في اليوم السابع للحرب الدائرة بغزة، يواصل الجيش الإسرائيلي قصف القطاع وقتل المدنيين، في حين تلتزم كتائب القسام التابعة لحركة حماس الفلسطينية بخطة الدفاع، التي تؤكد أن خطتها الدفاعية للعملية أقوى من الخطة الهجومية التي أذهلت إسرائيل وفاجأت العالم. ولتحرير الرهائن الإسرائيليين أرسلت أمريكا فرقة «دلتا»، التي لديها تاريخ مميز في تحرير الرهائن.
سهيلة التاور
عملية إبادة يقوم بها الاحتلال الإسرائيلي لـقطاع غزة، عبر سلسلة من المجازر الجماعية التي يرتكبها، في ظل تواصل قصفه العنيف على الأحياء السكنية، واتباعه سياسة التهجير والأرض المحروقة. وفيما دخلت عملية «طوفان الأقصى» يومها السابع، تواصل المقاومة الفلسطينية الرد عبر استهدافها الأراضي المحتلة.
وأعلن الجيش الإسرائيلي، أول أمس الخميس، ارتفاع حصيلة قتلاه منذ بدء عملية «طوفان الأقصى»، التي أطلقتها حركة «حماس»، يوم السبت الماضي. وقام الجيش بتحديث البيانات على موقعه الإلكتروني، ليصبح عدد القتلى من الجنود الآن 246 جنديا، حيث ذكر أنه من بين الجنود القتلى هناك جنديات أيضا.
وبذلك ارتفع عدد قتلى إسرائيل إلى 1300 على الأقل، معظمهم من المدنيين، منذ انطلاق هجوم حركة حماس. وأفادت وسائل أعلام عبرية بأن أكثر من 3300 شخص أصيبوا في الهجوم، فيما بلغت حصيلة المختطفين نحو 200 شخص، بينهم أجانب تم نقلهم إلى قطاع غزة، ولم يعرف مصيرهم بعد.
وسمح الجيش الإسرائيلي، في وقت سابق من أول أمس الخميس، بنشر أسماء 25 جنديا قتلوا خلال هجوم «طوفان الأقصى» الذي نفذته المقاومة الفلسطينية، السبت الماضي، وأشار الجيش إلى أنه تم إبلاغ أسر الجنود بمقتلهم.
ونقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية عن الجيش، أنه تم قتل 5 ضباط يشغلون منصب قائد فرقة في الكتيبة 13 من لواء غولاني، وقائد سرية في الكتيبة 13 ونائبه من اللواء ذاته.
كما لقي 3 جنود من الكتيبة 13 في لواء غولاني مصرعهم برفقة آخر من الكتيبة 51، وضابطي هندسة وتقنية من اللواء نفسه.
وأضاف الجيش أن جنديين من لواء ناحال قد قتلا خلال هجوم مقاتلي حماس، صباح السبت الماضي، أحدهما جندي في وحدة استطلاع والآخر جندي دورية تابعة للواء، كما قٌتل جندي في الكتيبة 90 من لواء كفير وضابط عمليات اللواء 7 وضابط في مقر لواء «يهودا والسامرة».
30 مجزرة في حق الشعب الفلسطيني
وتواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي ارتكاب المجازر بحق العائلات الفلسطينية في قطاع غزة لليوم السادس على التوالي، في حين أكد متحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي أن الهجوم العسكري على حركة المقاومة الفلسطينية حماس يركز على القضاء على كبار قادة الحركة، بما في ذلك رئيسها يحيى السنوار.
وأفاد سلامة معروف، رئيس المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، بأن إسرائيل ارتكبت قرابة 30 مجزرة ضد عائلات فلسطينية خلال حربها على القطاع منذ السبت الماضي، تسببت في استشهاد المئات، جلهم من النساء والأطفال، آخرها بحق عائلة شهاب وراح ضحيتها 31 شهيدا وعشرات الجرحى.
وأعلنت وزارة الصحة في غزة ارتفاع حصيلة الشهداء منذ السبت الماضي حتى أول أمس الخميس إلى 1417 شهيدا، إضافة إلى إصابة 6268 آخرين، وأضافت أنها سجلت سقوط 447 شهيدا من الأطفال و248 شهيدة، نتيجة عدوان الاحتلال المتواصل على قطاع غزة.
وحذرت الوزارة من أن تأخر الاستجابة لنداء الإغاثة يجعل قطاع غزة مقبرة جماعية، في حين أكدت المنظمات الإغاثية الدولية أن شريان الحياة في غزة بدأ يتلاشى، وحان وقت حماية الإنسانية هناك.
وأضاف معروف أن الاحتلال دمر عشرات المباني السكنية والأبراج، في منطقة الكرامة (شمال) ومخيم الشاطئ (غرب) والبريج (وسط) ومدن رفح وخان يونس (جنوب) ودير البلح (وسط)، وذلك بواقع 752 مبنى سكنيا، بينها 2835 وحدة (شقة) هُدمت بشكل كلي، و32 ألف وحدة تضررت أضرارا بالغة، منها 1791 وحدة غير صالحة للسكن، بينما تم تدمير 42 مقرا حكوميا وعشرات المرافق والمنشآت العامة، كما ألحق القصف الإسرائيلي دمارا بـ89 مدرسة، 9 منها لم تعد صالحة للعمل، و11 مسجدا.
خطة طوفان الأقصى
أكد صالح العاروري، نائب رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الفلسطينية حماس، أن عملية طوفان الأقصى التي بدأتها كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحماس، جاءت استباقا لهجوم كانت تنوي إسرائيل شنه على قطاع غزة فور انتهاء الأعياد اليهودية، وقال إن الخطة الدفاعية للعملية أقوى من الخطة الهجومية التي أذهلت إسرائيل وفاجأت العالم.
وكشف العاروري أن خطة طوفان الأقصى قامت على أساس اقتحام 122 من عناصر القسام غلاف غزة، ومهاجمة «فرقة غزة»، المسؤولة عن حصار قطاع غزة وعمليات الاغتيال والقتل التي تنفذ بحق الفلسطينيين في القطاع.
ورغم أن الخطة كانت تتوقع «أن تستمر المعارك مع فرقة غزة لساعات طويلة، فإن مقاتلي القسام تفاجؤوا بانهيار الفرقة كاملة خلال ساعات قصيرة، وتمكنوا من الوصول بسهولة إلى مركز قيادتها والمطار والكيبوتسات والمستوطنات القريبة»، بعد أن هرب من نجا من الجنود الإسرائيليين، في حين قتل وأسر الكثير منهم.
وشدد المسؤول في حماس على أن التعليمات كانت منذ البداية لدى مقاتلي القسام بالالتزام بتعليمات الدين الإسلامي في الحروب، وهي عدم قتل المدنيين والنساء والأطفال والشيوخ، وعدم المس بمصالح الناس المدنية، والاكتفاء فقط بمقاتلة الجنود والمسلحين.
لكن الذي جرى، وفقا للعاروري، أن بعض أهالي القطاع عندما سمعوا بانهيار الحدود مع غلاف غزة سارعوا إلى دخول الغلاف، وحصل هناك بعض الفوضى، في حين اضطر بعض مقاتلي القسام إلى الاشتباك مع بعض حراس الأمن ومسلحين في المستوطنات، مما أدى إلى سقوط قتلى بين المدنيين.
وأكد أن حركة حماس «لا يمكن أن تمس بالمدنيين أو بالأسرى، وتتصرف وفق قوانين الحرب الدولية»، وأن الغرب الذي يتهم المقاومة الفلسطينية بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، يتجاهل أن الحرب التي شنتها إسرائيل ضدهم قامت على أساس استهداف المدنيين، مشددا على أن الفلسطينيين يقاتلون كي يقر العالم بحقهم في الحياة على أراضي دولتهم كبقية شعوب العالم.
وانتقد مسؤول حماس الموقف الأمريكي والغربي الداعم لإسرائيل في الحرب التي تشنها على قطاع غزة، وقال: «إن أمريكا وأوروبا ارتكبتا الجريمة الأولى بتسليم أرض فلسطين إلى اليهود، والآن تريان نفسيهما مضطرتين إلى الاستمرار في التغطية على جريمتهما وحماية إسرائيل بشكل همجي ومنافق وإجرامي».
وأضاف أن المنطقة العربية لم تعرف الحروب الدينية، بل الغرب هو الذي تولدت لديه كل الإيديولوجيات المتطرفة.
وحول رؤية حماس لسيناريوهات الحرب في ضوء القصف الإسرائيلي المتواصل على القطاع، شدد العاروري على أن «الخطة الدفاعية للمقاومة أقوى بكثير من الخطة الهجومية، والاحتلال يعرف ذلك»، مؤكدا أن الاحتلال لم يتمكن من الوصول إلى البنية العسكرية للمقاومة، و«لذلك لجأ إلى استهداف المدنيين، لتغطية فشله والخزي الذي أصابه منذ بدء طوفان الأقصى».
وفي موضوع الأسرى الإسرائيليين لدى المقاومة، أكد أن حركة حماس حسمت الأمر منذ البداية، مشددة على أن هذا الملف لن يفتح إلا بعد انتهاء المعركة، وأشار إلى أن بعض الأسرى الإسرائيليين قتلوا بفعل القصف الإسرائيلي، موضحا أن عقيدة هانيبال التي يتبناها الاحتلال تقوم على حق الجيش الإسرائيلي في قتل الأسرى التابعين له وآسريهم.
واستغرب العاروري مطالبة أمريكا ودول غربية بمواطنين لها ضمن الأسرى، وقال إن القسام أسرت جنودا إسرائيليين يرتدون الزي العسكري الإسرائيلي ويحملون السلاح لقتل الفلسطينيين، وأضاف: «كيف يستقيم أن يتبين أن هؤلاء الجنود هم أمريكيون وفرنسيون وإيطاليون»، واستهجن اتهام الغرب حماس بعد ذلك بأنها «داعشية».
وصول قوات «دلتا» إلى فلسطين
أرسلت الولايات المتحدة الأمريكية إلى إسرائيل قوة «دلتا فورس»، أول أمس الخميس، وهي وحدة عمليات خاصة تابعة للجيش الأمريكي، وتعتبر المهمة الأساسية لـ«دلتا» هي تفكيك «الخلايا الإرهابية»، وبالإضافة إلى مشاركتها في عمليات إنقاذ الرهائن، ومعظم العمليات التي تنفذها تكون محاطة بالسرية مع وكالة الاستخبارات المركزية، وفقا لموقع وزارة الدفاع الأمريكية.
وعناصر «دلتا فورس» يتم اختيارها بعناية شديدة، وفقا لمعايير عالية في وحدات المشاة وصفوف القوات الخاصة، وأحيانا يتم انتقاء أعضائها من الحرس الوطني وخفر السواحل، حيث يتوجب على المتقدم أن يتمتع بمهارة رماية استثنائية، وأن يكون قادرا على اجتياز 40 ميلا سيرا على الأقدام ضمن اختبارات قدرة التحمل.
قامت قوات «دلتا فورس» بتصفية أبوبكر البغدادي، زعيم تنظيم «داعش»، وتعتبر هذه العملية من أشهر العمليات في تاريخها. وقامت بتنفيذ عملية «الفجر الأحمر» الشهيرة للقبض على الرئيس العراقي الراحل صدام حسين.
ووفقا لباتريك رايدر، المتحدث الرسمي باسم البنتاغون، وصلت فرقة «قوة دلتا» إلى إسرائيل في مهمة خاصة، معنية بتحرير الرهائن الإسرائيليين.
ووضعت الولايات المتحدة فرقة «دلتا فورس» في حالة تأهب لمساعدة القوات الإسرائيلية في تحديد مكان الرهائن الأمريكيين، وفقا للصحيفة الإخبارية الأمريكية «ديلي ميل»، التي صرحت عن وضع القوات الأمريكية الخاصة في حالة تأهب في دولة أوروبية قريبة من إسرائيل.
وأكد البنتاغون أن مفاوضي الرهائن الأمريكيين موجودون بالفعل في إسرائيل ويعملون بالتعاون مع نظرائهم الإسرائيليين، لفقدان 20 أمريكيا.
وعليها استدعت إسرائيل عددا غير مسبوق من جنود الاحتياط يزيد على 300 ألف جندي، بحسب حوار صحيفة «ذا ماسنجر» والتي نقلته صحيفة «ديلي ميل» مع اثنين من كبار المسؤولين العسكريين الأمريكيين، دون التصريح باسميهما.
وأشارا في حوارهما إلى استعداد الولايات المتحدة المتمثلة في قواتها الخاصة لمساعدة إسرائيل في تحديد مكان الرهائن الأمريكيين، مع وصول أعداد من جنود الاحتياط التابعين لقوات الدفاع الإسرائيلية إلى مطار جون كنيدي في نيويورك، للانضمام إلى القتال ضد حماس.