شوف تشوف

الرئيسية

فوضى تدبير الجماعات المحلية

نفايات بالملايير بسلا وتمارة وصالون بـ30 مليونا في العيون ومخازن سرية وأسواق عشوائية بالراشيدية

إعداد : النعمان اليعلاوي

كشفت التقارير الأخيرة للمجالس الجهوية للحسابات، والتي صدرت عن المجلس الأعلى للحسابات ضمن التقرير السنوي حول أنشطته لسنة 2018، والذي رفعه رئيس المجلس، إدريس جطو، إلى الملك محمد السادس، عن تلاعبات واختلالات في التدبير والتسيير لمجمل الجماعات الترابية في المغرب. وشملت تقارير المجالس الجهوية الجهات الاثنتي عشرة للمغرب، وتطرقت إلى تدبير عدد من القطاعات، منها المفوض تدبيرها لشركات عمومية أو خاصة، أو التي تدبرها الجماعات المحلية بشكل مباشر، وكشفت عن تلاعبات مالية وتمرير صفقات عمومية دون مناقصات أو طلبات عروض، كما أبانت التقارير عن سوء تدبير في عدد من الجماعات الكبرى.

كشفت تقارير المجالس الجهوية للحسابات عن جانب من الفساد المالي الذي ينخر جسم الجماعات الترابية بالمغرب، حيث وقفت على حقائق تتعلق بطريقة تدبير الصفقات العمومية التي شابتها عدة اختلالات. وتبعا لذلك، فقد اتخذ وكلاء الملك لدى المجالس الجهوية للحسابات، في غضون سنة 2018، ثمانية ملتمسات من أجل تطبيق الغرامة المنصوص عليها في المادة 29 من مدونة المحاكم المالية في حق مجموعة من المحاسبين الذين تأخروا في تقديم الحسابات أو المستندات المثبتة لها في الآجال المقررة إلى المجالس الجهوية المعنية، بناء على وضعية الإدلاء بحسابات الأجهزة الخاضعة لاختصاص كل مجلس جهوي على حدة.
كما رفع وكلاء الملك لدى المجالس الجهوية للحسابات، خلال سنة 2018، ثلاث وأربعين قضية إلى تلك المجالس في مادة التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية، مع وجود تسع وعشرين قضية أخرى معروضة عليهم قيد الدراسة، كما أصدروا، بناء على الملتمسات المتخذة في هذا الصدد، اثنين وثمانين قرارا بمتابعة أشخاص وإحالتهم على المجالس المختصة قصد التحقيق في المخالفات المنسوبة إليهم، فيما تم حفظ عشرين قضية، بعدما تبين لممثلي النيابة العامة لدى المجالس الجهوية المعنية، من خلال دراسة التقارير المعروضة عليهم، عدم توفر الأدلة والإثباتات الكافية لرفع قضايا في هذه الميدان، كما أحال وكلاء الملك لدى بعض المجالس الجهوية للحسابات على الوكيل العام للملك لدى المجلس الأعلى للحسابات ثمان قضايا تتضمن أفعالا قد تستوجب عقوبة جنائية من أجل اتخاذ المتعين بشأنها.

سلا وتمارة.. نفايات بالملايير
أشار المجلس الجهوي للحسابات لجهة الرباط سلا القنيطرة إلى أن عدد القضايا الرائجة أمام المجلس بلغ عشر قضايا تهم 44 ملفا. وأصدر المجلس الجهوي للحسابات خلال هذه السنة أربعة عشر حكما تهم جماعتي القنيطرة والهرهورة، تم بموجبها الحكم بغرامات مالية إجمالية بلغت 356.200 درهم على تسعة متابعين وتبرئة خمسة متابعين بسبب عدم ثبوت أي مخالفة في حقهم، كما وصل مبلغ الخسارات المحكوم بإرجاعها إلى 75.975 درهما.
وبخصوص التدبير المفوض لقطاع النظافة في عدد من الجماعات المحلية التابعة لسلا، والتي شملتها عملية الافتحاص من لدن المجلس، أشار المجلس الجهوي للحسابات إلى أن الشاحنة المخصصة لنقل الصناديق الحديدية الخاصة بالنفايات المنزلية يتم استعمالها خارج نطاق الاستغلال، وأحيانا لجمع نفايات البناء، مما يحرم خدمة جمع الصناديق الحديدية من الآلية الوحيدة المخصصة التي تمكن من إفراغها، ويؤثر بالتالي على جودة الخدمة المقدمة، موضحا أنه سجل أيضا أن الشركة المكلفة بقطاع النظافة لا تقوم في بعض الحالات، بالتخلص من النفايات مباشرة بعد جمعها خلافا لما هو منصوص عليه بدفتر التحملات، مما يؤثر سلبا على التحديد الدقيق لكمية النفايات بكل قطاع.
وبخصوص جماعة تمارة أشار تقرير المجلس إلى أن الجماعة لا تولي الأهمية الواجبة لمرفق جمع النفايات والكنس عند إعداد وثائق التعمير، رغم أن المادة 19 من القانون رقم 90.12 المتعلق بالتعمير تنص على أن تصميم التهيئة يهدف إلى تحديد المواقع المخصصة للتجهيزات الجماعية والمنشآت ذات المصلحة العامة من جهة، والارتفاقات المحدثة لمصلحة النظافة أو للحفاظ على الصحة العامة. كما أشار التقرير إلى أنه بعد أربع سنوات من بداية التدبير المفوض لقطاع النظافة في جماعة تمارة، لوحظ تدنّ في مستوى الخدمة، أدى إلى تطبيق غرامات بمبلغ 797.000 درهم في سنة 2011، وبتاريخ 03 غشت 2012 قامت الشركة المفوض إليها بوقف الخدمة نهائيا قبل تاريخ انتهاء المدة التعاقدية مما حذا بالمفوض لتطبيق الفصل 79 من دفتر التحملات مع اعتماد نظام الوكالة المؤقتة لتدبير المرحلة الانتقالية وإجراء المنافسة لاختيار مفوض إليه جديد. كما كشف تقرير المجلس أن العديد من النقط السوداء للنفايات المنزلية لم يتم القضاء عليها نهائيا.

بوزنيقة.. فوضى التدبير الجماعي
وكشف المجلس الجهوي للحسابات لجهة الدار البيضاء سطات، أن المجلس الجماعي لبوزنيقة لم يقم بوضع برنامج العمل المنصوص عليه في القانون التنظيمي 113.14 المتعلق بالجماعات، والذي كان يجب أن يُعد ويُعمل به منذ سنة 2016، كما سجل عدم اتخاذ المجلس الجماعي للقرارات الكفيلة بتحسين الخدمات الجماعية وتطوير الأداء الجماعي، وذلك من قبيل ضابط البناء الجماعي والأنظمة الجماعية للوقاية الصحية والنظافة العمومية، ووضع استراتيجيات لتنمية الموارد الجماعية وتنظيم الإدارة الجماعية وتحديد اختصاصاتها.
وكشف المجلس الجهوي للحسابات أيضا منح الرئيس تفويضي إمضاء لنائبيه الأول والثاني يهمان تباعا، من جانب أول الوثائق المرتبطة بالميدان الإداري والمالي ومن جانب ثان الوثائق التي تخص قطاع التعمير والبناء، وبالرغم من أن هذين التفويضين ألغيا تباعا بتاريخ 23 مايو 2016 و 10 أبريل 2017، فإن التفويض الأول الممنوح للنائب الأول للرئيس يهم أصلا مجالا غير قابل للتفويض بموجب المادة 103 من القانون التنظيمي. كما سجل المجلس أيضا عدم قيام مصالح الجماعة بإحصاء الأراضي الحضرية غير المبنية مما يترتب عنه ضياع مداخيل مهمة تفوق، حسب تقديرات المجلس الجهوي للحسابات، مبلغ 9.501.185 درهما عن الفترة الممتدة من 2014 إلى 2017.

العيون الساقية الحمراء.. صالون بـ20 مليونا

كشف المجلس الجهوي للحسابات لجهة العيون الساقية الحمراء أن جماعة بوجدور قامت، خلال الفترة 2013-2017، بصيانة وإصلاح أثاث وعتاد المكتب والعتاد المعلوماتي بميزانية تفوق أثمنة اقتناء هذه الأجهزة من السوق، وكمثال على ذلك، يورد التقرير الجهوي للحسابات، أن جماعة بوجدور صرفت ما مجموعه 212.292 درهما لصيانة مجموعة صالون من الجلد و83.040.00 درهما لثماني عمليات إصلاح لآلة النسخ من نوع Richo.
كما أشار المجلس إلى أن الجماعة لا تقوم بإجراء الفحص التقني الدوري لعرباتها التي تتجاوز أعمارها الخمس سنوات، وذلك طبقا للمواد من 66 إلى 69 من القانون رقم 52.05 المتعلق بمدونة السير، والتي تنص على إجبارية المراقبة التقنية بالنسبة لجميع العربات الخاضعة للتسجيل. ويرجع المسؤولون الجماعيون سبب عدم القيام بهذه المراقبة التقنية إلى توفر الجماعة على ورشة ميكانيك تقوم بإصلاح كافة الأعطاب ومراقبة العربات. كما لم تقم الجماعة بأداء الضريبة الخصوصية السنوية على السيارات الجماعية طيلة فترة مراقبة التسيير 2012 – 2017على مجموع سياراتها الخاضعة لهذه الضريبة، وأرجع المسؤولون الجماعيون سبب عدم أداء هذه الضريبة إلى ضعف الموارد المالية للجماعة، مما يجعلها في حاجة ملحة إلى التقليل من النفقات والبحث عن زيادة الموارد.
وسجل المجلس ارتفاع المصاريف الفعلية للتسيير من 803 ملايين درهم سنة 2016 إلى 965 مليون درهم سنة 2017 بزيادة تفوق 162 مليون درهم. وارتفعت نفقات مجال الإدارة العامة بنسبة 11 بالمائة بزيادة فاقت 56 مليون درهم ونفقات الشؤون التقنية بنسبة 74 بالمائة بزيادة ناهزت 50 مليون درهم ونفقات الدعم بنسبة 27 بالمائة بزيادة فاقت 33 مليون درهم وكذلك نفقات الشؤون الاجتماعية بنسبة 27 بالمائة بزيادة ناهزت 22,7 مليون درهم.
كما قامت جماعة بئر الكندوز، وفق المصدر نفسه، ببيع بعض من ممتلكاتها بأثمنة جد منخفضة، وبالتالي تفويت موارد على ميزانية الجماعة. فعلى سبيل المثال، قامت هذه الجماعة بعملية بيع مجموعة من المنقولات الحديثة وذات قيمة مالية مهمة (سيارة، وجرار، وكراس، ومكاتب، وثلاجات، وحواسيب…) بمبلغ جد منخفض بحوالي 12 ألف درهم، وأيضا جماعة تيشلا بالصحراء المغربية منحت سندات الوقود لفائدة سيارات شخصية دون مبرر بميزانية بلغت 110.700 درهم، لفائدة سيارات شخصية لموظفيها وأعضاء مكتب المجلس الجماعي.

الرشيدية.. مخازن سرية وأسواق عشوائية
وكشف المجلس الجهوي للحسابات بجهة درعة تافيلالت أنه من خلال الزيارة الميدانية لسوق الجملة، وحسب إفادات بعض موظفي الجماعة، لاحظ انتشار المخازن السرية في العديد من الأحياء بالمدينة. وتشكل هذه الوضعية عقبة كبيرة أمام تطوير سوق الجملة بالمدينة. حيث تنشط عمليات البيع المباشر خصوصا للفواكه، في كل من أحياء «لابيطا» و«تاركة الجديدة» وقبالة السوق اليومي «الواد الأحمر»، مما يخالف مقتضيات الفصل 2 من النظام الداخلي لسوق الجملة للخضر والفواكه لبلدية الرشيدية رقم 30 / 99 والتي تنص على أنه «يجب لزاما مرور كافة الخضر والفواكه التي ترد على المدينة قصد بيعها بالجملة أو نصف الجملة مهما كانت أشكالها على سوق الجملة بالرشيدية حيث تجري عمليات البيع».
وسجل المجلس عدم تدخل الجماعة والسلطة المحلية من أجل وضع حد لهذه الظاهرة التي تؤثر بشكل سلبي على مداخيل الجماعة. ويتبين من المعطيات المتوفرة تراجع مداخيل سوق الجملة وذلك خلافا للتطور الذي تعرفه المدينة من حيث الزيادة المطردة لعدد السكان وتحول المدينة لمركز جهة درعة – تافيلالت وما لذلك من انعكاسات على القدرة الشرائية بالمدينة نتيجة استقرار عدد مهم من الأطر والموظفين المنتمين للطبقة الوسطى. فالجماعة لم تعمل على استبيان أسباب تراجع مداخيل السوق واتخاذ ما يجب من إجراءات لتصحيح الوضع.
وأكد مجلس الحسابات أن سوق الجملة للخضر والفواكه، وعلى الرغم من كونه يتوفر على ميزان جسري لوزن المنتوجات الواردة على السوق، تبين أن أغلب الشاحنات التي تدخل السوق تكون محملة بشحن مختلطة من الخضر والفواكه، حيث يتم احتساب وزن الشاحنة في سجلات الدخول على أساس خضر وفواكه دون تحديد لكميات كل نوع من السلع على حدة، ما يفتح الباب أمام كل أنواع المخاطر المحيطة بعمليات البيع والتصريح بالكميات المباعة. من جهة أخرى، لوحظ شبه غياب لمراقبة المصالح الجماعية لكميات وأنواع الخضر والفواكه التي تخرج من السوق، حيث إن الجماعة لا تضع العدد الكافي من الموارد البشرية للقيام بهذه المهمة، حيث لم تعين عونا مختصا بهذه المراقبة إلا بتاريخ 1 مارس 2017، إذ تبين أن مداخيل السوق عرفت ارتفاعا ملحوظا مباشرة بعد هذا الإجراء بلغت نسبته 87.7 في المائة بين العشرة أيام الأخيرة من فبراير والعشرة أيام الأولى من مارس لسنة 2017، إلا أن هذه العملية لا تتجاوز التأكد من وجود ورقة الخروج ومعاينة شكلية للخضر والفواكه المحملة دون وزن، أو التأكد من الكميات الحقيقية المصرح بها، في حين كان يمكن القيام بعملية وزن ومراقبة دقيقة ولو لعينة من الشحن.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى