محمد اليوبي
عقدت غرفة جرائم الأموال الابتدائية بمحكمة الاستئناف بفاس، أول أمس الثلاثاء، أول جلسة لمحاكمة شبكة البرلماني رشيد الفايق، الذي يتابع في حالة اعتقال، رفقة ستة متهمين، ضمنهم شقيقه جواد، رئيس مجلس عمالة فاس، وتسعة متهمين آخرين، يتابعون في حالة سراح مؤقت.
وقررت المحكمة تأخير جلسة المحاكمة إلى غاية يوم 26 أبريل الجاري، بناء على طلب دفاع المتهمين، من أجل إعداد الدفاع، واستدعاء المصرحين الذين تخلفوا عن حضور الجلسة، التي انعقدت عن بعد بالنسبة إلى الأظناء الموجودين رهن الاعتقال الاحتياطي، وحضوريا بالنسبة للمتهمين المتابعين في حالة سراح. كما رفضت المحكمة الاستجابة لملتمس متابعة المعتقلين في حالة سراح، الذي تقدم به دفاعهم، وبررت المحكمة قرارها بخطورة الأفعال الإجرامية المنسوبة إليهم، حيث اعترض نائب الوكيل العام للملك خلال الجلسة، على الملتمس، متهما الفايق بعرقلة سير العدالة وأبحاث الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، وتشبث بمتابعته في حالة اعتقال، نظرا لما يشكله من خطورة على مجريات الملف.
وكان نائب الوكيل العام للملك المكلف بجرائم الأموال، قرر متابعة سبعة متهمين في حالة اعتقال، وأمر بإيداعهم السجن المحلي «بوركايز»، ويتعلق الأمر بالبرلماني رشيد الفايق، الذي يترأس جماعة «أولاد الطيب» الموجودة بالمدخل الجنوبي لمدينة فاس من جهة مطار فاس سايس، وشقيقه جواد الفايق، رئيس مجلس جماعة فاس، وكلاهما من حزب التجمع الوطني للأحرار، بالإضافة إلى (ن. ل)، وهو عون سلطة برتبة شيخ قروي، و(ع. ك)، نائب جماعة سلالية، و(ح. د)، مسيرة شركة في ملكية الفايق، و(أ. ج)، النائب الأول لرئيس جماعة «أولاد الطيب» المكلف بالتعمير، بالإضافة إلى (ع. ر)، تقني بمصلحة التعمير بالجماعة نفسها. وتابعت النيابة العامة كل من (ع. ف)، شقيق الفايق الثاني، وهو مهندس، و(م.ع)، عون سلطة برتبة مقدم، في حالة سراح، مقابل كفالة قدرها 50 ألف درهم، و(ي.ع)، مقاول، و(غ. ج)، مهندسة معمارية بالقطاع الخاص، مقابل كفالة مالية قدرها 10 آلاف درهم. كما يتابع في حالة سراح مقابل كفالة مالية قدرها 5 آلاف درهم، خمسة متهمين آخرين، ضمنهم مستخدمة في شركة البرلماني الفايق، فيما قرر الوكيل العام عدم متابعة صاحبة مطبعة.
ويتابع المتهمون في هذا الملف، الذي تسبب في زلزال سياسي بمدينة فاس، من أجل «الارتشاء واختلاس وتبديد أموال عمومية، وأخذ فائدة بصفة غير مشروعة، والتزوير في محررات رسمية، وتبديد عن علم أوراق ومستندات محفوظة في مضابط، والتصرف في أموال غير قابلة للتفويت، والغدر واستغلال النفوذ والنصب وتسليم شهادات إدارية بغير حق، لمن ليس له الحق فيها، والمشاركة في إحداث مجموعة سكنية فوق ملك من الأراضي التابعة للجماعة السلالية، من غير الحصول على إذن، وبيع مساكن من مجموعة سكنية لم يؤذن بإحداثها، وإعداد وثائق تتعلق بالتفويت أو بالتنازل عن عقار أو الانتفاع بعقار مملوك لجماعة سلالية، وعرقلة سير العدالة، والحصول على محررات وأوراق تتضمن الالتزامات وتصرفات بواسطة العنف والإكراه، واستغلال النفوذ والتزوير في محررات عرفية، وتزوير وثائق تصدرها إدارة عامة واستعمالها، والتوصل بغير حق إلى نسخ وثائق إدارية، والتصرف في أمور الغير قابلة للتفويت والمشاركة في إحداث وحدات سكنية فوق ملك من الأراضي التابعة للجماعة السلالية، من غير الحصول على إذن، وإحداث وثائق تتعلق بالتفويت أو بالتنازل عن عقار».
وكشفت التحريات والأبحاث التي قامت بها الفرقة الوطنية للشرطة القضائية عن تفاصيل مثيرة، حول طريقة اشتغال شبكة النائب البرلماني عن دائرة فاس، رشيد الفايق، الذي بسط نفوذه على جماعة «أولاد الطيب» التي يترأسها منذ سنة 2009، حيث أسس شبكة رفقة إخوته تضم مهندسين معماريين ومحامين وأعوان سلطة ونواب الأراضي السلالية وأصحاب مقاولات. وأكدت التحريات أن دور البرلماني الفايق يتجلى في تسير أعضاء الشبكة، حيث يتكلف شقيقه جواد بالتنسيق مع الوسطاء، الذين يقومون بمهمة استقطاب مجموعة من سكان جماعة «أولاد الطيب» من ذوي الحقوق بالأراضي السلالية، قصد إصدار شهادات نيابية وإدارية بأسمائهم، ثم يحيلهم على بعض المحامين من أجل تحرير عقود التنازل، والمصادقة عليها بمصلحة تصحيح الإمضاءات بالجماعة، وبعد ذلك يتكلف نائبا الجماعة السلالية بإنجاز شهادات إدارية لفائدة جواد الفايق، ثم يعمل عونا سلطة على الإشهاد كذلك أن هذا الشخص يستغل البقعة مع تحديد القطع المجاورة لها، رغم علمهما أن كل هذه المعطيات لا أساس لها من الصحة، ثم يسلمها إلى قائد المنطقة الذي يعمد أيضا إلى الإمضاء على صحة المعلومات المدونة بها، وهنا أيضا يتدخل البرلماني الفايق لإقناع قائد منطقة «أولاد الطيب» بعدم إرسال هذه الشهادة إلى مجلس الوصاية لاتخاذ المتعين في ذلك، بل يسلمها مباشرة إلى شقيقه جواد.
بعد ذلك، يعطي رشيد الفايق بصفته رئيسا للجماعة، أوامره لموظفين بالجماعة قصد إنجاز رخص البناء، حيث يقوم التقني والنائب الأول للرئيس بإصدار هذه الرخصة، وبعد ذلك يتكلف مهندسون معماريون بإنجاز تصاميم البناء تستعمل في تشييد عمارات، سواء فوق أراضي الغير أو أراض سلالية أو فوق مساحات خضراء، مع إضافة طوابق أخرى، وبعد ذلك يتم استخراج رخص السكن، بعدما يكون كذلك المهندس المعماري وشقيق البرلماني، بصفته مهندس الخراسانة، قد أصدرا شهادات المطابقة، رغم علمهما بعدم تطابق البناية مع التصميم المرخص، وباستعمال رخصة السكن يتم ربط العمارات المشيدة بالماء والكهرباء.
من جهة أخرى، يكمن دور كاتبته الخاصة المسماة (ح. د)، في الوساطة في الرشوة مع بعض المقاولين، حيث إنها تتوصل بمبالغ الرشاوى المقدمة إلى رئيس الجماعة من بعض المقاولين، وتسلمها مباشرة إلى البرلماني الفايق، وحسب المصادر، فقد اعترفت بأنها كانت تتسلم أظرفة بها مبالغ مالية ووثائق إدارية، ادعت أنها تجهل مضمونها من المواطنين الذين يتقدمون إلى مقر الشركة، ثم تقوم بدورها بتسليمها إلى رشيد الفايق شخصيا، وأكدت أن هذا الأخير يفرض على المقاولين أو المنعشين العقاريين أداء مبلغ يتراوح ما بين 10 آلاف و15 ألف درهم، من أجل الحصول على رخصة البناء، ومبلغ يتراوح ما بين 15 ألفا و20 ألف درهم، بغية الحصول على رخصة السكن.