شوف تشوف

الرئيسيةتقاريرثقافة وفن

فرناندو بيسّوا في ضيافة الأدباء

يعدّ الشاعر البرتغالي فرناندو بيسّوا حالة فريدة في تاريخ الشعر العالمي، فهو لم يكتف بحياة أدبية واحدة فحسب، بل عمد، عن قصد وبالكثير من الدّهاء، إلى أن يجعل من إنتاجه وحياته أدبا كاملا، يحتاج في الحقيقة إلى تاريخ أدبيّ ونقد أدبيّ، وما يستتبع ذلك من مدارس نقدية وحساسيات أدبية.

إنّ المجرّة الأدبية وأجواءها الخاصّة لفرناندو بيسّوا كانت تضمّ أسماء شعرية متباينة في عوالمها وأجوائها الخاصّة، ولم يكن حتّى بيسّوا نفسه مبدع هذه الأسماء سوى اسم بينها، بل ربّما أقلّها إشعاعا وحظا في الإبداع والحياة. لهذا كان لفرناندو بيسّوا هذا الحضور القويّ برتغاليا، أوروبيا وعالميا.

    إعداد وتقديم: سعيد الباز

أنطونيو تابوكي.. أيّام فرناندو بيسّوا الثلاثة الأخيرة

 الكاتب الإيطالي أنطونيو تابوكي (1943-2012) Antonio Tabucci أحد أفضل مترجمي الشاعر والكاتب البرتغالي فرناندو بيسّوا، الذي تأثر به إلى حدّ كتابة أعمال روائية انطلاقا من حياته وسيرته الغريبة، من أشهرها رواية «هذيان» التي تطرق فيها بشكل متخيّل إلى الأيام الثلاثة الأخيرة في حياته. بداية تعرّفه على فرناندو بيسّوا كانت بالصدفة، حيث كان أنطونيو تابوكي متوجّها إلى محطة ليون ليستقل القطار عائدا إلى إيطاليا، وهناك في المحطة، وفي أحد الأكشاك اشترى كتيبا لكاتب «مجهول» بالنسبة إليه: فرناندو بيسّوا. هذا الكتيب كان يحوي الترجمة الفرنسية لقصيدة «دكان التبغ»، وهي قصيدة كان وقّعها بيسّوا باسم أحد «بدلائه» (ألفارو دو كامبوش). يقول تابوكي: «كانت الترجمة الفرنسية مدهشة، وقام بنقلها بيير هوركاد. وهوركاد كان أوّل من ترجم بيسّوا في الغرب. عمل ملحقا ثقافيا في السفارة الفرنسية في لشبونة، وأُتيحت له هناك الفرصة للتعرف إلى بيسّوا في الثلاثينيات. قرأت هذه القصيدة خلال رحلة عودتي إلى إيطاليا، وكان الأمر بمثابة اكتشاف بالنسبة إليّ، بمثابة قوة خارقة، لدرجة أنني قررت تعلّم اللغة البرتغالية سريعا: قلت لنفسي إن كان هناك شاعر كتب قصيدة ساحرة إلى هذه الدرجة، فعليّ إذا تعلم لغته). في روايته يجمع البدلاء الأساسيين لفرناندو بيسّوا في لحظاته الأخيرة:

«يجب أن أحلق ذقني أوّلا، قال. لا أرغب في الذهاب إلى المستشفى بذقن نابتة منذ ثلاثة أيام، أرجوكم، نادوا لي الحلاق، السيد ماناسيس، إنّه يسكن على ناصية الشارع.

لكن لا وقت لدينا، يا سيد بيسّوا، أجاب الحاجب، لقد وصلت سيارة التاكسي، كما أنّ أصدقاءك وصلوا منذ بعض الوقت، وهم ينتظرونك عند مدخل البناية. لا أهمية لذلك، أجاب، لدينا الوقت دائما. جلس على الكرسي الصغير حيث كان السيد ماناسيس يحلق له ذقنه عادة، وبدأ بقراءة أشعار سا-كارنييرو.

دخل السيد ماناسيس وحيّاه: مساء الخير، سيد بيسّوا… قيل لي إنك لست على ما يرام، أتمنى ألّا يكون الأمر خطيرا. وضع له فوطة حول عنقه وبدأ يصوبن له ذقنه. أخبرني شيئا يا سيد ماناسيس، قال بيسّوا، إنك تعرف الكثير من القصص الصغيرة المهمة، فأنت تلتقي بالعديد من الناس في «صالونك» أخبرني شيئا ما.

… كم كانت الساعة؟ لم يكن بيسّوا يعرف شيئا، هل كان ليلا؟ هل كان النهار قد طلع؟ جاءت الممرضة وغرزت له إبرة ثانية. لم يعد بيسّوا يشعر بألمه في الجهة اليمنى. كان حاليا يجد نفسه في سلام غريب، كما لو أن ضبابا كان قد نزل عليه…

سمع طرقا على الباب فقال: ادخل. كان ألبرتو كاييرو يرتدي سترة مخملية ذات ياقة من الفراء. كان رجلا قرويا ويظهر ذلك من ثيابه. سلام، يا معلمي، قال بيسّوا. السلام عليك.

اقترب كاييرو من رجل السرير وكثف ذراعيه. يا عزيزي بيسّوا، قال، جئت لأقول لك شيئا، أتسمح لي أن أعترف لك بشيء؟ أرجوك، أجاب بيسّوا. حسن، قال كاييرو، حين كان يوقظك في الليل، معلم مجهول، يملي عليك أشعارك، حين كان يتكلم فيك، في روحك، لتعرف أنّ هذا المعلم كان أنا، كنت أنا من يتصل بك في العلى. كنت أفترض ذلك، قال بيسّوا، يا معلمي العزيز، كنت أفترض أنه أنت.

لذلك عليّ الآن أن أطلب منك مسامحتي، لأنني سببت لك أرقا كثيرا، قال كاييرو، أرقا خلال ليال وليال، لم تنم فيها، وحيث بقيت تكتب كما لو كنت ثائر الأعصاب. أشعر بالندم لأنني سببت لك متاعب جمّة، لأنني شغلت روحك.

لقد ساهمت في نتاجي، أجاب بيسوا، لقد سيّرت يدي، صحيح أنك سببت لي أرقا، لكنها كانت ليالي خصبة بالنسبة إليّ، لأن نتاجي الأدبي ولد في الليل، نتاجي هو نتاج ليلي.

خلع كاييرو سترته ووضعها على قدم السرير. ليس هذا الأمر الوحيد الذي أرغب في قوله لك، همْهَم، هناك سر أرغب في البوح به لك، قبل أن تفرقنا المسافات بين النجوم، لكنني لا أعرف كيف أقول لك ذلك. قله لي ببساطة، قال بيسوا، مثلما تقول أيّ شيء.

حسنا، قال كاييرو، إنني والدك… لقد قمت بدور أبيك، أبيك الحقيقي… الذي مات من داء السلّ الرئوي حين كنت لا تزال طفلا. حسنا، لقد أخذت دوره.

ابتسم بيسّوا. كنت أعرف ذلك، قال، لقد اعتبرتك دائما مثل والدي… صدقني، كنت أبا بالنسبة إليّ، الأب الذي أعطاني الحياة الداخلية».

إسكندر حبش.. بيسّوا كاتب الروح المتعددة

 

الشاعر والمترجم اللبناني إسكندر حبش، من أبرز المهتمين والمترجمين للأعمال الأدبية لفرناندو بيسّوا، يحلل لنا هنا خاصية التعدد في كتابات بيسّوا:

«… إن كان فرويد كاتب الروح الواحدة، فإنّ بيسوا هو كاتب الروح المتعددة، أنطونيو تابوكي يعود إلى ذلك دائما، في تأملاته ككاتب. في كتابه «أيام فرناندو بيسّوا الثلاثة الأخيرة» يتخيّل تابوكي أنّ بيسّوا، خلال فترة نزعه في مستشفى سان لويس الفرنسي في لشبونة، يتلقّى زيارة جميع البدلاء الذين اخترعهم. فإلى جانب سرير موته، يمرّ كل من ألفارو دو كامبوش، وألبرتو كاييرو، وريكاردو رييش، وبرناندو شواريش وأنطونيو مورا. تعود أصواتهم لتنبثق مرّة أخرى، ولتقوم بزيارة الذين أبدعهم. ولتعترف له بأسرارهم وتطلب منه الغفران النهائي والمناولة للحياة الأبدية. يبدو الأمر أشبه بمسرح تدخل فيه الظلال لتؤدي التحية وتختفي في عمق الخشبة. قد تكون صورة المسرح هذه ملائمة جدا لهذا السرد. ففي واقع الأمر، استعمل تابوكي غرفة المستشفى بمثابة منصة مسرحية… بيد أننا، في «أيام فرناندو بيسّوا الثلاثة الأخيرة»، نجد أنّ باليه الشخصيات قد اقتصر على الشيء الأساسي: فالزمن يبدو ضاغطا، مستعجلا، حيث لا وقت للخطب المسهبة، للتساؤل، وحتّى لا وقت للندم. تصل الظلال على أطراف أصابعها، وحيث كلماتها إضاءات صغيرة في صمت الموت الذي هو الشخصية الصامتة، لكن الأساسية في قلب الحكاية.

… إنّها هذا العالم المتشعب، عالم يحاول أن يبحث فيه عن الإنسان، أي أنّ الكائن البشري يقف في قلب أعمال تابوكي، حيث يحاول أن يرسم لنا «بورتريهات» تدفع القارئ إلى طرح العديد من الأسئلة، لعلّ أبرزها: ما معنى الهوية حين تكون هذه الأخيرة غير ثابتة وفي تحرّك مستمر؟ وفي موازاة هذا السؤال الوجودي لا بدّ لنا أن نلاحظ اختبارات الكاتب في تجريب العديد من الأشكال الأسلوبية، المتراوحة بين «اللهو» (إذا جاز التعبير) والمتطلبة في الوقت عينه، لدرجة أننا في بعض الأحيان نجد صعوبة ما في متابعة الخيط الحكائي وتطوره كلما تقدم النصّ بنا.

ربّما يكون مردّ ذلك إلى جملة هذه التأثيرات المتعددة التي يقع فيها نص تابوكي. بالتأكيد هناك فرناندو بيسّوا كمرجعية أولى، لكن هناك أيضا، بالإضافة إلى الأسماء التي ذكرنا، غوستاف فلوبير وجيمس جويس وأيضا وليم فوكنر وبخاصة في هذا «الجانب الحديث» الذي يُدخلنا في هذه الأفكار المتاهية التي تعاني منها غالبية شخصيات تابوكي الروائية. غالبا ما يبشرنا الكاتب بالشكّ، فهو يفضل الشخصيات التائهة، القلقة، الخائفة، وبهذا المعنى يحاول أن يجعلنا نتيه أيضا في هذه الأصوات المتعددة التي تسكن أقاصيصه. إزاء ذلك، علينا أن نكون حذرين إذ يكفي أن نشرد، ولو للحظة واحدة، حتّى نتيه عن سير القصة ونمرّ إلى جانب القصة.

 

نجم والي.. هناك وقفتُ وألقيتُ قرنفلة على فرناندو بيسّوا

معرفتي بفرناندو بيسّوا قديمة، تعود إلى أيام الدراسة في جامعة بغداد، المرة الأولى التي سمعت فيها مقطعاً شعرياً له، أنشدته زميلة لي درست الأدب الإسباني الذي كان أُنشئ حديثاً في كلية الآداب عام 1977. وأعتقد أن الأساتذة الإسبان هم الذين نقلوا لنا الشاعر البرتغالي، ربما لأنهم ظلوا أمينين لثقافة شبه الجزيرة الإيبيرية التي ضمت مع بلادهم البرتغال أيضاً. ربما ضاع بيسُوا مني زمناً، لكنه ما لبث أن عاد من جديد، أولاً في 1985، عندما زرت البرتغال للمرة الأولى، وثانياً، منذ أيام إقامتي الأولى في مدريد (1987- 1990). كان شاعر «الأنوات» المنقسمة والانشطارات حاضراً في أحاديث صالونات الأدب ومقاهيه. ومن يعش هناك، لا بد له من أن يفكر بزيارة البرتغال، لشبونة بالذات، على الأقل من أجل البحث عن الآثار التي تركها بيسُوا. فلشبونة لا تبعد أكثر، من خمس ساعات بالسيارة عن مدريد. ومنذ ذلك الحين ما مر عام لم أزر فيه لشبونة، خصوصاً في أيام الشتاء. بعد نهاية الخريف تحمل المدينة نكهة خاصة، روائح السمك والثمار البحرية في كل مكان، فيما تبعث موسيقى الفادو «التي تغني الفقدان» صدى ميلانخولياً يختلط مع الضوء الفضي الممزوج بلون ذهبي تعكسه مياه الخليج أوقات المساء، يضيع في الأفق البعيد ويمتزج مع روائح معلبة برطوبة المحيط. كل الروائح هذه يصعب للزائر شمها في موانئ أخرى، رائحة البحر الممتزجة مع رائحة بُنّ حُمِّص للتو، وتبوغ ما زال يُمكن شم نداوتها، رائحة بهارات وأعشاب يابسة وأسماك مجففة، روائح تُذكر بمدن بعيدة، نامت في ذاكرة الإنسان.

في كل زياراتي للمدينة، وجولاتي الطويلة عبر أزقتها وأسواقها ومطاعمها وحاناتها، خصوصاً الحانات والمقاهي في لشبونة التحتية، فكرت به، فرناندو بيسّوا. إذ من الصعب على واحد مثلي، جوال آفاق، ألا يفكر بقرابة روحية لصديق مثله؟ كنت أراه واضحاً أمامي، مثل الضوء، يتحرك بنظراته الميلانخولية، يتجول يومياً عبر شوارعها، يتنقل بين مقاهيها في الحي القديم الملتصق بالبحر، أو يصعد سلالمها إلى حي الفاما المشهور بحانات الفادو. «طفلتي الحبيبة، صغيرتي! إنني في مارتينو دي آركادا، إنّها الثالثة والنصف، وعمل اليوم قد أُنجز!» أتذكر تلك الجملة التي كتبها في رسالة لحبه الوحيد والقصير أوفيليا كيروز، وأعرف أن عمل اليوم كان بالنسبة إليه هو الحصول على قوته اليومي من طريق عمله مراسلاً تجارياً ومترجماً في مكاتب شركات الاستيراد والتصدير في الحي القريب من الميناء «بايشا». وما كان يكسبه لم يكن يكفي حقيقة، حتى لدفع ثمن علبة دخان. أفكر به، كيف عاش طوال حياته فقيراً، مستأجراً ثانياً في غرف مؤثثة. كانت الشوارع والحانات والمقاهي هي بيته الحقيقي، هناك واظب على قتل الوقت والجوع. أما وطنه فكان اللغة البرتغالية. وعمله الحياتي، بعد أن يكون قد أنجز عمله الوظيفي، هو كتابة الشعر. حينذاك كان يجلس غالباً في المقاهي. في «مارتينو دي آركادا» أو في «براكا ديل كوميرسيو». هنا كتب الكثير من قصائده ورسائله الغرامية لأوفيليا، في مقاهيه التقليدية الأخرى الصغيرة التي كان يمرّ بها في شكل عابر في طريق تنقله بين مكان عمله ومقهى آركادا، في مقهى «غاف دي أورو» و«المارتينو»، في مقهى «جيلو» و«باستيليريا ماركيز»، في مقهى «لايتراريا دي جيادو»، أو في «البرازيلية» في الحي القديم «الجيادو»، المقاهي التي تحمل الكثير من بهاء القرون الماضية، التي انقرض بعضها وبعضها لا يزال. في كل تلك المرات، رأيته إلى جانبي، وأنا أصعد مدرجات شوارع لشبونة العالية، نسير معاً، ندخل مقهى أو نشتري علبة دخان. في كل المرات تلك، لم أره ينطق كلمة أو يُصدر حركة تعبر عن ضيق.

وائل عشري.. بيسّوا رسائل ونصوص

             

… أن نعطي فرناندو بيسّوا (1888-1935) حقّه، يعني أن نضع في اعتبارنا التعقيدات والتناقضات التي تحيط بكلّ من شخصيته وكتاباته. كَتَبَ بيسّوا، من لم ينته تقريبا من أيّ مشروع كتابة بدأه أو خطط له، من أخذت كتاباته الشذرة كوسيطها الدائم، تحت أسماء عدة ولغات متعددة. لم تكن تلك مجرّد أسماء مستعارة، ولا شخصيات أدبية ابتكرها كي يُخفي هويته أو كي يعبّر عن أفكار أو وجهات نظر لم يرد، لأيّ سبب من الأسباب، أن ترتبط بشخصه واسمه. بالأحرى، كان هؤلاء كُتّابا مستقلين عنه، يكتب عبرهم أو يكتبون عبره، لكلّ منهم رؤيته الخاصة للعالم، وأسلوبه الأدبي، وجماليته، وأحيانا رؤاه السياسية والاجتماعية. كي يؤكّد على هذا الاستقلال أطلق عليهم بيسوا وصف «الأنداد». ولا يبدو أنّ بيسّوا قد اعتبر الأنداد خدعة ممتدة خفيفة الظل، ولا تدخلا لُعبيّا في وسط أدبي أكثر جدية مما راق لذائقته. بل بدا دائما أنّه نظر إليهم كتبدٍّ آخر لتعدده الشخصي، ووصف نفسه، في علاقاته بالشخصيات الأكثر أهمية من بين هؤلاء الأنداد، بأنّه «الأقل شأنا بينهم جميعا». أن نعطي بيسّوا حقّه يعني بداية أن نأخذ هذا الوصف، وأمثاله من أوصاف شبيهة متكررة، على محمل الجد، كإيماءة جادة من طرف كاتب لم يكن بوسعه سوى أن يكتب، دائما، كآخر.

تقول المزحة الشائعة إنّ أهمّ أربعة شعراء في التاريخ الأدبي الحديث للبرتغال هم فرناندو بيسّوا، في إشارة إلى بيسّوا ذاته بالإضافة إلى أنداده الشعراء الثلاثة الأكثر شهرة بين الأنداد: ألبرتو كاييرو Alberto Caeiro، ريكاردو رييس Ricardo Reis وألفارو دي كامبوس .Alvaro de Campos

…غير أنّ عالم أنداد بيسوا أكثر اتساعا من هذا الثلاثي الشعري على أهميته. يشمل عديدا من شخصيات أخرى، مؤخرا أحصى بعض دارسيه مائة وستة وثلاثين ندّا، بعضها رئيسي وبعضها هامشي، تناولوا في كتاباتهم موضوعات مدهشة في تنوعها، شعرا ونثرا، بالبرتغالية والإنجليزية والفرنسية، في النقد الأدبي والرأي السياسي، في التنجيم والعلوم الباطنية، في الدين والوطنية البرتغالية، في الكتابة الساخرة والتحليل الاجتماعي، في القصة القصيرة والرواية البوليسية والفلسفة.

… أن نعطي بيسوا حقّه يعني، إذن، أن نضع كلّ هذا في حساباتنا على أعمق نحو ممكن، أن نرى فيه الشيء وضده، الذات المتعددة المتناثرة والأمّة العبقرية ذات الرسالة الإنقاذية التي يتمثل خلاص العالم الروحي في الخضوع لسطوتها الناعمة، أن نراه لا كأيقونة (لتشظي الحداثة على سبيل المثال، أو حتّى إمكانية لُعْبية تهزّ الجدية المبالغ فيها لمثقفين وكُتّاب يعيّنون أنفسهم رسلا أو قادة أو طليعة لقراء أو لشعب) بل ككون متناقض، كعالم يخصّه لكنه يشبه، لهذا الحد أو ذاك، العالم «الواقعي» خارجه. أن نعطي بيسّوا حقّه يعني، ربّما، ألّا نختزله إلى إمكانية للخلاص، أو التسلّي، أن ننظر إليه ولما يمثله كتحد لا خلاص.

أوفيليا كيروز.. كيف عرفت فرناندو

 

إنّ الحياة المتكتمة والغامضة لفرناندو بيسوا لم تمنع، لحسن الحظ، أن نمتلك الكثير من المعلومات عن حياته الخاصة. من بين هذه المعلومات رسائله إلى خطيبته الوحيدة أوفيليا كيروز Ophélia Queiroz التي أدلت في أواخر حياتها بشهادة أساسية عن علاقته العاطفية الوحيدة في حياته، تقول أوفيليا كيروز:

«لم يكن فرناندو بالمعنى الدقيق للكلمة موظفا. بل لا أعلم حتّى إن كان يتقاضى أجرا. كان يساعد ابن قريبه في مراسلات الشركة، يترجم مباشرة من الفرنسية ومن الإنجليزية ما كان يملي عليه ابن قريبه بالبرتغالية. وكما هو معروف كان فرناندو يتقن جيدا الحديث باللغتين، خاصة الإنجليزية. أصدقاؤه كانوا يتندرون بقولهم إنّ فرناندو يتقن الإنجليزية إلى حدّ التفكير بها.

كان يأتي في الغالب إلى مكتب الشركة، لأنه كان بالتحديد ابن خال فريتاس  Freitas الذي تربطه به علاقة متينة، ولأنّه كان ملتقى العديد من الأصدقاء من أجل المحاورة والنقاش، من بينهم أتذكّر لويس دي مونتالفور Luis de Montalvor (شاعر برتغالي أسس رفقة بيسوا مجلة أورفيو Orpheu الناطقة باسم الحداثة في البرتغال)، الذي كان يزور المكتب تقريبا كلّ يوم، والذي لم يكن يغفر لفرناندو عدم نشر أعماله. كان يلومه قائلا: «إنّها لجريمة، يا فرناندو، ألّا تكون معروفا إلى حدّ الآن» وكان فرناندو يجيبه: «دع الأمور تجري على هذا النحو. ذلك أنّي يوم سأموت، سأترك ورائي صناديق مليئة»… من زوار المكتب كان هناك سيماو دي لابوريرو الذي كان مديرا لإحدى الجرائد… وآخرون ممن لم أعد أتذكرهم. الكثير من الشباب كانوا يقصدون فرناندو في ذلك العهد، يطلبون منه التعاون من أجل إصدار جرائد أو مجلات، وهو ما لم يكن يرفضه أبدا. تعرّفت على فرناندو يوم تقدّمت من أجل الوظيفة المعلنة… كما لم يكن في المعتاد في ذلك الزمن أن تخرج الفتيات وحدهن، كنت برفقة خادمة أختي… عند وصولنا قرعنا الباب، ولم يكن ثمّة أحد بعد. فكنا مرغمتين على الانتظار. في لحظة ما رأينا سيّدا يصعد السلالم لباسه كلّه أسود (علمت في ما بعد أنّه كان يرتدي اللباس الأسود، حدادا على عديله) وبقبعة ذات حواف مقلوبة، ونظارات ومنديل يلفّ عنقه. كان يبدو في مشيته وكأنّه لا يلمس الأرض. كان يرتدي – بطريقة طبيعية جدا- بنطلونا محشوّا أسفله في لفافة قماط. لم أدر لماذا دفعني ذلك إلى رغبة كبيرة في الضحك. ولم أنجح إلّا بعد جهد جهيد في أن أقول له بأنّي جئت من أجل الإعلان، عندما سألنا بخجل عن أسباب الزيارة. هذه أوّل صورة لي عن فرناندو. وبأدب جمّ رجانا الانتظار قليلا، لأنه لم يكن ربّ العمل. دخلنا إلى المكتب وبعد قليل ظهر قريبه، وسأل عن الشخص الذي يهمّه الإعلان، وبدأنا في المفاوضة. فرناندو حضر المشهد كلّه جالسا أمام مكتب، ومستديرا باتّجاهي، على محيّاه ابتسامة خفيفة لمن يجد في ما يراه أمرا ممتعا.

