شوف تشوف

سري للغاية

قلم معاد للاستعمار وصحافي حاور الحسن الثاني هو وزوجته

حسن البصري

يعتبر جان لاكوتور واحدا من بين أشهر الصحافيين والكتاب الفرنسيين. لعب دورا بارزا في مكافحة وتصفية الاستعمار بعد الحرب العالمية الثانية، وقضى جزءا كبيرا من حياته في مناصرة المغاربة والجزائريين والتونسيين، ظل على عهده إلى أن توفي في 16 يونيو 2015 عن عمر يناهز 94 عاما.
ولد جان لاكوتور عام 1921 في عائلة ميسورة الحال، وبالرغم من انحياز عائلته إلى جانب المقاومة والجنرال ديغول، أثناء الحرب العالمية الثانية، إلا أنه لم يلتحق بصفوفها إلا متأخرا وتحديدا في عام 1944.
عام 1947 سيتلقى جان برقية تدعوه للانتقال إلى المغرب للعمل في إطار الخدمات الإعلامية للإدارة الفرنسية، في الرباط سيتعرف على المستشرق الشهير جاك بيرك، ثم يعود إلى فرنسا بعد عامين ليلتحق بجريدة «لوموند» ثم صحيفة «كومبا»، وفي عام 1953 التحق بالقاهرة مراسلا لصحيفة «فرانس سوار» لمدة ثلاث سنوات.
خلال تواجده في القاهرة، ظل لاكوتور حريصا على تتبع أخبار سلطان المغرب محمد الخامس في منفاه، حيث كتب العديد من المقالات حول يومياته في مدغشقر، وكان يجد متعة في متابعة أخبار محمد عبد الكريم الخطابي في القاهرة، وإن كانت أمنيته التي لم تتحقق هي زيارة محمد الخامس في منفاه.
وحسب الصحافة الجزائرية، فإن جان لاكوتور حصل على مكاسب سياسية من لقائه بالزعيم الفيتنامي «هوشي منه»، حيث حسم موقفه في قضية المستعمرات، وحوله إلى أحد أكثر المتحمسين ضد الاستعمار، «ناضل من أجل انسحاب فرنسا من المغرب والجزائر ومن كافة المستعمرات الفرنسية، وكان آخر من قابل كصحافي الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، قبل تأميم قناة السويس وبعدها،‏ كما كان قائد مجموعة الكتاب والصحافيين الفرنسيين الرافضين للعدوان الثلاثي على مصر‏، والمطالبين بإنهاء حرب الجزائر ومنحها استقلالها، إلى جانب جان بول سارتر، جاك بيرك، بول بالطا وأندريه مالرو، والذين شكلوا جيلا من الكتاب والمفكرين المعادين للكولونيالية في الخمسينات ولعبوا دورا كبيرا في دعم حركات التحرر الوطني سواء في العالم العربي، في آسيا وفي إفريقيا».
عرف جان لاكوتور عن قرب العديد من القادة الوطنيين، ومن القادة المؤثرين، المعادين للاستعمار، أمثال جمال عبد الناصر، وقادة جبهة التحرير الجزائرية، وهوشي منه، وعبد الكريم الخطابي، وقد كتب العديد من المقالات التي ينتقد فيها الاستعمار.
يقول المؤرخ دانيال ريفي، وهو يسلط الضوء على مرحلة الحماية: «لقد انبرى في ذلك الوقت الصحافي الفرنسي الشاب جان لاكوتور وشن حملة على تدخل ليوطي في التخطيط لتقسيم المغرب، وكانت هذه الحملة الصحفية مناسبة لأحداث عدة، منها إعلان ثورة الريف، التي أطلقها المجاهد الخطابي من منطلقات وحدوية».
كانت الصحافة الفرنسية تصف جان لاكوتور، مدير جريدة «لوموند»، بـ«العارف بالشأن السياسي المغربي»، بل إن زوجته الصحفية سيمون لاكوتور، طالما كتبت مقالات عن سياسة الحسن الثاني، الذي استقبلها وقال لها ما يفسر طريقة حكمه: «لا تكلميني عن طلبتنا الباريسيين، كلهم شيوعيون، أما حين يعودون إلى المغرب، فإني أمنحهم وظائف بدخل محترم، فلا أحد يبقى يسمع عنهم شيئا».
يقال إن لاكوتور كان صديقا للملك الحسن الثاني، وكان كثير التردد على المغرب والجزائر، كما سعى ببعض مقالاته إلى تذويب الخلاف بين البلدين، في كثير من المواقف التي وسعت هوة النزاع بين الطرفين.
كان جان لاكوتور حريصا على تضييق المسافات بينه وبين الزعماء، وهو صاحب إصدارات معروفة عالميا عن سيرة حياة رؤساء وقادة عرفهم عن قرب مثل عبد الناصر،‏ شارل ديغول وكان آخرهم فرنسوا ميتران‏، الذي كان بمثابة الأب الروحي له.‏
«برحيل جان لاكوتور، يختفي جيل من صحافيي الستينات في فرنسا، عاشوا مرحلة تاريخية عاصفة، وتجاوزت رؤيتهم لدورهم حدود مهنة الصحافة، حيث لعبوا دورا فاعلا في مختلف المعارك السياسية التي عايشوها». ناضل لاكوتور من أجل استقلال الجزائر وتونس والمغرب. نشر سلسلة من المقالات في صحيفة «لوموند» الفرنسية، نقل فيها يوميات القمع الاستعماري، مسجلا إعجابه بالجنرال شارل ديغول، الذي يقول إنه «كان مصمما على تحرير المغرب والجزائر».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى