يونس جنوحي
نُودي علينا إلى المدرسة المركزية المحلية، وهي أقدم وأذيع صيتا من تلك التي سبقت لي رؤيتها في الجانب الآخر من الأطلس.
تؤوي أكثر من مئتي تلميذ، بمن فيهم بعض المنحدرين من المدارس الابتدائية الأكثر بساطة، الواقعة في القرى النائية، وتختلف عنها لكونها تتضمن قسما واحدا للبنات، ستتم زيادة عددها وتوسيعها قريبا.
التدريس في هذه المدرسة باللغتين الفرنسية والعربية.
تلاميذ السنة الرابعة كانوا يحلون مسائل الحساب والكسور العشرية بسهولة واضحة، ومستواهم في اللغة الفرنسية كان متقدما.
كان تلاميذ الفصل المكون من المبتدئين يقرؤون فعلا بشكل جيد بعد ستة أشهر.
واحدة من «المسائل»، التي وضعتها لهم، كانت تنطوي على فخ نصبتُه بنجاح: «إذا كانت لدي برتقالتان في يد وثلاث حبات موز في اليد الأخرى، كم من برتقالة تكون لدي في المجموع؟».
الجواب العام كان هو خمس، لكن عمت موجة ضحك عندما انتبهوا أخيرا إلى «المصيدة».
إذا كان سير العمل المدرسي مثيرا للإعجاب، فإن قسم الأعمال اليدوية كان مدهشا.
نجار محلي كان يُعلم الأولاد الذين كانوا يصنعون مكاتب المدرسة على طريقة الخبراء، والعمل في ورشة صناعة الفخار كان أكثر من رائع. هناك كان الأولاد يُنتجون تصاميم للأنماط التقليدية مُزينة بشكل فني، وكانوا يصنعون تماثيل ومجسمات بجودة أصلية.
المكان المجاور كان حقلا مفتوحا يُدرس فيها علم الزراعة بصورة عملية للغاية.
في بعض المستعمرات البريطانية، ارتكبنا خطأ تدريب العديد من المحامين، بينما الفرنسيون يصرفون المال على التعليم على المدى الطويل، وذلك من خلال استهداف إنتاج حِرفيين أفضل، ومُزارعين ومواطنين.
هناك حاجة إلى مال أكثر، إذ، مع النظرة الحالية، فإن إمكانية توفير تعليم شامل تبقى في مُتناول اليد. على الخطباء السياسيين، المنتشرين في كل مكان، أن يسجلوا عندهم أنّ هناك حاجة أيضا إلى المزيد من المعلمين. الكلمات العاطفية لا يُمكن أبدا أن تحل محل التعليم.
التقينا القايْد في القْصبة التي يملكها، لم تكن واسعة مثل تلك الموجودة جنوب الأطلس، لكن بها غرف واسعة ورائعة تُحيط بساحة مغطاة بالقرميد.
وبينما كنا مُتكئين على الأرائك، لاحظتُ وجود شريط من الكتابة مثبت فوق مدخل الغرفة.
كانت العبارات المكتوبة تعويذة ضد اجتياح العقارب للمكان. لم يكن بيدي سوى أن أتمنى أن تكون الحشرات المحلية قادرة على قراءتها.
كان صوت طقطقة المناقير يقاطع محادثتنا حول كؤوس الشاي المنعنع.
الأسطورة نفسها تُحيط بطائر اللقلاق، في المغرب كما في منطقة الألزاس.
إن هو اختار منزلك لإقامة عُش، فإنه يجلب معه ثروة جيدة. لو كان هذا الأمر حقيقيا، فإن ازدهار ثروة القايد لا بد أن يكون مضمونا. إذ كان هناك ما لا يقل عن ثمانية عشر زوجا من اللقالق أقامت أعشاشها فوق أبراج قَصْبته.
(هناك أسطورة في الدين الإسلامي بخصوص اللقلاق، ربما تكون أكثر إثارة للاهتمام. إذ بدا أن أحد السلاطين ضحك على بعض الحجاج الذين كانوا قد جاؤوا لتحيته، وهو ما كان خارجا عن الدين ولا يمت له بصلة. وغضب الله عليه وحوله إلى لقلاق. وهكذا، فإن أحفاده استقروا دائما فوق بيوت المسلمين اعترافا منهم بالدين الحقيقي، متجاهلين منازل النصارى واليهود).
بعد ذلك أثار انتباهنا مستشفى لم يكتمل بناؤه بعدُ.
كان مقررا أن يتولى طبيب فرنسي منصبه في وقت لاحق من الشهر، وفي انتظار ذلك كانت ممرضة المنطقة تقوم بعمل رائع.