انطلقت أولمبياد فرنسا 2024، بحفل افتتاح مثير للجدل، جر ورائه مجموعة من الانتقادات بسبب فقراته الاستعراضية التي وصفت بالمملة وذات إيحاءات جنسية.
أدت بعض العروض الاستعراضية خلال الحفل إلى سحب شركة أمريكية لإعلاناتها من الأولمبياد، بسبب عرض « العشاء الأخير » الذي قام خلاله متحولون جنسيون بتجسيده، ما أثار سخط الأساقفة الكاثوليكيين وعدد من السياسيين، باعتبار العرض إهانة فظيعة للمعتقدات الدينية.
وتضمن الاحتفال الذي أقيم يوم الجمعة الماضي، على طول نهر السين، مشهدا يحاكي لوحة « العشاء الأخير” للفنان الإيطالي الشهير، ليوناردو دا فينشي، وجسد فيها المسيح مع تلاميذه وهم على مائدة طعام، إلا أن اللوحة الاستعراضية عبرت عن محاكاة ساخرة لـ”العشاء الأخير”، تضمنت وجود أشخاص يعبرون عن المثلية.
كما شمل الحدث، الذي استمر 3 ساعات، لوحات لراقصين شبه عراة، وترويج لتوجهات جنسية مختلفة، وأقليات عرقية، مما اعتبره البعض إقحاما لهذه المسألة الجدلية في أكبر حدث رياضي في العالم، كما اعتبره كثيرون عرضا “مسيئا »، يفتقر للاحترام تجاه إحدى أشهر اللوحات في العالم.
وفي نفس السياق عبر الأساقفة الفرنسيين عن غضبهم من حفل افتتاح الأولمبياد، حيث أصدر مؤتمر الأساقفة بيان في هذا الصدد، يعبرون فيه عن أسفهم الشديد حول ما تعرضت له المسيحية من استهزاء وسخرية.
وجاء في البيان نفسه “نشكر أعضاء الطوائف الدينية الأخرى الذين أعربوا عن تضامنهم معنا. هذا الصباح نفكر في جميع المسيحيين في جميع القارات الذين تضرروا من التجاوزات والاستفزاز في بعض المشاهد”.
وأضاف: “أفكارنا هذا الصباح مع المسيحيين في جميع القارات الذين تأذوا بسبب المبالغة والاستفزاز في بعض المشاهد »، وشدد الأساقفة على ضرورة إدراك أن الألعاب الأولمبية تتجاوز التحيزات الأيديولوجية لدى بعض الفنانين.
ومن جهة أخرى، عبر مجموعة من السياسيين الأوروبيين عن غضبهم من العرض الساخر للوحة « العشاء الأخير »، حيث قالت عضوة البرلمان الأوروبي الفرنسية ماريون ماريشال: “إلى جميع المسيحيين في العالم الذين يشعرون بالإهانة من هذه المحاكاة الساخرة للعشاء الأخير خلال حفل افتتاح باريس 2024، اعلموا أن فرنسا ليست هي التي تتحدث، بل أقلية يسارية مستعدة لأي استفزاز”.
وخاطبت النائبة لور لافاليت، عن حزب التجمع الوطني، الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عبر حسابها على منصة « إكس » : “السيد رئيس الجمهورية، نحن جميعاً سعداء للغاية بدورة الألعاب الأولمبية في باريس 2024، ولا أريد التحدث في السياسة هذا المساء. لكن هل حقا كان هذا ضرورياً؟”، في إشارة إلى العرض.
ومن جانبها، قالت متحدثة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، إن “هذا المستوى ليس مجرد القاع.. إنه قاع نهر السين ذاته”.
وحول السخرية من لوحة “العشاء الأخير” قالت إنه “تم تجسيد الرسل على أنهم مخنثون”.
وأضافت: «من الواضح أنهم في باريس قرّروا أنه إذا كانت الحلقات الأولمبية متعدّدة الألوان، فيمكنك تحويلها كلها إلى عرض عملاق للمثليين».
وأكدت أنها لم تكن راغبة في متابعة عرض الافتتاح “ولكن عندما شاهدت راية الأولمبياد مرفوعة بالمقلوب لم أستطع تصديق أنها ليست مزيفة أو أنها تصميم فوتوشوب”.
ومن الجهة الإعلانية للأولمبياد، أعلنت شركة اتصالات وتكنولوجيا أميركية، أنها قررت وقف تعاقداتها الإعلانية مع الأولمبياد في باريس، وذلك عقب ظهور لوحة استعراضية وُصفت بأنها “تسخر” من الديانة المسيحية.
وقالت الشركة في تدوينة لها على حسابها الرسمي بمنصة “إكس”: “لقد صدمنا بسبب السخرية من لوحة العشاء الأخير خلال مراسم افتتاح الألعاب الأولمبية في باريس”.
فبعد الضجة التي خلقها حفل الافتتاح، وخاصة عرض « العشاء الأخير »، خرجت مديرة الاتصالات باللجنة المنظمة للألعاب الأولمبية بتصريح، أفادت من خلاله أن اللجنة تعتذر عن المحاكاة الساخرة “للعشاء الأخير” في حفل الافتتاح التي أثارت ردود فعل قوية وانتقادات واسعة.
وذكرت ديكامبس، في مؤتمر صحفي، أن اللجنة المنظمة لم تكن تريد الإساءة إلى أي شخص كان أو إهانة مشاعر أي أحد. وشددت على أن المخرج توماس جولي لم يرغب في الإساءة لأي شخص بهذه المشاهد ضمن حفل افتتاح الألعاب.
وأشارت ديكامبس إلى أن المخرج، قدم تبريراته حول هذا الموضوع.
وتجدر الإشارة أنه تم حذف الفيديو الرسمي لحفل افتتاح أولمبياد باريس من حساب “يوتيوب” الخاص بالبطولة، بعد تصاعد حدة الانتقادات اللاذعة، فيما لا تزال مقاطع الفيديو المتعلقة بدورات أولمبية سابقة متاحة للمشاهدة.