قصص الخيال العلمي
يحاول بعض العدميين وأولياء نعمتهم بالمنظمات الدولية بالخارج، تصوير المغرب كغابة مظلمة تسودها الفوضى في حماية المعطيات الشخصية للمواطنين، وإظهار المؤسسة الأمنية بمظهر «المؤسسة المارقة»، التي تقضي كل وقتها في خرق القوانين، فهي بنظر كتاب قصص الخيال العلمي هؤلاء قادرة على التنصت على الأفراد متى شاءت وكيفما شاءت، خارج الضوابط القضائية والقانونية.
ولا يلقي هؤلاء بالا إلى أن الدولة المغربية كدولة قانون، قطعت أشواطا كبيرة في حماية الأمن الرقمي لكل المغاربة، مهما كانت صفاتهم أو مواقفهم السياسية أو الإيديولوجية أو الحقوقية أو الدينية.
لا أحد مهما بلغ جحوده بإمكانه إنكار الصرامة التي تعامل بها الدستور المغربي مع حماية المراسلات، حيث حذر الأفراد والمؤسسات من جريمة انتهاك سرية الاتصالات الشخصية، كيفما كان شكلها، مشترطا إمكانية الترخيص بالاطلاع على مضمونها أو نشرها، كلا أو بعضا، أو باستعمالها ضد أي كان، بأمر قضائي، ووفق الشروط والكيفيات التي ينص عليها القانون.
وسيكون من الصعب كذلك على أي متربص أن يتجاهل ترسانة من القوانين والمؤسسات التي تحمي الحق الإلكتروني والرقمي للمواطن، سواء مع قانون حماية المعطيات الشخصية، أو القانون المتمم للقانون الجنائي المتعلق بالجرائم الخاصة بالمعالجة الآلية للمعطيات، أو مصادقة المغرب على الاتفاقية العربية لمكافحة جرائم تقنية المعلومات، أو المصادقة على الاتفاقية الأوروبية المتعلقة بمكافحة الجرائم الإلكترونية أو اتفاقية مجلس أوروبا المتعلقة بحماية الأشخاص تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي، أو إحداث الضابطة القضائية لمختبر التحليل الجنائي للجرائم المتعلقة بالمعالجة الإلكترونية، أو اللجنة الاستراتيجية لأمن نظم المعلومات، أو المديرية العامة لأمن نظم المعلومات، أو المركز الوطني للتنسيق والاستجابة لحوادث أم المعلومات.
سياق هذا التذكير الذي لا بد منه، مرده إلى إطلاق الاتحاد الدولي للصحافيين المسمى «القصص الممنوعة»، لسلسلة من المقالات المضللة التي تستهدف المغرب على وجه الخصوص، واتهامه بالاستخدام المسيء لأداة المراقبة الرقمية «PEGASUS» التي تصنعها شركة «NSO GROUP» الإسرائيلية، تجاه عدد كبير من أرقام الهواتف.
لقد اختارت، كما هي عادتها، عن قصد قوى العدمية ومن يواليها من المؤسسات الاستخباراتية الأجنبية التي ترتدي رداء المنظمات الحقوقية والإعلامية، عشية احتفال الشعب المغربي بالذكرى الثانية والعشرين لعيد العرش المجيد، محاولة تشوية المؤسسات السيادية وضرب مجهودات بناء دولة الحق والقانون، من خلال نشر كتيبات ونشر مقالات ومقابلات، تقارير خبيثة.
طبعا ليست هذه الحملة الممنهجة أول حملة للتشهير ضد أجهزة الأمن المغربية ولن تكون الأخيرة، فلقد سبق لهذه المنصة المشبوهة أن فشلت فشلا ذريعا بتاريخ 22 يونيو 2020 في نقل تقرير منظمة العفو الدولية وتضخيمه، متهما المغرب، دون أي دليل رغم مطالب رسمية، بالتجسس على الصحافيين المغاربة، باستخدام برامج تجسس من صنع إسرائيلي.
وبغض النظر عن الأجندة المشبوهة والتحيزات المرضية لصحافيي «القصص الممنوعة»، فإن المغرب صارم في حماية المعطيات الشخصية لمواطنيه، ليس لأنه يخشى من تقارير منظمة العفو أو «مراسلون بلا حدود» أو الاتحاد الدولي للصحافيين، بل لأن الأمر مرتبط بالتزام دستوري غير قابل للتصرف، ولأنه محمي بتعهدات دولية وقعها المغرب من باب سيادي وليس مكرها، لذلك فمهما كانت قوة أي مؤسسة فلا يمكنها التنصت على الأفراد والجماعات، إلا بناء على أمر قضائي كما هو معمول به في كافة الدول، ووفقا للشروط المنصوص عليها في قانون المسطرة الجنائية.
نقولها بلا لف ولا دوران، هناك من يؤلمه ظهور المغرب كفاعل إقليمي ودولي وكشريك أمني موثوق به من طرف عدة دول، بفضل الفعالية المعترف بها عالميا لأجهزته الأمنية، وهناك من توجعه تلك النجاحات الدبلوماسية التي حققها في ما يتعلق بقضية وحدتنا الترابية. وهناك من تؤلمه تلك المشاريع الاستراتيجية ذات الطابع الاجتماعي والتنموي، التي جعلت من بلدنا يحظى باحترام الخصوم قبل الأصدقاء.
ولا ريب أن هناك من يشعر بضيق الصدر تجاه الاستقرار والأمن الذي ينعم به بلدنا، الذي تحول إلى استثناء في العالم العربي وشمال إفريقيا، ويحاول الإضرار بالمغرب، من خلال استهداف نقاط قوته الدينية والدبلوماسية والأمنية، عبر نشر معلومات كاذبة ومضللة، تهدف إلى تشويه سمعته أمام الرأي العام الدولي، بهدف نبذه وعزله، وهذا مراد لن يتحقق، فزبد التضليل وقصص الخيال العلمي ستذهب جفاء، أما ما ينفع الوطن والمواطن فيمكث على أرض هذا الوطن الذي لديه حماته.