… كنت صغيرة جدا… ولأني لم أكن أضع مكياجا، فقد كنت أبدو أصغر ممّا كنت عليه في الواقع. كان عمري 19 سنة حينما تعرفت على فرناندو وكان بيننا، بالتالي، فارق 12 سنة. كان يجدني بالغة الطرافة، وبحنو كان يدعوني (صبيتي الصغيرة)… ورغم أنّ فرناندو لم يكن راغبا أبدا في زيارة بيتنا كما يودّ فعل ذلك أيّ عاشق آخر. كان يقول لي: «تعلمين، أنّه ينبغي الفهم، بأنّ ذلك سيكون مبتذلا، وأنا لست امرؤا مبتذلا». فإني كنت أتفهمه، وأقبله تماما كما هو، كان على سبيل المثال كثيرا ما يقول لي: «لا تخبري أحدا بأننا مرتبطين بعلاقة، هذا كلام سوقي، نحن نحب بعضنا البعض». كنّا نتجول ونتحدث في الأمور كلها، الأشياء الأكثر بساطة عن الشعر وعن الكتب التي كان يطالعها، عن طموحاته وعن عائلته.

… كنت أنا وفرناندو متفقين على أن أطلّ من النافذة في الوقت المفترض فيه أن يمرّ أمام البيت، وهكذا كنّا نتمكن من رؤية بعضنا البعض. والدي لم يساوره الشك مطلقا في حكايتنا. كنت أتوجه إلى النافذة، وفي اللحظة المتفق عليها يظهر فرناندو. كان يمرّ من الجانب الآخر من الشارع بحشمته المعتادة، وهو يرسل إليّ خفية إشارات مداعبة وقبلات، بعدها ينحدر في الشارع، ولكي يضحكني (وهذا يبدو شيئا غير قابل للتصديق من رجل مثله) يتنطط على أدراج سلالم كلّ أبواب المنازل، وفي يوم الاثنين بعدها، كنا نلتقي ونعلّق على المشهد ونضحك كثيرا. كان فرناندو في العموم مرحا جدا، وكان يضحك مثل طفل، ويجد الكثير من الأشياء مسلية… فرناندو كان شخصا شديد الخصوصية، كل طريقته في الوجود، إحساسه وحتى طريقة لباسه كانت فريدة وغريبة، لكن لم أنتبه إلى ذلك في تلك الفترة، ربما لأني كنت عاشقة جدا. حساسيته الرقيقة، حنانه وخجله وانطواؤه وغرابة أطواره كانت في العمق تفتنني. كان فرناندو على سبيل المثال غامضا بعض الشيء عندما يقدم نفسه بصفته ألفارو دي كامبوش كان يقول عندها: «اليوم، لست أنا الذي أتيت، لكن صديقي ألفارو دي كامبوش» فكان يتصرف حينها بطريقة مختلفة، ويتفوّه بأمور غير منسجمة. جاء إليّ ذات يوم وقال: «لديّ مهمة، سيدتي، هي أن أرمي السحنة الحقيرة لهذا الفرناندو بيسوا من الرأس إلى الأسفل في سطل مليء بالماء». أجبته: «أكره هذا الألفارو دي كامبوش، ولا أحب سوى فرناندو بيسوا». لا أعرف لماذا، أجابني، هو يحبك كثيرا. كان فرناندو نادرا ما يتحدث عن ألبرتو كاييرو وريكاردو راييش وبرناردو سواريش.

… كنا نواصل إرسال برقيات التهاني في مناسبات الميلاد رغم توقفنا تماما عن اللقاء والمراسلة بيننا… قبل موته، وبعد مدّة قليلة التقاه ابن أختي كارلوس فسأله: كيف حال أوفيليا؟ وهو يشدّ بقوة على يده أضاف بعيون ممتلئة بالدموع: «يا للروح الجميلة! يا للروح الجميلة!».

(ت/ سعيد الباز)

فرناندو بيسوا.. لستُ أحدا

       

لستُ أحدا، وقد انتبهت إلى ذلك ولأوّل مرة اليوم. لا أحد مطلقا، وأمامي مدينتي ولا أرى سوى أرض منبسطة، وهي مهجورة وليست ثمّة سماء. أنا كلّ ما ليس موجودا، ولم يكن أبدا قد وُجِد. ولست حتّى شخصية من كتاب، هل أطوف في حلم شخص آخر؟ إذا لم أكن أحدا، فإنّي مازلت أفكّ وأفكّر دونما توقّف، لكنّه ضباب، اضطراب دون إحساس، مثل كابوس، أسقط في حفرة سوداء، سقطة بلا اتّجاه، سقطة لا نهائية وفارغة. روحي عدم دائخ، حائمة في محيط بلا أفق، والمياه كلّها تعكّر صور ما رأت وسمعت في المنازل، لكنّها أيضا وعلى حدّ سواء الوجوه والكتب والموسيقى، وأنا الأنا مركز كلّ هذا، مركز غير موجود، إلّا من هندسة الهاوية هاته، والتي تدور من أجل أن تدور، ولا شيء أكثر من دائرة كروية أو بئر. رجل زعم: «أنا أفكر إذن، أنا موجود هذا شأنه !!أنا أفكّر، وهذا ما قد حطّمني بقوّة، وشرّحني دون جدوى: أنا تعددت والكلّ، كلّ ما يدور حولي يُستعاد لغاية الولوج به إلى مسرح، هو بداخلي أنا، وأتـنبّه مثل حنيني ويأسي. في كلّ حدث أنا آخر، أتجدّد في الألم، وأحيا بأحاسيس ليست ملكا لي.

تبدّدت وهنا تعرّفت على نفسي. خلقت في ذاتي العديد من الشخصيات، أخلقها في كلّ حين ودون توقف. لقد ازدوجت شخصيتي كما يجيد ممثل صنيعه على شاشاته السينمائية. لكي أكون دمّرت ذاتي، ملغوما ومتآكلا إلى حدّ أنّي الآن وبصدق لا أحد.

في المدينة لست إلّا مساعد محاسب والمفارقة لا تزعجني، بل بالعكس أنا في حاجة إليها وتجعلني أحيا وأرفع رأسي عاليا. مغمورا من لدن الجميع أشعر بنفسي عظيما وهذا يرفعني إلى مصاف الأخيار.

جالسا على طاولتي، وحيدا في الغرفة أواصل كتابة كلمات. هل ستكون خلاص روحي؟ أن تحيا هي أن تكون آخر يتجدّد في كلّ لحظة، وأن تتكرّر هي أن تكون شيئا غير مثير للاهتمام.

أن تغسل ذاكرتك في كلّ الصباحات، أن تمحو كلّ شيء لتجد نفسك جديدا عذريا هذا هو المثال، وأن تعيد، في كلّ لحظة، اكتشاف ألوان الأشياء وأشكالها، أن تعيد اكتشاف الزمن ثانية بعد ثانية، الصوت ومذاق الأشياء كما في المرّة الأولى، فغدا لن يشغلني إنّه يوم آخر.

أرى مسافرا منحنيا في «باص» يسير من نقطة إلى أخرى في المدينة، السماء ذات ضوء كئيب، بيد أنّها تكشف عن الطيور البيضاء الهائجة، ولم أشعر كما هو معتاد في عظامي بقدوم العاصفة. كان عليها أن تقصف في الجانب الآخر من الضفة في أسفل المدينة. عندما يكون الجو هكذا، يتّجه فكري إلى التأمّل الفارغ كاشفا عنّي كما أنا في عزلتي في هذا الغور المعتم المعروف لدى الشعراء، دون أن أدري كيف أنّ روحي تتذكر جوّا آخر.

خارج الكلّ، من بين هذه الصور الواضحة والحزينة طبعا، منظر لبطّ وحشيّ. لديّ انطباع فظيع بأنّي واحد منها، وثمّة صيادون أراهم فأجزع لأنّ أحراش قصب تمنعني من المشي. السماء أخيرا تفرغ من سحبها الرمادية والميتة، فألقي نظرة على الضفة الأخرى، تلك التي أوجد بها. هناك لا أحد، ولن يكون ثمة أبدا أحد. وإذا كان بإمكاني الهروب من ذلك المنظر، فسأقضي وقتي في الانتظار، وسيقبل حتما الليل. فجأة أحسّ ببرد عميق يخترق جسدي…

كلّ واحد منّا يعتقد بأنّه وحده متفرّدا بأصالة شخصه، أريد أن أقول في علاقته بالآخرين. هؤلاء الآخرون ما أصعبهم في الواقع !! نصل إلى القول بأنّهم ليسوا مثلنا، إنّهم مختلفون، لكن في ماذا؟ هذا وسواسي وكم هو فظيع معايشته… عندما أراهم يتصرّفون أتحقّق من أنّهم يشبهونني في كلّ شيء، وهذا الأمر ليس في صالحي. إنّهم أشباهي، وهذه حقيقة الحياة، ولا أنازعها البتة. هذا الإحساس يستمرّ حتّى في الكتب المقرّرة، والصور المرئية والأحلام اليومية… في الواقع، وللاختصار، هناك الآخرون وثمّ هناك أنا. إنّهما عالمان اثنان.

(ت/ سعيد الباز)

أنطوان غوديمار..على خطى فرناندو بيسوا

 

قام الكاتب والصحافي الفرنسي أنطوان غوديمار Antoine Gaudemar بإنجاز تحقيق صحفي في أواسط سنوات الثمانينيات في مدينة لشبونة، سجل فيها شهادات من تعرفوا على فرناندو بيسوا أو كانوا من مجايليه، أعيد نشر التحقيق في كتاب «لشبونة» الذي ضمّ مشروعه الغريب في كتابة دليل سياحي لمدينته الأثيرة على نفسه لشبونة، من ضمن هذه الشهادات:

«… يبتسم الحرفيّ قائلا: «نعم لقد عرفته، كان يحبّ الأطفال كثيرا، وكان يجيب دائما على الأسئلة التي تُطرح عليه. كان أبي حلّاقه، وكان يراه كلّ يوم، هنا أو في بيته. كانت شقته معتمة، وكان ينبغي لأبي أن يحلقه أمام النافذة التي تطلّ على الشارع. كان شخصا منعزلا، قليل المعاشرة. يخرج كلّ يوم نحو منتصف النهار، فيذهب إلى المقهى المقابل، وكان له طقس إذ يقول: «ناولني سبعة»، وهو شفرة بينه وبين صاحب المقهى، يدلّ على أنّه يرغب في شرب الخمرة. كان يشرب ثمّ ينصرف، كان شرّيبا، وكنت عرفتُ من أبي، الذي أخبرني بالأمر، أنّه كاتب. أبي كان يعلم أمورا كثيرة عنه، فالناس يتحدثون كثيرا مع حلّقه، لكن لا أحد يشكّ في أنّه سيصبح مشهورا جدا. كان يكتب ليلا، وفي الصباح لمّا كنت أرافق أبي إلى بيته، كانت المرامد ملأى»… أنطونيو سيكساس لم يصبح حلّا مثل أبيه. كان نزل إلى الماء فأبحر وسافر لمدة طويلة، وغيّر بدوره دكان أبيه إلى مشغل لإصلاح الآلات الكهربائية. «ليس ثمة ما يقال عن هذا الرجل، كانت له مشاكل مالية، لكنّه كان يحرص على أناقة ملبسه، وكان الناس يحترمونه، وكان ذا شخصية قوية جدا. ذات يوم وأنا عنده، وضع يده على كتفي وقال لي ثلاث مرّات وهو يحدجني بنظرة حادة: «لا تترك من لا كفاءة له يغلبك». لقد حدث هذا أياما قبل رحيله.

أخت الشاعر غير الشقيقة ما تزال على قيد الحياة، هنريكيتا مادلينا هي كبرى الأطفال المنحدرين من الزواج الثاني لأمّ فرناندو بالقنصل البرتغالي بجنوب إفريقيا. لها الآن، ثلاثة وتسعون عاما… تتذكر هنريكيتا ذات العينين النجلاوين السوداوين خلف نظارتيها المكبرتين، لها بشرة فتاة، وفي يدها عصا تتوكأ عليها: «كنت أصغره بسبع سنوات، لم يكن يلعب كثيرا حين كان طفلا، وسبق أن كان يكتب طيلة الوقت. كان قليل الأصدقاء، مفتونا لأمه، لا يتحدث البتة عن أبيه الذي مات لمّا كان عمره خمس سنوات، وكان يتحدث معي في أمور الدين. حين بلغ السابعة عشرة، ترك دوربان في جنوب إفريقيا قصد الدراسة بلشبونة، لم أره إلّا بعد مرور سنوات. جاء يفتّش عنّا في الباخرة، أنا وأمّي. في الميناء كان عمال حوض السفن مضربين، صدم فرناندو أشدّ الصدمة لرؤيته أمّي مصابة بشلل نصفي جرّاء تجمد الدم. وبعد مضي وقت قليل أقمنا، نحن الثلاثة، في شارع كويله ودا روشا. كان ينفق ساعاته في الكتابة وفي صناعة التنجيم. أحيانا كان يأتي إلى المطبخ ويقول لنا: «أترغبان في أن أقرأ لكما ما كتبته؟» وكانت أمّي تجيب دائما بنعم… كانت حياته قليلة التنظيم، يقصد المكتب في الصباح، يخرج في المساء ويعبر المدينة راجلا، ولمّا يعود ينصرف إلى الكتابة. كان يشرب كثيرا ويدخن كثيرا، وكان يستحم بالماء البارد، صحته كانت عليلة ومرارا كان يشكو، وفي أغلب الأحيان كان يسهر آناء الليل يجوب الشقة، وفي الصباح كان يسترجع سهاده فيقول: «لم أستطع النوم، شعرت بالحمّى». كان يتحدث عن البدائل التي أبدعها كما لو كانت أشخاصا أحياء، وكانت أمّي التي تحبه حبا جمّا مقتنعة بها، أمّا أنا فتعذر عليّ تصديقها، لم أستطع أبدا حمله محمل الجد بخصوص هذا الموضوع، بيد أنّ الإعجاب يتملكنا لرؤيته يغير شخصيته بهذه الطريقة».

(ت/ محمد الفحايم)

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى