شوف تشوف

الرئيسيةحواررياضةمجتمع

غلطة العمر حوارات جريئة ناطقة بالندم والاعتراف: عزيز داودة (المدير التقني السابق لألعاب القوى)

لهذا اشترطت على الكروج التزاما بعدم متابعة دراسته مقابل الانضمام لمعهد ألعاب القوى

حسن البصري:

في حياة كل إنسان فترات نجاح وفترات إخفاق، حين يحاول داودة جرد حصيلة مساره ما العثرات التي يتوقف عندها؟

ما أكثر العثرات، لكن الأهم هو أنني في فترة من فترات عمري كنت أعتقد أن الناس لديهم الرغبة نفسها التي تمتلكني لتطوير ألعاب القوى، كان كياني كله يشتغل من أجل جعل المغرب قوة رياضية عالمية ضاربة. حصل هذا منذ بداية السبعينات سواء في دراستي أو في مساري مدربا أو مسيرا، لكن مع مرور الأيام تبين لي أن هناك من يسعى فعلا لخدمة وطنه وهناك فئة، سامحها الله، كانت تعمل كل ما في وسعها لخدمة مصالحها الخاصة.

 

كنت مديرا تقنيا للجامعة الملكية المغربية لألعاب القوى وفي الوقت نفسه كنت وكيلا لمجموعة من العدائين، كيف كنت تجمع بين مهمتين واحدة تقنية واستراتيجية والثانية تجارية؟ هل يمكن اعتبار هذه الازدواجية خطأ جسيما؟

تكونت لدينا قناعة صائبة، وهي أن وكلاء أعمال اللاعبين لا يملكون الأهداف نفسها التي تسطرها الجامعة، إنهم يسعون للربح المادي وهذا أساس مهنتهم.

 

حتى ولو كانوا مغاربة؟

حتى ولو كانوا مغاربة، «المنادجير» يسعى إلى الكسب المادي، هذا من حقه، لأنها مهنته ومنها يقتات، بينما أهداف الجامعة تختلف لأنها تراهن على جلب ميداليات للمغرب ووضعه في أعلى التصنيفات العالمية، لهذا خلقنا داخل الجامعة مكتبا مهمته السهر على العدائين وتدبير مساراتهم وكنت أنا من يرأس هذه المصلحة.

 

لكن ليس كل العدائين انضموا لهذه المصلحة، هناك من فضل الاستمرار مع وكيل أعماله، هل كان الانتماء للمكتب المذكور إلزاميا؟

كان الانتماء اختياريا، لكن أغلب العدائين وأشهرهم انخرطوا في هذا المشروع، لأنه يضمن لهم مصالحهم، أولا المؤسسة وهي الجامعة الملكية المغربية لألعاب القوى كإطار، وثانيا كان هذا المكتب يحمي مصالحهم حتى لا يسقطوا في أيدي بعض وكلاء الأعمال الذين يفكرون بعقلية تجارية.

 

هناك واقعة مشهورة تتعلق بالعداء لحلافي الذي أصر على الارتباط بوكيل أعمال أجنبي..

من حقه أن يتعاقد مع وكيل أعمال آخر من خارج محيط الجامعة، القصة ترجع لسنة 1999 في نهاية مسابقة 5000 متر، تمكنا من ضمان تأهيل ثلاثة عدائين للنهائي، الشيء الذي كان صعبا في تلك الفترة، صلاح حيسو وإبراهيم جبور ثم إبراهيم لحلافي، في صباح يوم التباري عقدنا اجتماعا تقنيا ووضعنا خطة للظفر بميداليتين على الأقل، الأولى مضمونة والثانية نسعى للحصول عليها. كان هناك ميثاق أخلاقي معروف فلا يمكن للعداء المغربي أن يناقش الخطة والمسائل التقنية مع أي شخص خارج منظومة الجامعة الملكية المغربية. خلال وجودنا في الملعب قبل السباق، علما أننا نصل إلى المضمار قبل أربع ساعات من موعد انطلاق المسابقات، لاحظت أن لحلافي كان يتحدث مع وكيل أعماله الأجنبي، داهمني الخوف خاصة وأن الوكيل كان له عداؤون آخرون يشاركون في المسابقة نفسها.

 

هل انتابتك نوبة شك؟

بصدق كبرت مخاوفي وعلى الفور غيرت تكتيك السباق، وفاز صلاح بذهبية بطولة العالم محطما رقما قياسيا عالميا.

 

هل كانت لك خلافات مع بعض العدائين؟ لنبدأ بسعيد عويطة مثلا

لم تكن لي خلافات مع العدائين، ربما كانت مواقفي هي السبب خاصة وأنني كنت أشرف على التدبير التقني لأم الألعاب لأزيد من ثلاثة عقود، أكيد خلال هذه الفترة الطويلة ستغضب مواقفي بعض المتدخلين في اللعبة، لكن هذا كله في إطار العمل. بالنسبة لعويطة خلافي معه يرجع أيضا لمواقفي وهو في نهاية مشواره، وحين اختلفنا تقنيا وشخصيا ابتعدنا وكل منا أخذ طريقه.

 

وهشام الكروج؟

خلال تدبيري للشأن التقني لألعاب القوى المغربية، لم أكن أعتمد على المقاربات الزجرية العقابية، كانت لدي مواقف لإعادة بعض العدائين إلى جادة الصواب في إطار المسؤولية، لهذا كنت ألجأ للحوار وفي أصعب المواقف للتوبيخ والتنبيه. أما علاقتي بالكروج فهي جيدة ويمكنكم الاتصال بأي عداء ستجدون عنده الجواب.

 

على ذكر هشام الكروج، هل أخطأت حين شاهدته أول مرة وهو يركض وطلبت منه التوقف عن مساره الدراسي إذا كان يريد فعلا ولوج المعهد الوطني لألعاب القوى؟

لا ليست هذه هي الحقيقة، كل ما في الأمر أنني شاهدت الكروج وهو يركض لأول مرة في البطولة الوطنية لألعاب القوى بآسفي، في نهاية المسابقة ناديت عليه وسألته عما إذا كان يتابع دراسته وينوي تغليب الجانب الدراسي على الجانب الرياضي. في تلك الفترة كنت أنصح كل عداء يحقق نتائج دراسية جيدة باستكمال مساره الدراسي، هناك إحصاء عالمي دقيق يقول إن شخصا واحدا من بين عشرة آلاف رياضي يمكن أن يعيش من الرياضة ويبني مستقبله منها، حين نرى بطلا عالميا في أي نوع رياضي علينا أن نعلم أن قرابة عشرة آلاف رياضي مثله لم يحالفهم الحظ، أي عداء متألق في مساره التعليمي لا أقبله في المعهد.

 

نعود إلى حكاية الكروج؟

بالنسبة لهشام الكروج، قلت له إذا توقفت عن الدراسة أو ظهر لك أن مستقبلك رهين بألعاب القوى أو انقطعت عن الدراسة فمرحبا بك، مرت شهور وذات يوم جاء هذا الفتى إلى الرباط من مدينته بركان، لم أثق بأقواله حين قال لي إنه لا يراهن على المدرسة كمشروع حياة، وطلبت منه العودة إلى مدينته ويأتي لي بوثيقة مصادق عليها من والده، تتضمن إقرارا من الأب والتزاما منه بوضع ابنه في مجال ألعاب القوى بدل المدرسة، وفعلا أحضر الوثيقة بعد أيام. من الصعب جدا التوفيق بين الدراسة والتدريب على المستوى العالي، صحيح يمكن الجمع بينهما بالنسبة للرياضي الهاوي، لكن الجمع بين العالمية والدراسة صعب جدا خاصة في المغرب، الدولة الوحيدة التي توفر إمكانية الجمع بين الرياضة من المستوى العالمي والتعليم الأكاديمي هي الولايات المتحدة الأمريكية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى