شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسية

قليل من الجرأة

 اعترفت الحكومة عبر ناطقها الرسمي بأنها تواجه صعوبة في تحديد المضاربين لترتيب الإجراءات القانونية، وهذا أمر مثير للتوجس، لأنه ليس من مسؤولية الحكومة أن تكتفي بتوجيه اللوم للمحتكرين ولوبيات التصدير، والتي ظهر جيدا أنها غير قادرة على التحكم فيهم، مكتفية بالقول: «أنا ما كنعرفهمش، لي كيعرفهم يوريهم لي، وملي نعرفوهم تؤخذ في حقهم إجراءات قانونية». هذا المنطق يظهر الحكومة وكأنها لا حول ولا قوة لها أمام جشع لوبيات تعرفها جيدا، وتملك عن الوسطاء والمضاربين كل المعطيات الرقمية والشخصية، ولديها سلطة ردعية وجب استعمالها شريطة تحلي الحكومة بجرأة سياسية وتجاوز منطقة الخوف من ردود فعل تجار الأزمات.

المغاربة ليسوا في حاجة إلى حكومة تقف عاجزة عن معرفة المحتكرين والمضاربين أو غير قادرة على مواجهتهم في حالة معرفتهم، هم في حاجة إلى حكومة قوية وجريئة تضرب بيد من حديد على كل من يريد التلاعب بالاستقرار الاجتماعي والسياسي، وعلى الحكومة أن تدرك جيدا أن اتخاذ أي إجراء صارم تجاه تجار الأزمات سيكون له تأثير إيجابي ليس فقط على القدرة الشرائية للمواطن، ولكن أيضا سيرفع من معنويات المواطنين ويقوي ثقتهم في المؤسسات المنتخبة ببلدهم.

إذن الحلول موجودة ولا تتطلب سوى منسوب كاف من الجرأة وعدم الاختباء وراء قدرية الظروف القاهرة، التي لا ينكرها أحد، وما عليها سوى تطهير قنوات تسويق السلع، والحد من الوسطاء ومختلف الطفيليين، والضرب بقوة على المضاربين والمستفيدين من الأزمة. أما إذا كانت غير قادرة على إظهار العين الحمرا تجاه جيوب الاحتكار والمضاربة فهذا يعني دفع البلد نحو المجهول، والأولى في هذه الحالة أن تضع المفاتيح لمن يستطيع فعل ذلك.

لذلك فالحكومة مدعوة اليوم، قبل أي وقت مضى، إلى القيام بكل ما يجب القيام به وبالصرامة المطلوبة لكبح جماح السماسرة والمغتنون على حساب قفة المواطن، حتى لا يتحول الضغط الاجتماعي إلى انفجار سياسي يأتي على الحكومة وأغلبيتها، فالمهمة مرتبطة بقليل من الجرأة لحماية القدرة الشرائية للمواطنين وضمان قفتهم والحفاظ على كرامتهم من الدسائس الناتجة عن الظروف الطبيعية أو المصطنعة التي تحركها مصالح خفية.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى