت أن كل ترخيص يتضمن عددا كبيرا من الأدوية، وأعطت مثالا بإحدى الشركات التي حصلت على ترخيص واحد صالح لتصدير 28 دواء.

وكشفت مداح أنه تم، خلال فترة الأزمة الصحية، تصدير كميات مهمة من الأدوية لدول إفريقية وأوربية، مثل تونس وموريتانيا والكاميرون والسينغال والكوت ديفوار وفرنسا والبرتغال وغيرها، وذلك مع مراعاة المخزون الاحتياطي من الأدوية.

وبخصوص الشروط المطلوبة في المذكرة الوزارية، أوضحت مداح أن جميع الدول فرضت قيودا على تصدير الأدوية خلال الأزمة الصحية التي يمر بها العالم، واشترطت ضرورة الحصول على ترخيص مسبق من وزارة الصحة، من أجل الحفاظ على المخزون الاحتياطي للأدوية التي يحتاجها المواطنون، وقالت «يجب ضمان وجود الدواء لعلاج المواطن المغربي أولا قبل التفكير في التصدير».

وصرحت مداح أن وزير الصحة عقد اجتماعا مع رئيس الجمعية المغربية للصناعة الدوائية، وقدم له كل الشروحات، وأعطى الوزير تعليمات صارمة بتسريع وتيرة منح التراخيص لتصدير فائض الأدوية، مؤكدة أن مدة دراسة الطلبات لمنح التراخيص لا تتجاوز ثلاثة أيام. وبخصوص الشروط التي يقول المصنعون إنها تعجيزية من قبيل كثرة الوثائق، كشفت المسؤولة بوزارة الصحة أنها وجهت رسالة لجميع الشركات بتاريخ 4 ماي الجاري، طلبت من خلالها توضيح المشاكل التي تعترضها في الحصول على تراخيص التصدير، وعبرت عن استعدادها لحل كل المشاكل المطروحة من خلال عقد اجتماعات مع مسؤولي هذه الشركات، وأوضحت أن أغلب الوثائق المطلوبة يتوفر عليها المصنعون، لأنها مطلوبة من أجل الحصول على الإذن بالعرض في السوق، كما أن نفس الوثائق يتم الإدلاء بها لإدارة الجمارك،  وقالت إن المديرية تستجيب لجل الطلبات التي توصلت بها، ما عدا الأدوية التي تدخل في البرتوكول العلاجي للمصابين بفيروس كورونا، أو في حالة عدم توفر الشركة على مخزون احتياطي لمدة ثلاثة أشهر، في حين تم رفض طلبات بعض الشركات، وهي أقلية، حسب مداح، لأنها رفضت الإدلاء بفواتير الأدوية التي ترغب في تصديرها، وأبرزت أن طلب الفواتير يدخل في إطار الشفافية للتأكد من تصدير الدواء فعلا حتى لا يذهب إلى السوق السوداء، مشيرة إلى أن الفواتير التي تطلبها المديرية هي نفسها التي تسلمها الشركات لإدارة الجمارك، وتساءلت «لماذا تسلم هذه الشركات الفواتير لإدارة الجمارك وترفض تسليمها لمديرية الأدوية؟». وبخصوص هذه النقطة، أكد مصدر من الجمعية المغربية لصناعة الأدوية، أن شركات رفضت الإدلاء بالفواتير، لأنها تتضمن معطيات وبيانات قد تضر بتنافسيتها في السوق، كما أن الشركات لا تتوفر على ضمانات بالحصول على تراخيص بتصدير الأدوية التي تدلي بفواتيرها، ما قد يعرضها للمساءلة الضريبية، لأن هذه الفواتير تدخل إلى النظام المعلوماتي ولا يمكن حذفها أو تعديلها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى