يونس جنوحي
رغم أن هناك ما يكفي من المنظمات الحقوقية حول العالم، إلى درجة أن مقراتها وفروعها صارت مفتوحة في كل أنحاء العالم، إلا أن هناك ملفات حقوقية لا تزال على الرفوف، رغم خطورة التفاصيل والحيثيات المتعلقة بها.
لا يستبعد حقوقيون في نيويورك أن تكون هناك عوامل «دينية وعرقية» وراء الميز الذي يتعرض له المحتجزون في بعض دول آسيا، خصوصا في ما يتعلق بملف المغاربة العالقين في التايلاند. إذ إن بعض الحقوقيين يرجحون أن يكون الانتماء الديني لهؤلاء الشبان سببا في المعاملة السيئة التي يلاقونها على يد من يستدرجونهم للعمل في التجارة الإلكترونية، ليجدوا أنفسهم لاحقا في قلب ممارسات ببُعد جرمي يتعلق بالاحتيال الإلكتروني والقرصنة والسطو على ودائع الأبناك وبيانات المواطنين حول العالم.
وما يعزز هذا الطرح الحقوقي، المتعلق بالتجاوزات التي تقع في آسيا، ناقوس الخطر الذي دقته بعض المنظمات الحقوقية، حسب ما نشرته «ساوث آسيا بريس» المتخصصة، في موقعها الإلكتروني، والذي يتعلق بما تتعرض له الأقليات البوذية في باكستان.
وجاء في التقرير أن باكستان قدمت نفسها، خلال السنوات الماضية، وجهة بوذية في منطقة جنوب آسيا، لتشجيع السياحة البوذية. حتى أن حكومة إسلام آباد سنة 2016 وجهت دعوة «سخية» إلى أزيد من أربعين راهبا بوذيا من سيريلانكا لكي يعرضوا تراثهم ويروجوا لثقافة مدرستهم البوذية.
التقرير يقول إن باكستان حاولت على مدى سنوات تقديم نفسها دولة مُسلمة متسامحة مع التنوع الثقافي والديني، ويتهم الحكومة بمحاولة التمويه على الاتهامات التي تُوجه لباكستان بإساءة معاملة البوذيين وبقية الأقليات الدينية والعرقية في البلاد.
ليست هذه المرة الأولى التي توجه فيها منظمات حقوقية آسيوية محلية أصابع الاتهام لحكومات في شرق آسيا وجنوبها، بإساءة معاملة الأقليات الدينية. حتى أن الاطلاع على نزر يسير من هذه التقارير لا يترك أي مجال للشك في أن المنطقة صارت فعلا خطرا على الأقليات العِرقية والثقافية.
كان منتظرا أن تبادر باكستان هذا الشهر، بحسب التقرير نفسه، إلى توجيه دعوة إلى مجموعة من السياح، من بلدان بوتان وفيتنام وميانمار، للاستفادة من جولة في المواقع الأثرية البوذية في البلاد. ولكي تصير الحملة السياحية واسعة الانتشار، فكرت الحكومة في استقطاب مؤثرين في وسائل التواصل الاجتماعي من كوريا الجنوبية واليابان وسنغافورة لتعزيز السياحة البوذية في باكستان.
لكن التقارير «الجادة» التي لا تعترف بلغة الدعايات والإشهار ووكالات الأسفار، تتوفر على تفاصيل شكايات أطرافها بوذيون يعانون من سوء المعاملة والميز العنصري والإقصاء وتقييد حرية التدين، وتصل حتى درجة ممارسة العنف عليهم. وبعض هذه التقارير أثارتها الخارجية الأمريكية وحصلت عليها عن طريق قنواتها الحقوقية. وهذه الاتهامات تشمل التهجير القسري والزواج المبكر وتعرض الأقليات للهجوم من طرف المحتجين والمطالبين بترحيلهم.
سُجلت أزيد من 193 حادثة عنف ضد الأقليات الدينية في باكستان، في السنة الماضية وحدها، وفق ما ذكره مركز العدالة الاجتماعية الكائن مقره في العاصمة الباكستانية إسلام آباد.
هناك مقاطع فيديو لمغاربة أكدوا أنهم تعرضوا لسوء المعاملة في باكستان، خصوصا عندما يتعلق الأمر بقضايا الزواج المختلط، حيث توجد حالات مغربيات عانين من العنف والميز واضطررن إلى العودة إلى المغرب.
ما يتعرض له الآن المغاربة في تايلاند وبعض مناطق آسيا الأخرى، سببه استقطابهم عن طريق الحملات الدعائية وعروض العمل التي يتوصلون بها في بريدهم الإلكتروني أو المقاطع التي يشاهدونها وتعدهم بمستقبل أفضل والاغتناء السريع وأنشطة التجارة الإلكترونية، ليجدوا أنفسهم في الأخير عالقين على بعد آلاف الكيلومترات، وسط متعصبين يرون فيهم مجرد أرقام وجوازات سفر مقفل عليها في خزنة حديدية.