القنيطرة: المهدي الجواهري
رغم العمل الشاق والمضني الذي يقدمه وحرصه على أداء واجبه بكل تفان كعامل نظافة، حيث ذاع صيته وسط مدينة القنيطرة بتعامله وطيبوبته، إلا أنه في نفس الوقت ظل يدافع عن حقوقه باستماتة ليفاجأ بتوقيفه عن العمل لمدة ثمانية أيام تزامنا مع عيد الأضحى، وهو ما جعل قضيته تعرف تضامنا واسعا من قبل الفاعلين من المجتمع المدني على مواقع التواصل الاجتماعي، فيما لا زالت قضيته تنبئ بمزيد من غضب الساكنة على قرار توقيفه من قبل الشركة صاحبة التدبير المفوض التي تدير قطاع النظافة، وهو الرجل الذي يعيل أسرته المتكونة من ثلاثة أطفال إضافة إلى زوجته.
عرف «با المدني»، صاحب اللحية الطويلة، القاطن بالحي الشعبي عين السبع منذ أكثر من خمس سنوات، بكونه ينشط في جميع المحطات النضالية، صاحب الصوت الجهوري والمشهور باللافتة التي يحملها معه مكتوبا عليها شعار «القنيطرة غاديا فالخسران الرباحي»، وكان يتميز في جميع التظاهرات التي كان يخوضها رفقة عمال النظافة دفاعا عن حقوقهم الاجتماعية وإدماجهم في العمل، بالإضافة إلى تواجده في كافة الاحتجاجات الاجتماعية مع النقابات والمنظمات الحقوقية والمدنية التي كانت تدافع عن قضايا المدينة والشأن المحلي ضد المجلس البلدي الذي يقوده عزيز رباح، وزير الطاقة والمعادن بحكومة العثماني.
وأكد «با المدني»، في حديثه إلى «الأخبار»، أن هذا التوقيف ذو خلفيات انتقامية بعد التضييق عليه من قبل المسؤولين بالشركة والمسؤول المكلف بقطاع النظافة بالمجلس البلدي، موضحا أنه ظل يعاني التمييز حيث تتم محاباة بعض المحسوبين على حزب العدالة والتنمية وذراعه النقابي الذين تحولوا إلى موظفين أشباح، تؤدى لهم مرتباتهم دون القيام بمجهود كباقي عمال النظافة، وزاد «با المدني» أن توقيفه المفاجئ الذي سيقتطع من مرتبه لا زال لم يعرف تبعاته الأخرى مبرزا أنه ناتج عن نضالاته وعدم احتوائه بعدما ظل وفيا لمبادئه ومساندا لكافة الحركات الاحتجاجية ضد المجلس البلدي، وأنه لن يتنازل عن القيم التي تربى عليها وسيستمر بالتنديد والتظاهر ضد كل أشكال «الحكرة».
وأكد عمال النظافة أن «با المدني» يحظى باحترام جميع زملائه وكلمته مسموعة ويخلق أجواء الألفة بينهم، موضحين أن قرار توقيفه والتضييق عليه ظالم في حق هذا الرجل الطيب المعروف بتفانيه في العمل والمحبوب وسط ساكنة القنيطرة.
وفي السياق نفسه، عبر عمال النظافة، في حديثهم إلى «الأخبار»، عن معاناتهم في ظل تهالك شبه شامل وكامل لأدوات وآليات العمل مثل الحاويات التي أصبحت تشكل خطرا ومتاعب إضافية للعمال ولباس وأدوات الكنس لجمع النفايات، فيما تم إفراغ إدارة استغلالية القنيطرة من مسؤول بصلاحيات للحوار يعمل على فض النزاعات والمشاكل اليومية المطروحة مع مناديب الأجراء والمكتب النقابي، وهو ما يفاقم التوترات ويراكم المشاكل ويعمق الأزمة بين عمال النظافة.
وأفاد عمال النظافة المنضوون بنقابة الكنفدرالية الديمقراطية للشغل، بأنهم حاولوا جاهدين التنبيه والاستباق لمجموعة من التجاوزات لمعالجتها عبر رزمة من المراسلات والتواصل مع مسؤولي الشركة أو المجلس الجماعي باعتباره الوصي صاحب عقد التدبير المفوض، لكن كانت تقابلهم آذان لا تسمع إلا للمصالح الضيقة وأصحاب الأغراض الشخصية، ضاربين المصلحة العليا للمدينة والمقاولة عرض الحائط.
هذا وطالب مصدر نقابي بالعدل بين العمال وعدم التفرقة بينهم وتفضيل بعض المنسوبين على حزب العدالة والتنمية المسنودين من قبل المجلس الجماعي الذي يوفر لهم الحماية، والذين تعطى لهم امتيازات وتحولوا إلى عمال أشباح ينشرون البلبلة والفتنة والتحريض وسط العمال.