أبوظبي: محمد اليوبي
وجه أنطونيو غوتيريس، الأمين العام للأمم المتحدة، رسالة مصورة إلى المشاركين في الدورة العاشرة للمنتدى الحضري العالمي، الذي تحتضنه العاصمة الإماراتية، أبوظبي، وبسط خلالها أكبر التحديات التي تواجه مدن المستقبل، داعيا قادة العالم إلى الاهتمام بحسن التخطيط الحضري لضمان عيش السكان.
وقال غوتيريس إن بناء المدن الحضرية هو واحد من الاتجاهات الكبيرة في عصرنا وتوجيهه جيداً سيساعدنا على مواجهة التحديات العالمية مثل تغير المناخ، مشيراً إلى أن المدن تعاني عدم المساواة في الطبقات المعيشية، حيث، في عام 2018، كان واحد من كل أربعة من سكان المدن يعيشون في ظروف تشبه الأحياء الفقيرة، في حين أن نصف سكان المدن فقط كانوا يتمتعون بسهولة الوصول إلى وسائل النقل العام. وأضاف «أشجعكم جميعاً على الالتزام بإجراءات طموحة لتنفيذ جدول الأعمال الحضري الجديد، فلنكن معاً، لنجعل التوسع الحضري المستدام حقيقة واقعة ونحرص على عدم ترك أي شخص أو مكان في الخلف».
وكشفت معطيات لوزارة التعمير والإسكان وسياسة المدينة، أن المملكة المغربية شهدت نموا مضطردا للساكنة الحضرية، سيما منذ منتصف القرن العشرين، بحيث انتقل معدل التمدن من 29 ,2 بالمائة خلال سنة 1960 إلى 60,3 بالمائة سنة 2014 ومن المرتقب أن يصل إلى 67,8 بالمائة سنة 2030.
وكشفت الوزارة أن هذا النمو المتزايد للساكنة الحضرية يطرح تحديات عديدة، أهمها الحاجة المتزايدة للإسكان، البنيات التحتية ومناصب الشغل، ولمواجهة هذه التحديات، عمل المغرب على بلورة عدة استراتيجيات تهدف إلى تحسين ظروف عيش السكان وتعزير مرونة المدن وإدماجها. وفي ما يتعلق بالإسكان، تم الاضطلاع بعدة برامج اجتماعية لتوفير سكن لائق ذي تكلفة مناسبة لكل الشرائح الاجتماعية، كما أولت المملكة المغربية اهتماما كبيرا للأنسجة العتيقة قصد الحفاظ على السكن التقليدي الذي يعد تراثا ماديا ولا ماديا وطنيا وعالميا ويشكل كذلك أساسا للتنمية المحلية.
وتم إحداث المنتدى الحضري العالمي سنة 2001 من طرف هيئة الأمم المتحدة لمعالجة واحدة من أكثر القضايا إلحاحًا التي تواجه العالم، وهي التعمير السريع وتأثيره على المجتمعات والمدن، والاقتصادات والتغيرات المناخية. ويعد المنتدى، الذي تنظمه الأمم المتحدة، منصة رفيعة المستوى، منفتحة وشاملة لمواجهة تحديات التعمير المستدام. ويهدف المنتدى الحضري العالمي إلى نشر الوعي بالتعمير المستدام بين جميع الأطراف، بما في ذلك عموم الناس، وتحسين المعرفة الجماعية بشأن التنمية الحضرية المستدامة من خلال نقاش مفتوح وشامل وتبادل الممارسات المثلى وتقاسم التجارب، وتعزيز التعاون بين مختلف الأطراف قصد تكريس وأجرأة التعمير المستدام.
هذا ووقع الاختيار على «مدن الفرص.. ربط الثقافة والابتكار» كشعار للدورة العاشرة، التي تهدف إلى استبيان دور الثقافة والابتكار كمحرك لتطوير مدن دامجة وآمنة ومرنة ومستدامة، في سياق أجرأة الأجندة الحضرية الجديدة. وتشارك وزارة التعمير والإسكان وسياسة المدينة في هذا المنتدى، بتنظيم العديد من الأنشطة لتسليط الضوء على تجربة المغرب وخبرته المتميزة، بالإضافة إلى إنشاء منصات للتبادل والحوار من أجل تعزيز الشراكة والتعاون وتطوير شبكات للخبرة، كما عملت الوزارة على إقامة رواق مغربي بمركز المعارض الدولي بأبوظبي، سيشهد تنشيطا من قِبل سبع وكالات حضرية وثلاث مفتشيات جهوية لإعداد التراب الوطني والتعمير، وفيدرالية الوكالات الحضرية بالمغرب «مجال»، ومجموعة التهيئة العمران، كما سيشهد الرواق مقابلات واجتماعات ثنائية للوزيرة مع نظرائها بالدول المشاركة، وبمسؤولي المنظمات الدولية.
وأكدت وزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة أنها تنخرط بإيجابية في أجرأة التوجهات الاستراتيجية للأجندة الحضرية الجديدة المعتمدة سنة 2016 في «كيتو» في سياستها الحضرية، من خلال تطوير مناهج متكاملة ومندمجة ومتوازنة للتنمية المستدامة للمجال. وأشارت الوزارة إلى أنها عملت على تجديد أسس السياسة الحضرية الوطنية، من خلال إطلاق جيل جديد من أدوات التخطيط الحضري الاستراتيجي والاستشرافي، بمتوسط إنتاج 120 وثيقة تعميرية في السنة (مما أتاح فرصا حضرية جديدة تصل إلى 100000 هكتار مفتوحة للتعمير)، مكنت من تحقيق التماسك الحضري، وضمان ولوجية أكبر عدد ممكن من المواطنين للحصول على السكن والخدمات والتجهيزات العمومية، والماء الشروب، والبيئة السليمة، حسب خصوصية كل مجال. وفي ظل هذه التطورات المجالية المتسارعة، تتم إعادة النظر في العلاقات التي تربط بين مراكز المدن والضواحي والمناطق القروية، وبين الفضاءات الميتروبولية والمدن الوسيطة والمراكز الصاعدة، وكذا تقييمها من أجل تقاسم قيم وأساليب العيش المشتركة المبنية على التآزر على جميع المستويات الوطنية والجهوية والمحلية، كما تم التأكيد على ذلك في الأجندة الحضرية الجديدة خلال الدورة الثالثة للمنتدى الحضري العالمي.
وشددت الوزارة على أهمية تطوير التجربة الثقافية من خلال استراتيجيات وبرامج متكاملة مندمجة، ولا سيما إعادة تأهيل 32 مدينة عتيقة مغربية وإنتاج مخططات الإنقاذ وإعادة التثمين كأطر مرجعية ومبادئ توجيهية للأجرأة على مستوى المدن العتيقة، والتي تسمح بتثمين هذه الأنسجة العمرانية التاريخية وتحسين الظروف المعيشية لسكانها، والمحافظة على تراثها المعماري، وتعزيز ثرائها الثقافي الأصيل، وتحتل هذه المدن العتيقة مكانة خاصة، لأنها تشكل مساحات حية للعيش وتمثل ثروات اجتماعية واقتصادية وثقافية غير محدودة، لدرجة أن سبعا منها مدرجة بالفعل في قائمة التراث العالمي.