قانون المالية لسنة 2020
إعداد: محمد اليوبي – النعمان اليعلاوي
في ظل المؤشرات الاقتصادية المقلقة، لا يحمل مشروع قانون المالية لسنة 2020 المعروض على أنظار البرلمان أي جديد يذكر، ما عدا مواصلة فرض الضرائب على الطبقة الشعبية والمتوسطة، وفرض إجراءات تقشفية تروم تقليص كتلة الأجور عن طريق تقليص عدد مناصب الشغل المحدثة بموجب القانون، لأن الحكومة تعتبر المواطن المغلوب على أمره بمثابة «حائط قصير»، مقابل ذلك تواصل الحكومة على نهج الحكومة السابقة رفع شعار «عفا الله عما سلف»، من خلال إصدار عفو عن مهربي الأموال إلى الخارج، وكذلك الإعفاءات الضريبية لرجال الأعمال والمنعشين العقاريين، وتتوقع الحكومة من خلال قانون المالية تحقيق معدل نمو للناتج الداخلي الخام بنسبة 3.7 في المائة، وضمان استقرار التوازنات المالية من خلال حصر العجز في 3.5 في المائة.
إجراءات تقشفية و«عفا الله عما سلف»
حذر محمد بنشعبون، وزير الاقتصاد والمالية، أثناء تقديم مشروع قانون المالية لسنة 2020، في جلسة مشتركة بين مجلسي النواب والمستشارين، من الأخطار التي تهدد التوازنات الاقتصادية والمالية، ودعا إلى اعتماد إجراءات تقشفية بهدف التحكم في النفقات وتقليص عجز الميزانية، وأوضح بنشعبون أن «بلادنا بذلت في السنوات الأخيرة جهودا كبيرة للمحافظة على التوازنات الاقتصادية والمالية، لكن يبقى تعزيز الاستقرار والتطور الاقتصادي والحفاظ على هذه التوازنات محفوفا بمجموعة من المخاطر، تكمن أساسا في تباطؤ النمو العالمي وتقلبات أسعار الطاقة بالنظر إلى المخاطر الجيوسياسية القائمة»، وتنضاف إلى هذه المخاطر، حسب الوزير، كلفة تحمل أعباء مالية إضافية مرتبطة أساسا بتفعيل مضامين الحوار الاجتماعي، وتحمل نفقات المقاصة، والتحويلات المالية لفائدة الجهات، والكلفة المالية لإصلاح أنظمة التقاعد، ومواكبة مختلف الأوراش الإصلاحية والاستراتيجيات القطاعية. وأكد بنشعبون أن هذه الالتزامات المالية سينتج عنها تزايد لحاجيات تمويل الخزينة برسم سنة 2019 بما يناهز 16 مليار درهم، وهو ما يتطلب توفير موارد إضافية من أجل التحكم في مستوى عجز الخزينة.
إجراءات تقشفية
أعلن سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة، في مذكرة توجيهية، عن وضع إجراءات تقشفية ضمن مشروع قانون المالية لسنة 2020، ترمي إلى تقليص النفقات، وذلك لمواجهة التحديات التي تواجه الاقتصاد الوطني، في ظل تراجع معدل النمو وارتفاع عجز الميزانية. وأوضح العثماني في مذكرة توجيهية تتعلق بإعداد مشروع قانون المالية لسنة 2020، أنه رغم الجهود المبذولة للمحافظة التوازنات الاقتصادية والمالية، فإن تعزيز الاستقرار والتطور الاقتصادي والحفاظ على التوازنات الاقتصادية، يبقى محفوفا بمجموعة من المخاطر، تكمن أساسا في تباطؤ النمو العالمي وتقلبات أسعار الطاقة بالنظر إلى المخاطر الجيوسياسية القائمة، كما تنضاف إلى هذه المخاطر، كلفة تحمل أعباء مالية إضافية مرتبطة أساسا بتفعيل مضامين الحوار الاجتماعي، وتحملات المقاصة، حيث تتحمل ميزانية الدولة برسم السنة المقبلة حوالي 13,6 مليار درهم، مشيرا إلى اعتماد نظام للتأمين ضد الارتفاع الكبير للأسعار.
وأكد رئيس الحكومة على أن إعداد مقترحات الميزانيات برسم مشروع قانون المالية لسنة 2020 يجب أن يأخذ في الاعتبار مجموعة من التدابير، انسجاما مع الجهود التي بذلها المغرب للمحافظة على التوازنات الاقتصادية، ودعا مختلف القطاعات إلى التقيد بعدد من التوجهات الرئيسية لإعداد مقترحاتها برسم مشروع قانون المالية للسنة المقبلة، تتمثل أساسا في التحكم في نفقات الموظفين، واللجوء إلى آليات التمويل المبتكرة، وتنفيذ مختلف الإصلاحات. كما أوصى العثماني بترشيد النفقات المرتبطة بتسيير الإدارة ومواصلة التحكم في نمط عيشها. وأبرزت المذكرة أيضا ضرورة إعادة النظر في طريقة تدبير اعتمادات الاستثمار، من خلال ترشيد الطلبات المتزايدة على مستوى الاعتمادات، مع إعطاء الأولوية للمشاريع موضوع اتفاقيات وطنية ودولية موقعة أمام الملك.
وتفعيلا لهذه التوجيهات، لم يحمل مشروع قانون مالية 2020 النفس الاجتماعي المرجو، خلافا لما تروج له حكومة سعد الدين العثماني، فقد أبانت الميزانيات المخصصة في المشروع للقطاعات الاجتماعية عن تراجع الحكومة عن جعل القطاع في صلب أولوياتها، حيث إنها واصلت التخلص تدريجيا من دعم المواد الأساسية من خلال التقليص من نفقات صندوق المقاصة والاعتمادات الموجهة إلى الصندوق والتوجه نحو تحرير أسعار المواد الأساسية، بعد تجربة تحرير أسعار المحروقات، التي بدأ بها عبد الإله بنكيران في حكومته سنة 2015، والتي انخفض معها الدعم المخصص لصندوق المقاصة من 29 مليار درهم، إلى أزيد 17 مليار درهم خلال السنوات التي تلت قرار التحرير، وبعدما حددت الحكومة العثماني اعتمادات صندوق المقاصة في قانون مالية 2019 في 17.6 مليار درهم، عادت لتخفضها من جديد إلى 13.6 مليار درهم في مشروع قانون مالية 2020، ما يوحي باستمرار منحى التحرير للأسعار خلال السنة المقبلة، خلافا لما كانت الحكومة تنفيه في كثير من المناسبات.
في السياق ذاته، أرجعت الحكومة في مشروع قانون مالية 2020 سبب الخفض من الاعتمادات المالية المخصصة لصندوق المقاصة إلى توقعات بانخفاض سعر القمح اللين مصدر الدقيق المدعم، بالإضافة إلى انتظارات بانخفاض سعر غاز البوطان في السوق العالمية، مقابل ارتفاع الإنتاج الوطني من مادة السكر وانخفاض أسعار السكر الخام في السوق المحلية، وهي المواد الأساسية الثلاث التي أبقى المقاصة على دعمها بعد حذف المحروقات بشكل نهائي، وبعدما كانت الحكومة قد لوحت في إطار الإعداد لقانون مالية السنة الحالية (2019) إلى إمكانية اللجوء إلى خفض كبير للاعتمادات المخصصة لصندوق المالية، في أفق تصفيته ورفع الدعم المخصص للمواد الأساسية، وبعدما كان الحسن الداودي، الوزير السابق المكلف بالشؤون العامة والحكامة، قد أشار في مناسبات عدة إلى إعداد الحكومة توجها نحو حذف الدعم المخصص للمواد الأساسية قبل 2021.
من جانب آخر، وكما خفضت من الاعتمادات المالية المرصودة لصندوق المقاصة، خفضت حكومة سعد الدين العثماني كذلك خلال سنة 2020 من عدد المناصب المالية، حيث سيتم خلق 23112 منصبا ماليا موزعا على مختلف الوزارات والمؤسسات، وقد حصلت وزارة الداخلية على القسط الأكبر من هذه المناصب بحصولها على 5564 منصبا، فيما حصلت وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني على 700 منصب مالي مخصص لتسوية وضعية الموظفين الحاصلين على الدكتوراه، والذين تم توظيفهم كأساتذة مساعدين، وبالتالي سيتم حذف المناصب المالية التي كان يتولاها هؤلاء في القطاعات الوزارية. وفضلا عن ذلك، سيتم إحداث 15 ألف منصب لفائدة الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين لتوظيف أساتذة، فبعدما خصصت السنة المالية 2019 حوالي 25 ألفا و485 منصب شغل، تراجعت مناصب التوظيف في مشروع قانون المالية لسنة 2020 لتصل إلى 23.112 منصبا ماليا، وهو ما يعني فقدان 2373 منصبا.
التحكم في عجز الميزانية
في المقابل، تعتبر الحكومة أن كل الالتزامات المالية الواردة في مشروع قانون المالية للسنة المقبلة، سينتج عنها تزايد الحاجة إلى تمويل الخزينة برسم سنة 2020 بما يناهز 16 مليار درهم، وهو ما يتطلب توفير موارد إضافية من أجل التحكم في مستوى عجز الخزينة، وفي ظل هذه الوضعية، حيث يشدد مشروع القانون المالي على التحكم في النفقات المرتبطة بالسير العادي للإدارة من خلال تقليصها بنسبة 1 في المائة، واللجوء إلى آليات التمويل المبتكرة في إطار الشراكة المؤسساتية مع القطاع الخاص والتدبير النشيط لأملاك الدولة، إذ ستعمل على مواصلة عمليات الخوصصة التي ستمكن من تحصيل 3 مليارات درهم، مع تكثيف الجهود على مستوى تعبئة المواد الجبائية عبر تقوية المراقبة وتقليص النفقات الجبائية.
وعلى الرغم من أن الحكومة باشرت أول اللقاءات مع النقابات بخصوص قانون المالية، كما أن الاتفاق الاجتماعي الذي كانت قد وقعته معها، في أبريل الماضي، بلغت كلفته الإجمالية 14.5 مليار درهم، تشكل لوحدها أزيد من مليار و200 مليون درهم زيادة في الأجور والتعويضات العائلية، وشملت الزيادة في الأجور والتعويضات العائلية لفائدة ما يفوق 900 ألف بين موظفين مدنيين وعسكريين، والزيادة في التعويضات العائلية أزيد من 380 ألف موظف، مؤكدا على أن عملية تنفيذ الزيادة في الأجور على ثلاث مراحل ابتداء من ماي 2019 ثم يناير 2020 والمرحلة الثالثة ابتداء من فاتح يناير 2021، إلا أن الحكومة لم تخصص في مشروع قانون المالية للسنة المالية تفاصيل أوفى حول مواصلة (كلفة الحوار الاجتماعي) اقتصرت في القانون المالي 2020 على الحديث عن كلفة تنفيذ ما تبقى من اتفاق أبريل 2019.
ومن جهته، أكد بنشعبون أن مشروع قانون المالية 2020 يتضمن عددا من المقتضيات التي من شأنها تقوية الثقة القائمة بين الدولة والمواطن، من خلال إعطاء دينامية جديدة للاستثمار ودعم المقاولة. وقال الوزير ذاته، خلال ندوة صحفية حول مشروع قانون المالية لسنة 2020، إن هذا المشروع يقترح إحداث إقلاع اقتصادي حقيقي، من خلال إيلاء الأهمية لتنزيل التوصيات المنبثقة عن المناظرة الوطنية الثالثة حول الجبايات وإحداث صندوق للتأهيل والدعم المالي للمقاولات الصغيرة والصغيرة جدا والمتوسطة، ومواصلة تصفية دين الضريبة على القيمة المضافة، مع تقليص آجال الأداء.
وأكد الوزير، في هذا الصدد، على أهمية إحداث «سمول بيزنيس أكت»، باعتباره منصة إلكترونية تطلع الفاعلين الاقتصاديين، وخاصة المقاولات الناشئة والمقاولات الصغيرة جدا والصغيرة والمتوسطة، على مختلف أدوات وآليات الدعم الموضوعة رهن إشارتهم، مع السهر على إصلاح هذه الآليات وتحسين فعاليتها، ولفت إلى أن مشروع قانون المالية يقترح مجموعة من التدابير الرامية لدعم الاستثمار وتخفيف الضغط الضريبي على المقاولات، وخاصة تخفيض السعر الهامشي للضريبة على الشركات الصناعية من 31 إلى 28 في المائة برسم رقم معاملاتها المحلي، مع استثناء تلك التي تحقق أرباحا تتجاوز أو تعادل 100 مليون درهم، ويتعلق الأمر أيضا بالتخفيض التدريجي للسعر الحالي للحد الأدنى للضريبة من 0.75 إلى 0.50 في المائة، مع تطبيق معدل 0,75 في المائة للمقاولات التي توجد في وضعية عجز مزمن، عندما يظل الناتج الجاري المصرح به من طرف المقاولة، خارج فترة الإعفاء المنصوص عليها في المدونة العامة للضرائب، سلبيا لمدة سنتين ماليتين متتاليتين.
ومن بين التدابير المحفزة على الاستثمار، تطرق بنشعبون إلى مواكبة تحول الجمعيات الرياضية إلى شركات من خلال الإعفاء الكلي من الضريبة على الشركات، خلال السنوات الخمس الأولى من الاستغلال، وتطبيق معدل محدد في 20 في المائة بعد هذه الفترة. وفي ما يتعلق بتحسين علاقة الثقة مع دافعي الضرائب، أوضح الوزير أن مشروع قانون المالية ينص على إحداث، بصفة استثنائية، آلية للتسوية الطوعية للوضعية الجبائية للأشخاص الذاتيين، بهدف إعفاء دافعي الضرائب من المراقبة الجبائية القائمة على تقييم الدخل انطلاقا من مؤشرات النفقات، مقابل خصم 5 في المائة من السيولات المودعة لدى مؤسسات القروض البنكية، وقال إن «مشروع قانون المالية يطمح إلى تدشين عهد جديد للثقة مع دافعي الضرائب توسع من مجال تطبيق طلبات الاستشارة الجبائية القبلية، بهدف ضمان أمن قانوني للمستثمرين واستقرار للعقيدة الجبائية». من جهة أخرى، أشار بنشعبون إلى التدابير المتخذة من أجل الحفاظ على التوازنات المالية والتي ستدر حوالي 16 مليار درهم. ويتعلق الأمر بالتحكم في النفقات المرتبطة بالسير العادي للإدارة، من خلال تقليص هذه النفقات بـ1 مليار درهم، اللجوء إلى آليات التمويل المبتكرة في إطار الشراكة المؤسساتية مع القطاع الخاص والتدبير النشيط لأملاك الدولة والمؤسسات العمومية ومواصلة عمليات الخوصصة.
وأكد الوزير أن الحكومة حرصت على اتخاذ التدابير اللازمة للحفاظ على التوازنات المالية، وأوضح أن هذه التدابير تهم التحكم في النفقات المرتبطة بالسير العادي للإدارة، من خلال تقليص هذه النفقات بـ1 مليار درهم. وأضاف بنشعبون أنه سيتم أيضا اللجوء إلى آليات التمويل المبتكرة في إطار الشراكة المؤسساتية مع القطاع الخاص والتدبير النشيط لأملاك الدولة والمؤسسات العمومية، ما سيمكن من تعبئة 12 مليار درهم، فضلا عن مواصلة عمليات الخوصصة التي ستمكن من تحصيل 3 مليارات درهم. وستعمل الحكومة، يؤكد الوزير، على تكثيف المجهودات على مستوى تعبئة الموارد الجبائية عبر تقوية المراقبة وتقليص النفقات الجبائية، مشيرا إلى أنه من المنتظر أن تمكن هذه التدابير من تقليص عجز الميزانية من 4.8 إلى 3.5 في المائة من الناتج الداخلي الخام.
وسجل أن حرص الحكومة على اتخاذ هذه الإجراءات يأتي في ظل السعي إلى تحمل الأعباء المالية الإضافية المرتبطة أساسا بتفعيل مضامين الحوار الاجتماعي، وتحمل نفقات المقاصة، والتحويلات المالية لفائدة الجهات، والكلفة المالية لإصلاح أنظمة التقاعد، ومواكبة مختلف الأوراش الإصلاحية والاستراتيجيات القطاعية. ولفت بنشعبون إلى أن مواصلة التحكم في عجز الميزانية وتقليص المديونية في ما يلي من السنوات، يقتضي التفعيل السريع للإصلاحات الهيكلية لأنظمة التقاعد والمقاصة والمؤسسات والمقاولات العمومية، وخلص إلى أن تحقيق أهداف مشروع قانون المالية لسنة 2020 يتطلب الإسراع بإخراج عدد كبير من القوانين المتعلقة أساسا بتبسيط المساطر والإجراءات الإدارية، وميثاق المرافق العمومية، وعقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص، والتمويلات التعاونية.
الحكومة تواصل بيع مؤسسات الدولة في «الدلالة»
ستواصل الحكومة، ضمن قانون المالية لسنة 2020، بيع مؤسسات ومقاولات عمومية في إطار عملية الخوصصة التي انطلقت خلال السنة الماضية. وكشفت إحصائيات وزارة الاقتصاد والمالية، أن المداخيل غير الجبائية سجلت ارتفاعا بـ 5,3 مليارات درهم، نتيجة لتحصيل مداخيل الخوصصة بمبلغ 3,3 مليارات درهم. وارتفع مستوى النفقات الجارية بـ 4.7 مليارات درهم، ومن ذلك ارتفاع كتلة الأجور 54.4 مليار درهم، وتم تسجيل نسبة إنجاز 46 في المائة. وبلغ مجموع النفقات 114 مليار درهم، منها نفقات المقاصة 7.9 مليارات درهم. ونتيجة لهذه التطورات، بلغ عجز الميزانية 16,6 مليار درهم، مسجلا بذلك انخفاضا بمبلغ 4,5 مليارات درهم، منها 3,3 مليارات درهم بفضل تحصيل مداخيل الخوصصة.
وأفاد تقرير حول المؤسسات والمقاولات العمومية، بأن المحفظة العمومية، المكونة من 209 مؤسسات عمومية و44 شركة ذات مساهمة مباشرة للخزينة العامة، و466 شركة تابعة أو مساهمة عمومية، تشهد دينامية مستمرة نتيجة عمليات الإحداث والتحويل والدمج والخوصصة والتصفية، وهي عمليات ضرورية من أجل ضمان شروط التنمية القطاعية والاستراتيجيات العمومية والإصلاحات الملتزم بها في هذا الإطار. وأوضح التقرير أنه، منذ انطلاق برنامج الخوصصة سنة 1993، تم تفويت ما مجموعه 51 شركة و26 وحدة فندقية إلى القطاع الخاص، إما بشكل كلي أو جزئي، وذلك عن طريق 120 عملية تفويت. وحتى متم 31 دجنبر 2017، بلغ مجموع عائدات تفويت مساهمات الدولة أكثر من 103 مليارات درهم، بما في ذلك عمليات التفويت المنجزة في إطار المادة 9 من القانون المأذون بموجبه تحويل منشآت عامة إلى القطاع الخاص، والتي بلغت عائداتها ما مجموعه 12,6 مليار درهم.
وشدد التقرير على ضرورة أن يعرف برنامج الخوصصة انطلاقه من جديد، مع توجيهه بشكل أساسي نحو فتح رأسمال بعض المقاولات العمومية التي تنشط في قطاعات تنافسية، والتي بلغت مرحلة من النضج إلى جانب توفرها على المعايير الضرورية، وخاصة تميزها بالطابع الاستراتيجي أو غير الاستراتيجي بالنسبة للدولة، ودورها في المساهمة في تنفيذ السياسات العمومية أو توفير خدمة عمومية، وكذا مستوى نضج القطاع الذي تنشط فيه المؤسسة المستهدفة، وذلك من حيث فرص النمو والقدرة على ولوج أسواق جديدة، ودرجة انفتاح القطاع على المنافسة والجدوى الاقتصادية والمالية للمؤسسة المعنية، والتي يجب أن تتوفر، أيضا، على خصائص تمكنها من وضعية مالية سليمة ومستدامة، مع توفرها على حد أدنى من المردودية وإمكانيات التطور، استنادا إلى القدرات المالية الجديدة والقدرة على الابتكار التي يمكن أن يوفرها المقتني المحتمل.
تفعيلا للتوجيهات الملكية.. إحداث صندوق لتمويل مشاريع الشباب
بموجب مشروع قانون المالية المعروض على أنظار البرلمان، سيتم إحداث حساب مرصد لأمور خصوصية يسمى «صندوق دعم تمويل المبادرة المقاولاتية» ترصد له 6 ملايير درهم على مدى 3 سنوات، في إطار الشراكة بين الدولة وبنك المغرب والمجموعة المهنية للأبناك.
وأوضح محمد بنشعبون، وزير الاقتصاد والمالية، في معرض تقديمه لمشروع قانون المالية لسنة 2020 خلال جلسة عمومية مشتركة لمجلسي البرلمان، أن هذا الصندوق الذي يأتي تفعيلا لتوجيهات الملك محمد السادس في الخطاب الذي ألقاه بمناسبة افتتاح السنة التشريعية الحالية، سيخصص بالأساس لدعم الخريجين الشباب وتمكينهم من الحصول على قروض بنكية لتمويل مشاريعهم، وكذا دعم المقاولات الصغرى والمتوسطة العاملة في مجال التصدير، وخاصة نحو إفريقيا، وتمكين العاملين في القطاع غير المنظم من الاندماج المهني والاقتصادي .
من جهة أخرى، لفت الوزير إلى أن مشروع قانون المالية يقترح مجموعة من التدابير الرامية إلى دعم الاستثمار وتخفيف الضغط الضريبي على المقاولات، وخاصة تخفيض السعر الهامشي للضريبة على الشركات الصناعية من 31 إلى 28 في المائة برسم رقم معاملاتها المحلي، موازاة مع تخفيض السعر الحالي للحد الأدنى للضريبة من 0.75 إلى 0.50 في المائة، وشدد على أنه ستتم مواصلة تفعيل الإصلاحات الرامية إلى تحسين مناخ الأعمال، التي كان لها أثر كبير في تحسين ترتيب المغرب في تقارير السنوات الأخيرة لممارسة الأعمال للبنك الدولي، موازاة مع العمل على إخراج الميثاق الجديد للاستثمار وإصلاح المراكز الجهوية للاستثمار.
وسيتم أيضا، حسب المسؤول الحكومي، إيلاء أهمية قصوى لإصلاح الإدارة تفعيلا للتوجيهات الملكية السامية، وذلك من خلال إخراج القانون المتعلق بتبسيط المساطر والإجراءات الإدارية، خاصة في ما يتعلق بتحديد الآجال القصوى لرد الإدارة على الطلبات المتعلقة بالاستثمار، مع التأكيد على أن عدم جوابها داخل هذه الآجال يعد بمثابة موافقة من قبلها.
وبعد أن أكد أن الحكومة ستولي عناية خاصة لدعم المقاولات المتوسطة والصغيرة والصغيرة جدا، من خلال مواصلة التدابير الرامية إلى تصفية دين الضريبة على القيمة المضافة المتراكم خلال السنوات الماضية، وتسريع آجال استرجاع هذه الضريبة وتقليص آجال الأداء وتحسين الولوج إلى التمويل، أشار بنشعبون إلى أنه تم وضع إطار مرجعي يمكن المقاولات المبتدئة والصغيرة والمتوسطة من التعرف على كل آليات وتدابير الدعم التي تضعها الدولة رهن إشارتها، فضلا عن إصلاح هذه الآليات والرفع من نجاعتها وتبسيط مساطرها، مبرزا في هذا السياق أنه تمت المصادقة من طرف الحكومة على مشروع قانون التمويلات التعاونية، وسجل أن الحكومة موازاة مع كل هذه التدابير والمجهودات لدعم القطاع الخاص، ستواصل المجهود الإرادي لدعم الاستثمار العمومي الذي ستسجل الاعتمادات المخصصة له ارتفاعا بـ3 ملايير درهم ليبلغ 198 مليار درهم.
وسيتم في هذا الإطار توطيد وتوسيع الشراكة المؤسساتية التي شرعت الحكومة في بلورتها هذه السنة، من خلال تطوير آليات جديدة ومبتكرة لتمويل المشاريع الاستثمارية المبرمجة في إطار الميزانية العامة للدولة، وهو ما يندرج، حسب الوزير في إطار تفعيل مقاربة جديدة لتدبير الاستثمارات العمومية بشكل عام، تنبني على النجاعة وتطوير الشراكة مع القطاع الخاص، وذكر في هذا السياق بمراجعة الإطار القانوني لعقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص من أجل تشجيع اللجوء إلى هذا النوع من الشراكات في تمويل المشاريع الاستثمارية للدولة والمؤسسات والمقاولات العمومية والجماعات الترابية، حيث يوجد مشروع القانون المعني طور مسطرة المصادقة لدى المؤسسة التشريعية.
كما تعتزم الحكومة، يشير الوزير، إطلاق إصلاح هيكلي للمؤسسات والمقاولات العمومية بما يمكنها من المساهمة بشكل فعال في دعم دينامية النمو وخلق فرص الشغل، وذلك موازاة مع مواصلة تنزيل مقتضيات إصلاح القانون التنظيمي لقانون المالية، وتكريس الترابط بين نجاعة الأداء ومبادئ التقييم والمحاسبة. وأبرز بنشعبون أن سنة 2020 ستتميز بدخول مجموعة من المقتضيات حيز التنفيذ، ويتعلق الأمر بإدراج مساهمات الدولة في التقاعد وأنظمة الاحتياط الاجتماعي ضمن نفقات الموظفين، وتصديق المجلس الأعلى للحسابات على مطابقة حسابات الدولة للقانون، وإعداد التقرير السنوي حول نجاعة الأداء الذي يلخص التقارير المعدة من طرف القطاعات الوزارية والمؤسسات.
الحكومة تواصل رفع شعار «عفا الله عما سلف»
على نهج حكومة بنكيران، تواصل حكومة سعد الدين العثماني رفع شعار «عفا الله عما سلف»، حيث أصدرت عفوا عن مهربي الأموال إلى الخارج، من خلال إلغاء كل العقوبات الزجرية في حقهم، شريطة إرجاعها إلى المغرب. كما التزمت الحكومة، ضمن قانون المالية لسنة 2020، بعدم الكشف عن هويتهم وكتمان كل الأسرار المرتبطة بالعملية. وكشف تقرير حول النفقات الجبائية المرفق لمشروع قانون المالية، أن الحكومة منحت هدايا لرجال الأعمال والمنعشين العقاريين، على شكل إعفاءات ضريبية، بلغت قيمتها حوالي 28 مليار درهم.
وأوضحت المذكرة التقديمية لقانون المالية، أنه، على غرار العملية الأولى للعفو المتعلقة بالصرف والجبايات التي أسست لمساهمة إبرائية برسم الممتلكات والموجودات المنشأة بالخارج لسنة 2014، يقترح إدراج، في مشروع قانون المالية لسنة 2020، عملية ثانية للعفو تحت مسمى «التسوية التلقائية للممتلكات والموجودات النقدية المنشأة بالخارج»، تمنح للأشخاص المعنيين فترة تبتدئ من فاتح يناير إلى غاية31 أكتوبر 2020 للقيام بالإقرار وأداء المساهمة الإبرائية للتسوية التلقائية برسم الممتلكات والموجودات المنشأة بالخارج، وتحدث هذه المساهمة برسم الممتلكات والموجودات المنشأة بالخارج المملوكة، قبل 30 شتنبر2019، من طرف الأشخاص المخالفين للقوانين المنظمة للصرف وللتشريع الجبائي. وتهم هذه المساهمة الإبرائية الأشخاص الذاتيين والاعتباريين المتوفرين على إقامة أو مقر اجتماعي أو موطن ضريبي بالمغرب، والذين ارتكبوا المخالفات المنصوص عليها في القوانين المتعلقة بالرقابة على الصرف، وكذلك المخالفات الجبائية المرتبطة بها والمنصوص عليها في المدونة العامة للضرائب.
وحسب مشروع قانون المالية، يمكن للأشخاص المعنيين بهذه المخالفات، أن يستفيدوا من عدم تطبيق العقوبات الزجرية المتعلقة بمخالفات الصرف وكذا تلك الناجمة عن المخالفات الجبائية، شريطة أن يقوموا بإيداع إقرار مكتوب على مطبوع نموذجي تعده الإدارة يبين نوعية الممتلكات المنشأة بالخارج، لدى إحدى مؤسسـات الائتمان المعتمدة باعتبارها بنكا، وأن يقوموا بجلب السيولة على شكل عملات نقدية وكذا الدخول والحاصلات الناجمة عن هذه السيولة وبيع نسبة من هذه السيولة لا تقل عن 25 بالمائة منها في سوق الصرف بالمغرب مقابل الدرهم، مع إمكانية إيداع الباقي في حسابات بالعملة أو بالدرهم القابل للتحويل مفتوحة لدى مؤسسات الائتمان المعتمدة باعتبارها بنكا المتواجدة بالمغرب.
واشترط قانون المالية أن يؤدي المستفيدون من العملية مساهمة بنسبة حددها القانون في 10 في المائة من قيمة اقتناء الممتلكات العقارية المنشأة بالخارج، ومن قيمة اكتتاب أو اقتناء الأصول المالية والقيم المنقولة وغيرها من سندات رأس المال أو الديون المنشأة بالخارج، وبنسبة 5 في المائة من مبلغ الموجودات النقدية بالعملة المرجعة للمغرب والمودعة في حسابات بالعملة الأجنبية أو بالدرهم القابل للتحويل، وبنسبة 2 في المائة من مبلغ السيولة بالعملة المرجعة للمغرب والمباعة في سوق الصرف بالمغرب مقابل الدرهم.
وتنتج عن أداء المساهمة الإبرائية تبرئة ذمة الشخص المعني من أداء الغرامات المتعلقة بمخالفة المقتضيات التنظيمية للصرف، كما أن أداء المساهمة الإبرائية عن التسوية التلقائية يبرئ المعنيين من أداء الضريبة على الدخل أو الضريبة على الشركات، وكذا الذعائر والغرامات والزيادات المرتبطة بهما برسم الجزاءات عن مخالفة واجبات الإقرار والدفع والأداء المنصوص عليها في المدونة العامة للضرائب. ومنحت الحكومة ضمانات للمستفيدين من العملية، من أهمها استفادتهم من ضمان كتمـان الهويــة برسم جميع العمـليات المنجزة خلال فترة هذه التسوية، وتلتزم الحكومة بعدم إجراء أية متابعة إدارية أو قضائية، بعد أداء المساهمة الإبرائية موضوع التسوية التلقائية المصرح بها ضد الأشخاص المعنيين.
ويتضمن مشروع قانون المالية لسنة 2020، عفوا آخر، يتعلق بعدم مساءلة الأشخاص الذين يكدسون الأموال على شكل أوراق مالية داخل الأكياس والخزائن الفولاذية « les coffres forts»، شريطة تحويلها إلى حسابات مفتوحة بالوكالات البنكية، ما يثير تخوفات من استغلال هذا الإجراء لتبييض أموال المخدرات. وتنص المادة 7 من مشروع قانون المالية على إحداث مساهمة برسم الموجودات المحتفظ بها في شكل أوراق بنكية من قبل الأشخاص الذاتيين الذين أخلوا بالتزاماتهم الجبائية المنصوص عليها في المدونة العامة للضرائب. وحسب المادة نفسها، يجوز للأشخاص المعنيين التسوية الطوعية لوضعيتهم الجبائية وفق الشروط الواردة في قانون المالية، مقابل أداء مساهمة حددها قانون المالية في نسبة 5 بالمائة من مبلغ الموجودات المودعة في حسابات مفتوحة لدى مؤسسات الائتمان المعتمدة باعتبارها بنكا. ويعتبر أداء هذه المساهمة بمثابة إبراء للشخص الذاتي المعني من أداء الضريبة على الدخل وكذا الذعائر والغرامات والزيادات المتعلقة بها والمترتبة عن الإخلال بالالتزامات المنصوص عليها في المدونة العامة للضرائب. وعلاوة على ذلك، لا يتم، برسم السنوات المحاسبية المفتوحة ابتداء من فاتح يناير 2020، اعتماد النفقات المشار إليها في المادة 29 من المدونة العامة للضرائب، والتي تم صرفها عند تقييم مجموع الدخل في إطار فحص مجموع الوضعية الضريبية للخاضعين للضريبة المنصوص عليه في المادة 216 من المدونة، وذلك في حدود مبلغ الموجودات المصرح به.
960 مليار سنتيم لتنزيل الجهوية المتقدمة
خصص مشروع قانون المالية ما مجموعه 9.6 مليارات درهم في إطار مشروع قانون المالية لسنة 2020، بزيادة 1 مليار درهم مقارنة مع سنة 2019، سيتم تحويلها للجهات لمواكبتها في ممارسة اختصاصاتها الذاتية والاضطلاع بأدوارها على مستوى التنمية الاقتصادية والاجتماعية على المستوى الجهوي. وسيتم تخصيص 10 في المئة من هذه الاعتمادات لفائدة صندوق التضامن بين الجهات، في إطار التقليص التدريجي للتفاوتات بين الجهات.
وأكد وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، محمد بنشعبون، أن الحكومة تولي أولوية قصوى لتسريع تنزيل الجهوية، وأبرز، في معرض تقديمه لمشروع قانون المالية لسنة 2020، خلال جلسة عمومية مشتركة لمجلسي البرلمان، أن هذه الأولوية تأتي اعتبارا لكون الجهوية رافعة لتغيير هياكل الدولة وتحسين الحكامة الترابية، ورافدا أساسيا لمعالجة الفوارق المجالية وتحقيق التوازن المنشود بين المجهود التنموي العام وبين خصوصية كل جهة. وأوضح الوزير، أنه سيتم أيضا إعطاء الأولوية لتفعيل آلية التعاقد بين الدولة والجهات عبر مواكبتها في إعداد برامجها المتعلقة بالتنمية الجهوية، وتفعيلها في إطار عقود برامج بين الدولة والجهات، ومواصلة المشاورات مع كافة الشركاء لتمكين الجهة من ممارسة اختصاصاتها الذاتية والمشتركة.
واعتبر أن برنامج تنمية الأقاليم الجنوبية 2016-2021 يشكل نموذجا رائدا على مستوى التنمية الجهوية المندمجة التي تتضافر فيها مجهودات الدولة والمؤسسات والمقاولات العمومية والجماعات الترابية والقطاع الخاص، وذكر بأنه تم في إطار هذا البرنامج إنجاز 87 مشروعا بغلاف مالي يبلغ 7 ملايير درهم، في حين يوجد حوالي 305 مشاريع في طور الإنجاز بغلاف مالي يقدر بـ 48 مليار درهم، مضيفا أن سنة 2020 ستعرف إطلاق مشاريع هامة كميناء الداخلة المتوسطي بغلاف مالي إجمالي يبلغ 10 ملايير درهم، والمركز الاستشفائي الجامعي بالعيون بغلاف مالي يقدر بـ 1.2 مليار درهم، إلى جانب المشاريع المندمجة للطاقة الريحية بكل من تيسكراد وبوجدور بغلاف مالي إجمالي يقدر ب 6.8 مليارات درهم. وخلص الوزير إلى أنه في إطار مواكبة تنزيل الورش الاستراتيجي للجهوية، سيتم العمل على التفعيل السريع لميثاق اللاتمركز الإداري، خاصة في ما يخص نقل الاختصاصات الوظيفية والصلاحيات التقريرية والموارد البشرية والمادية إلى المصالح اللا ممركزة.
«البيرة» و«الروج» لإنعاش الميزانية
تراهن الحكومة على مداخيل الخمور والتبغ لسد ثقوب الميزانية وسد العجز البنيوي الذي تعرفه، أمام تراجع حجم المداخيل الضريبية الأخرى، ولذلك تتوقع الحكومة في مشروع قانون المالية لسنة 2020، الذي سيعرضه وزير الاقتصاد والمالية، اليوم أمام غرفتي البرلمان، تحصيل ما يقارب 1300 مليار سنتيم من مداخيل التبغ والخمور بمختلف أنواعها.
وحسب مشروع قانون المالية، تتوقع الحكومة تحصيل مبلغ 1127 مليار سنتيم من الضريبة المفروضة على التبغ، وستصل مداخيل الرسم المفروض على كل أنواع الجعة إلى 87 مليار سنتيم، وسيصل الرسم المفروض على الخمور «الروج» والكحول الأخرى «الويسكي» و«الفودكا» مبلغ 71 مليار سنتيم، في حين لن تتجاوز مداخيل الرسوم المفروضة على المشروبات الغازية الأخرى «الحلال» مبلغ 31 مليار سنتيم، وتبلغ حصيلة الضرائب على التبغ المصنع ما قدره 11 مليار درهم، مقابل 9 ملايير و550 مليون درهما برسم السنة الماضية، أي بزيادة قدرها 15,18 في المائة.
وقررت الحكومة الزيادة في قيمة الضريبة على استهلاك الخمور، ويقترح قانون المالية رفع الضريبة على استهلاك جميع أنواع الجعة (باستثناء الخالية من الكحول)، لتصل إلى 1000 درهم للهيكتوليتر الواحد عوض 900 درهم المعمول به حاليا، ورفع الضريبة على استهلاك الخمور، لتصل 800 درهم للهيكتوليتر الواحد، بدل 700 درهم ظلت معتمدة منذ فاتح يناير 2014، وتهدف الحكومة من خلال هذه الإجراءات إلى رفع مداخيل استهلاك الخمور والكحول والجعة بنسبة 6,33 بالمائة، خلال العام المقبل بالمقارنة مع مداخيل السنة الحالية.
تقليص ميزانية صندوق المقاصة إلى 14.6 مليار درهم
أكد وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، محمد بنشعبون، أن الحكومة خصصت ما يناهز 26 مليار درهم لدعم القدرة الشرائية للمواطنين، خاصة بالنسبة للطبقة المتوسطة، وأوضح الوزير، خلال تقديمه لمشروع قانون المالية أمام مجلسي البرلمان، أن هذا الدعم سيتم من خلال تنزيل التزامات اتفاق الحوار الاجتماعي، التي يبلغ أثرها المالي الذي تتحمله الميزانية العامة للدولة برسم سنة 2020 ما مجموعه 11.3 مليار درهم.
وأضاف الوزير، في السياق ذاته، أنه سيتم تخصيص 14.6 مليار درهم لصندوق المقاصة في إطار مواصلة دعم غاز البوتان والسكر والدقيق، وموازاة مع ذلك، يقول المسؤول الحكومي، سيتم تحسين استهداف المواطنين في وضعية هشاشة والتطوير التدريجي للمساعدات المباشرة لفائدتهم، حيث تم تخصيص 630 مليون درهم لدعم الأرامل، و200 مليون درهم لمساعدة الاشخاص في وضعية إعاقة.
ومن جهة أخرى، أكد الوزير أن الحكومة حرصت على تخصيص ما يناهز 18 مليار درهم من أجل تقليص الفوارق مجاليا واجتماعيا في الولوج للصحة والتعليم وكل الخدمات الاجتماعية الأساسية، وأشار إلى أنه تم في هذا الإطار إيلاء أهمية خاصة لتعميم التغطية الصحية، عبر تخصيص 1.7 مليار درهم لبرنامج المساعدة الطبية «راميد»، موازاة مع بداية تفعيل التأمين الصحي للمستقلين، وتوسيع التغطية الصحية الإجبارية للطلبة.
وتم أيضا، حسب بنشعبون، تخصيص ما يفوق 3.5 مليار درهم في إطار تعزيز الدعم الاجتماعي للتمدرس بهدف تجاوز المعيقات التي تحول دون تمدرس أبناء الفئات المعوزة أو تتسبب في انقطاعهم عن الدراسة، خاصة بالعالم القروي، وسجل أنه تم أيضا تخصيص 2.2 مليار درهم لدعم المرحلة الثالثة من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وفق التوجه الجديد لبرامجها التي تهدف إلى إطلاق جيل جديد من المبادرات المدرة للدخل ولفرص الشغل بهدف تقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية، كما ستعمل الحكومة، يضيف الوزير، على مواصلة تنفيذ البرنامج الوطني لتقليص هذه الفوارق، عبر تخصيص ما قدره 7.4 مليار درهم ما بين اعتمادات الأداء والالتزام، مع اتخاذ كافة التدابير من أجل تعزيز نجاعة وفعالية هذا البرنامج.
3 أسئلة ل : إدريس الفينا أستاذ الاقتصاد بالمعهد الوطني للإحصاء والاقتصاد التطبيقي
«هامش ميزانية الاستثمار لا يتعدى 70 مليار درهم وإشكال المادة 9 تمكن معالجته بإجراء استباقي»
- هل ترجم مشروع قانون مالية 2020 التوجيهات الملكية التي تضمنتها الخطب الأخيرة؟
تجب الاشارة إلى أنه من الصعب الحديث عن إمكانية مشروع قانون مالي تنزيل التوجيهات الملكية الواردة في الخطب الأخيرة، على اعتبار أن هذه التوجيهات تصب في منحى التوجهات الاستراتيجية للدولة، والتي تحتاج إلى ميزانيات ضخمة من أجل تنفيذها، وفي هذا الباب يمكن القول إن هناك ترجمة جزئية من مشروع قانون المالية للتوجيهات السامية، على اعتبار أن الميزانية السنوية التي يحددها القانون المالي ليست ميزانية كبيرة جدا، فهي تبقي في نفس الحجم بالمقارنة مع السنوات الماضية، وإن كانت قد سجلت زيادة بنسبة 10 في المائة، إلا أنه تجب الإشارة إلى أن الملفات التي تنتظر الحل من قانون مالية السنة المقبلة مهمة جدا، زيادة على أن هناك كتلة أجرية كبيرة، بالإضافة إلى ميزانية التسيير لمرافق الدولة الكبيرة جدا والتي تجعل من هامش ميزانية الاستثمار لا يتعدى نسبة 70 مليار درهم، وهذه في تقديري قيود ورهانات في مواجهة قانون المالية لكل عام، ولا يمكن التغلب عليها دفعة واحدة، بل هو عمل سنوات من أجل الرفع من ميزانية الاستثمار وتخفيض الأعباء على المالية العمومية، وهذا الأمر ينطبق على النموذج التنموي الجديد الذي كان قد أشار إليه الملك محمد السادس في الخطاب الأخير، وهو ليس عمل سنة واحدة، حيث إنه بالكاد سيتم تشكيل اللجنة التي ستشتغل عليه وتقديم مقترحات بشأنه. - ما هي السمة الغالبة على التوجه المالي للحكومة من خلال مشروع قانون المالية؟
إن ما يمكن التأكيد عليه في رصد للتوجه الغالب على السياسة المالية للحكومة انطلاقا من مشروع قانون المالية، أن هناك نوعا من الطموح في مشروع قانون المالية المقبل، على اعتبار أن هناك زيادة في الميزانية بلغت 10 في المائة، وهو الأمر الذي يوضح المجهود الذي تقوم به الدولة من أجل محاولة معالجة المشاكل المطروحة المتعلقة بالاستثمار والجانب الاجتماعي وعدة مجالات أخرى. وبالتالي لا يمكن الحديث عن سياسة التقشف في الارتباط بالتقليص من عدد المناصب المالية المفتوحة، على اعتبار أن نهج سياسة التقشف يقتضي حذف الحكومة انطلاقا من قانون المالية لامتيازات معينة كانت تمنحها الدولة، بل على العكس هذا المشروع حمل الدولة عبئا كبيرا وتضمن مجهودا كبيرا في ظل وضع اجتماع علمي وإقليمي صعب ومضطرب، ولعل هذا ما يفسر هذا المجهود المبذول، على اعتبار أن الحكومة تحاول انطلاقا من مشروع قانون المالية ضمان التوازنات الماكرو اقتصادية للدولة، في الارتباط بالجانب المعيشي الاجتماعي للمواطنين، من خلال مشروع قانون مالي اجتماعي. وشخصيا اعتبر أن هناك قرارات متعددة للجوء الحكومة من خلال القانون المالي إلى الرفع من نسبة الاقتراض من الخارج، وهو الأمر المرتبط بما أشرت إليه، بمحاولتها ضمان التوازنات الاجتماعية والاقتصادية الداخلية، في ظل أوضاع اجتماعية عالمية مضطربة. - هل من شأن إجراء منع الحجز على ممتلكات الدولة الذي تضمنه المشروع المالي التأثير على الاستثمار؟
النقاش والجدل المثاران حول المادة التاسعة من مشروع القانون المالي لسنة 2020، والتي تحمي ممتلكات الدولة من الحجز، قد نجد لهما مسوغات، غير أن المشرع الاقتصادي المغربي، والحكومة بشكل أخص، مطالبة بمعالجة الثغرة الحاصلة في هذا الجانب، على اعتبار أنه من غير المقبول أن تصدر أحكام باسم رئيس الدولة من أجل الحجز على ممتلكات الدولة. ومكمن الخلل هنا هو أن بعض المسؤولين في الدولة يورطون الدولة في صفقات مع القطاع الخاص وهم لا يتوفرون على الاعتمادات المالية لتغطيتها، وبالتالي فإن أول الإجراءات التي يجب اتخاذها في هذا الجانب كخطوة حمائية ووقائية، هو منع إبرام صفقات عمومية لا تتوفر لها الاعتمادات المالية، سواء من المؤسسات العمومية أو الجماعات المحلية أو غيرها من قطاعات الدولة، لتجنب الوقوع تحت طائلة القضاء، وبالتالي الأحكام التي توجب الحجز على ممتلكات الدولة لأداء الالتزامات المالية تجاه القطاع الخاص. وشخصيا أعتبر أن هذا الأمر لن يؤثر على الاستثمار، بل إن هيبة الدولة في حماية والحفاظ على ممتلكاتها، وبالتالي فلحل الإشكال وتجاوز الخلاف يجب تعديل قانون الصفقات العمومية، بما يمنع إبرام صفقات لا تتوفر اعتماداتها المالية.