شوف تشوف

الدوليةالرئيسيةسياسية

قرارات غربية لمحاصرة الرواية الروسية لأحداث الحرب بأوكرانيا

مخاوف من أن يؤدي حظر قناتي Sputnic وRT إلى رقابة عامة

في يومها الواحد والعشرين، لا تزال الحرب الروسيةالأوكرانية مستمرة والقصف والحصار متزايدين على عدد من المدن الأوكرانية أبرزها «ماريوبول» التي تعيش وضعا كارثيا. لكن هذه الحرب اكتسبت سلاحا جديدا مبنيا على التضليل المعلوماتي وتزوير الحقيقة وبث أحداث مزيفة عبر القنوات والمنصات على الأنترنيت لتحجيم صورة المقاومة الأوكرنية والتملص من التهم الموجهة لها، الشيء الذي جعل الاتحاد الأوروبي وبريطانيا ومنصات التواصل الاجتماعي تحظر بث قناتي Sputnic وRt وتفرض رقابة عامة على جميع الوسائط.

سهيلة التاور

قصفت  القوات الروسية، أول أمس الأحد، قاعدة جوية في منطقة لفيف غرب أوكرانيا  قرب الحدود مع بولندا، بعد أن كانت نسبياً بمنأى عن النزاع حتى الآن حسب ما أفادت به السلطات المحلية.

وأشارت أرقام رسمية صدرت لاحقاً إلى أن 35 شخصاً على الأقل قتلوا في الهجوم، وقال مكسيم كوزيتسكي، حاكم مدينة «لفيف»، إن 134 آخرين يتلقون العلاج من إصابات في المستشفيات.

وأضاف كوزيتسكي أنه تم إطلاق أكثر من 30 صاروخاً على الموقع. وذكر وزير الدفاع الأوكراني، أوليكسي ريزنيكوف، أن الهجوم استهدف موقعاً بالقرب من الحدود البولندية، حيث يتم تدريب قوات حفظ السلام أيضاً، حيث كان مدربون من حلف شمال الأطلسي (ناتو) يعملون قبل بدء  الحرب». ولم يتضح في بادئ الأمر ما إذا كان أي أجانب من بين هؤلاء القتلى أم لا.

وكانت الإدارة العسكرية الإقليمية في مدينة لفيف أكدت، أول أمس الأحد، أن روسيا شنت غارة جوية  على قاعدة عسكرية أوكرانية في يافوريف غرب البلاد قرب الحدود البولندية. ونقلت وكالة إنترفاكس أوكرانيا للأنباء عن أنطون ميرونوفيتش، المتحدث باسم أكاديمية القوات البرية التابعة للقوات المسلحة الأوكرانية، قوله إن الهجوم استهدف وحدة عسكرية بالمنشأة.

حصار كييف

تخشى السلطات الأوكرانية حصول حصار للعاصمة كييف، إلا أنها تعهّدت بأن «تُدافع بلا هوادة» عن العاصمة في وجه القوات الروسيّة التي تقصف الجنوب الأوكراني، حيث تأمل مدينة ماريوبول المحاصرة في وصول قافلة مساعدات إنسانيّة. كما كشفت وزارة الدفاع البريطانية أن القوات الروسية كانت موجودة السبت على بُعد 25 كيلومترا من العاصمة، وأن رتلاً في شمال المدينة تفرّق، وهو ما يعزز فكرة وجود نية لتطويق كييف.

وفي هذا السياق، قالت نائبة رئيس الوزراء الأوكراني، إيرينا فيريشتشوك، إن هذه القافلة ظلت عالقة أكثر من خمس ساعات عند نقطة تفتيش روسية السبت، في وقت يؤمل بأن تصل إلى ماريوبول الأحد آتية من زابوريجيا عبر برديانسك.

وقالت هيئة أركان الجيش الأوكراني إن القوات الروسية الموجودة في ضواحي العاصمة تحاول تحييد المناطق المحيطة بها من أجل «محاصرة» كييف. كما تعرضت الضاحية الشمالية الغربية (إيربين وبوتشا) لقصف مكثف في الأيام الأخيرة.

ويُعتبر ذلك حيويا بالنسبة إلى ماريوبول. فهذه المدينة الساحلية الاستراتيجية الواقعة في جنوب شرق البلاد بين شبه جزيرة القرم ودونباس، غارقة في وضع حرج «ميؤوس منه تقريباً» حسب منظمة أطباء بلا حدود، وهي تفتقر إلى الطعام وسكانها محرومون من الماء والغاز والكهرباء والاتصالات.

وتقر موسكو بأن الوضع «في بعض المدن» اتخذ «أبعاداً كارثية»، حسب ما نقلته وكالات أنباء روسية السبت عن الجنرال ميخائيل ميزينتسيف، الذي اتهم «القوميين» الأوكرانيين بزرع ألغام في المناطق السكنية وتدمير البنية التحتية حارمين بذلك المدنيين من طُرق للإجلاء وللموارد الأساسية.

الاتحاد الأوروبي

في ظل تبادل الاتهامات حول التضليل المعلوماتي ضد روسيا، أعلن كبير دبلوماسيي الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، حجب كل من «روسيا اليوم» و«سبوتنيك» الروسيتين دول الاتحاد، ضمن جهود الاتحاد الأوروبي «لمكافحة التضليل الروسي. واعتبر بوريل الحجب «خطوة حاسمة لوقف التلاعب الروسي بالمعلومات في أوروبا».

والغريب أن هذا الحظر لم يقف عند حدود دول الاتحاد، بل سارعت بريطانيا التي خرجت من الاتحاد طواعية (بريكست) إلى الحظر ذاته كما فعلت دول الاتحاد. وقالت وزيرة الثقافة البريطانية، نادين دوريس، إنها تأمل «ألا تعود آلة بروباغاندا بوتين الملوثة إلى الشاشات البريطانية مجدداً»، مشيرة إلى أن «روسيا اليوم لم تعد متاحة على الشاشات في البيوت البريطانية سواء عن طريق التلفزيون أو (سكاي) أو (فريسات) أو (فري فيو)».

وصعدت دوريس من حجم الميل البريطاني الرسمي للحجب بقولها إنه تم التواصل مع «ميتا» المالكة لكل من «فيسبوك» و«تيك توك» لمناشدتهما التوقف عن بث «روسيا اليوم» على منصاتها. وقالت، «الموقف المؤكد هو أننا لن نتوقف حتى نقنع كل مؤسسة سواء كان مقرها في المملكة المتحدة أو خارجها بأن الشيء الخطأ هو بث الدعاية الروسية في البيوت البريطانية».

منصات أوقفت البث

منعت «غوغل» المالكة لـ«يوتيوب» وسائل الإعلام الروسية من ممارسة أنشطة تدر عائدات عبر منصاتها. وعطلت مؤقتا ميزات في «خرائط غوغل» توفر معلومات حية عن مدى ازدحام الأماكن مثل المتاجر والمطاعم في أوكرانيا، من أجل سلامة المجتمعات المحلية في البلاد، بعد التشاور مع مصادر عدة بينها السلطات الإقليمية.

وأعلن رئيس الشؤون العالمية في شركة «فيسبوك»، نيك كليغ، حظر الصفحات الخاصة بـ «آر تي» و«سبوتنيك» من دول الاتحاد الأوروبي. وغرد كليغ: «تلقينا طلبات من عدد من الحكومات والاتحاد الأوروبي لاتخاذ مزيد من الخطوات في ما يتعلق بوسائل الإعلام التي تسيطر عليها الدولة الروسية. نظراً للطبيعة الاستثنائية للوضع الحالي، سنقيد الوصول إلى آر تي وسبوتنيك حالياً، وسنواصل العمل عن كثب مع الحكومات على هذا الشأن». وكان كليغ أفاد بأن «فيسبوك» قيدت الوصول إلى عدد من الحسابات في أوكرانيا، و«بينها تلك الخاصة بمؤسسات إعلامية روسية مدعومة من الدولة». ومنعت الشركة وسائل الإعلام الروسية من نشر الإعلانات أو ممارسة أنشطة تدر عائدات عبر منصاتها، وحذفت شبكة من الحسابات الروسية التي تنشر أخباراً كاذبة عن اجتياح أوكرانيا.

وفي السياق نفسه، أعلنت شركة «تويتر» أنها ستصنف وتقيد ظهور كل التغريدات التي تنشرها «آر تي» و«سبوتنيك» على منصتها. وأفادت بأنّ أكثر من 45 ألف تغريدة تتداول روابط من وسائل الإعلام الحكومية الروسية انتشرت يومياً، منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا الخميس. منذ عام 2017، تحظر «تويتر» الإعلانات من «آر تي» و«سبوتنيك»، بعدما خلصت الاستخبارات الأمريكية إلى أنّهما حاولتا التدخل في الانتخابات الرئاسية لعام 2016.

وانضمت منصة «تيك توك»، المملوكة لشركة «بايتدانس» الصينية، إلى عمالقة التواصل، وحظرت الوصول إلى حسابات وصفحات «آر تي» و«سبوتنيك» في دول الاتحاد الأوروبي، وفق ما أكده متحدث باسمها لموقع «إنغادجت».

وفي ما جاء في لائحة الحظر، يجب أن يكون الاستبعاد شاملا وينطبق على جميع الوسائط: التلفزيون والأقمار الصناعية والبث المباشر والتطبيقات و(IPTV  تلفزيون الإنترنت) ومجهزو الشبكة العنكبوتية أو مجهزو الأنترنت. ويتعين على محركات البحث إزالة جميع الروابط المباشرة إلى RT وSputnik من نتائجها، فعندما تأتي الطلبات من أراضي الاتحاد الأوروبي. حيث، يجب على مزودي خدمة البحث على الأنترنت التأكد من أن  كل محتوى RT وSputnik، بما في ذلك أوصاف النص القصير والعناصر المرئية والروابط إلى مواقع الويب المقابلة، لا يظهر في نتائج البحث المقدمة للمستخدمين الموجودين في الاتحاد الأوروبي.

ويثير تفسير هذه الإجراءات تساؤلات حول نطاق الرقابة الرقمية التي سيتم تطبيقها على RT وSputnik، حيث من المحتمل أن يكون لهذا المطلب تأثير على صفحات الجهات الخارجية، أي التي لا تعتمد على محتوى RT وسبوتنيك، لكنهم يسمحون بالروابط المؤدية إلى الموقعين. فإن تمديد الحظر ليشمل موارد الجهات الخارجية، بما يتجاوز المواقع الخاصة بـ RT وSputnik، يثير مخاوف من الرقابة المفرطة، بما في ذلك الصفحات التي قد يكون لها خطاب نقدي أو منظور أو تحليل بعيد عن هذين الجهازين. كما يمكن أن تكون هناك آثار جانبية على مواقع وسائل الإعلام أو على ويكيبيديا.

التضليل المعلوماتي

بدأت حرب المعلومات منذ أشهر، تزامناً مع الغزو العسكري الروسي لأوكرانيا، فيما أصرّ كلّ طرفٍ على أنّه يحرز التقدّم الأكبر على الأرض. ونشر الانفصاليون المؤيدون لروسيا في أوكرانيا تحديثات كلّ نصف ساعة تقريبا، تُشير إلى إحرازهم تقدماً عسكرياً. فيما كانت مقاطع الفيديو تظهر حشداً للقوات الروسيّة وأضراراً تسبب بها القصف الروسي، عدا وقوع ضحايا.

وكان للأخبار الكاذبة انتشار واسع منذ بداية الحرب، مع نشر صور ومقاطع من دول أخرى ولمآسٍ واعتداءات أخرى على أنها من أوكرانيا، بينها ما كان لانفجار بيروت أو للعدوان على غزة العام الماضي، وغيرها. وفيما حاولت شركات التواصل الاجتماعي التصرّف بسرعة لكبح جموح انتشار هذا التضليل، لما فيه من تأثير مباشر على المعنويات، إلا أنّ وسائل إعلام متعددة وقعت في فخّ نشرها، فيما حرصت وسائل إعلام أخرى على التذكير بأنّ بعض المعلومات لا يمكن التحقق منها.

وفي الحرب النفسية – الإعلامية هذه، يلعب الإعلام الروسي دوراً كبيراً، ما أثار اعتراضات لصحافيين أدت إلى استقالة واحدة على الأقل. ونشر المتخصص في رصد البروباغندا والتضليل، مارك أوين جونز، تغريدات عبر «تويتر» أشار فيها إلى أسلوب روسيا الدعائي في تغطية الأحداث في أوكرانيا، وكيف تحاول التملّص من المسؤولية. وقال جونز إنّ «سبوتنيك» و«آر تي» (روسيا اليوم) لا تحبّذان استخدام تعابير تشير إلى الحرب، وتبتعدان عن استخدام كلمة «غزو» لتستعيض عنها بتعبير «العملية العسكرية الخاصة»، وهو تعبير استخدمته روسيا في خطاباتها الرسمية. كما أنّها حاولت أن تعظّم حضورها العسكري، وتحجيم أوكرانيا عبر التركيز على نقاط «ضعفها» و«خسائرها»، عدا عن «استسلامها» أو «قلّة روحها القتالية»، ما يعطي فكرةً بأنّ مقاومة أوكرانيا غير مجدية. في المقلب الآخر، سلّط هذا الإعلام الضوء على أنّ الجيش الأوكراني لم يستطِع أن يلحق الضرر بالعتاد العسكري الروسي، فيما هو «شرير للغاية لدرجة أنّه يستهدف المدنيين».

وأضاف أوينز أنّه بعد سقوط مدنيين في الجانب الأوكراني، حاول الإعلام الروسي التأكيد بأنّ قوات بلاده لا تقتل مدنيين أبداً، وأنّها تستخدم أسلحة دقيقة للغاية لدرجة أنّها لا تؤذي إلا المنشآت العسكرية. وعندما يفشل ذلك، تُتّهم أوكرانيا باستخدام المدنيين كدروعٍ بشريّة. وفي ختام البروباغندا تلك، ذكر الإعلام الروسي النازية، قائلاً إنّ النازية واليمين المتطرف هما سببا هذه العملية.

أمريكا تستهدف التضليل

في سابقة عالمية، أصدر وزير الخارجية أنتوني ج. بلينكن بيانا قبل أيام عنوانه «استهداف النخب الروسية ووسائل التضليل الإعلامي وشركات الدفاع» جاء فيه: «إننا نستهدف اليوم النخب الروسية وشبكاتهم المالية وأصولهم، ووسائل التضليل الإعلامي الروسية الكبرى التي تسهم في زعزعة استقرار أوكرانيا، وشركات الدفاع في الاتحاد الروسي. كما نفرض ضوابط إضافية على تصدير النفط والغاز الروسي. وتوضح هذه الإجراءات أنه لا مكان يختبئ فيه الأفراد والكيانات الذين يدعمون حرب روسيا المروعة ضد أوكرانيا».

وأضاف بليكن أن حكومته «تستهدف المتورطين في حملة التضليل والتأثير المزعزعة للاستقرار التي تشنها روسيا، بما في ذلك أفراد وكيانات موجودون في أوكرانيا»، وأن وزارة الخارجية أدرجت على لائحة العقوبات المسؤول الأكبر عن الدعاية في الاتحاد الروسي والمتحدث باسم فلاديمير بوتين ديميتري بيسكوف، و«أن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية يعمل على إدراج 26 فرداً وسبعة كيانات مرتبطة بحملة التضليل الروسية الدولية، لا سيما تلك المدعومة من قبل أجهزة المخابرات الروسية. وتستخدم هذه الأهداف المنظمات التي تزعم أنها تعمل كمواقع إخبارية شرعية، ولكنها بدلاً من ذلك تنشر معلومات مضللة ودعاية قومية متطرفة للاتحاد الروسي».

وجاء في بيان آخر للخارجية الأمريكية أن جهودها تلك تستهدف الأفراد والمنظمات الروسية التي «تعمل على نشر معلومات مضللة والتأثير في الأفكار كجزء من غزوها لأوكرانيا». ووصفت الخارجية الأمريكية ما تنشره هذه الكيانات بـ«الروايات الكاذبة التي تعمل على تعزيز الأهداف الاستراتيجية الروسية، وتبرير أنشطة الكرملين بشكل خاطئ».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى