شوف تشوف

الرأي

قصص من المستشفى

المستشفى هو المكان الوحيد الذي يشترك فيه الناس المرض والألم، الحزن والشقاء، السعادة والشفاء. كل مريض يأتي محملا بقصة تحكي حياته وعذابه، قصص تروي ظلم المجتمع وخذلان الوطن، وأخرى تعلمك أن المرض والألم لا يمنعان الإنسان أبدا من أن يكون من أفضل خلق الله وأكثرهم تشبثا بالأخلاق والقيم…
القصة الأولى
رجل في الأربعينيات من عمره.. كان يرقد في السرير الذي أشرف عليه، أتى للمستشفى إثر وجود كمية من الهواء داخل الغشاء الذي يدور بالرئة
كان رجلا عاديا، اجتماعيا.. يتحدث بطﻻقة ويحكي لي، أنا الطالبة المتدربة، عن ماضيه وأسفاره ومغامراته.. لم يأخذ المرض شيئا من سعادته وﻻ ابتسامته وروحه المرحة.
خرج المريض بعد أسبوعين من العلاج، وبعد غيابه لمدة ثلاثة أيام.. عاد للمستشفى لكن هذه المرة بألم أكثر قوة.. وبمرض أثبتت صحته: مرض السل.
عندما دخلت لرؤيته، تذكرني جيدا ثم قال لي:
«متقربيش مني.. مرضي خطير.. وغادي تعاداي»!
حاولت أن أشرح له أنه مرض يشفى منه الكثير.. علاجه متوفر وهو ليس بالخطورة التي يتهيؤها.. لكن خوفه والألم الذي كان يحس به كانا أقوى من أن يستوعب ذلك.. فبدأ يبكي بحرقة ثم قال لي :
«تفكرت بنتي فاش شفتك..»
كانت كلماته مؤثرة جدا إلى حد لم أعرف به كيف أجيب.. فأصعب إحساس هو أن تحس بأنك مريض يمكن أن تؤذي من حولك.. تحس وكأنك عالة على الجميع، أنك وحدك في مواجهة مرضك.. وأن صحتك خانتك في وقت لم تكن تتوقع فيه ذلك.
ابتسامته رحلت لتصير دموعا. روحه المرحة فقدت بسبب المرض.. لكن قلبه ﻻ يزال ينبض بالطيبة التي لم يستطع المرض انتشالها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى