عمدة مراكش يحتفي بنفسه بمشاريع فاشلة
مراكش: عزيز باطراح
بعد الإعلان عن تتويج جماعة مراكش ومنحها جائزة الحسن الثاني للبيئة، في دورتها الأخيرة، في شخص عمدة مراكش، خلال حفل ترأسه سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة، وبحضور عدد من الوزراء والمسؤولين، بمن فيهم نزهة الوافي، كاتبة الدولة المكلفة بالتنمية المستدامة، يوم 12 يوليوز الجاري، أبى محمد العربي بلقايد، عمدة مراكش، إلا أن يحتفي بنفسه مرة أخرى بمراكش، في حفل نظمه أول أمس (الخميس)، بحضور والي جهة مراكش- آسفي وعدد من المسؤولين المحليين.
وبحسب المشرفين على هذه الجائزة، التي تعد أكبر جائزة في المجال البيئي بالمغرب، فقد جاء تتويج مدينة مراكش بالنظر إلى إدماجها لمجموعة من المشاريع البيئية ضمن برامجها المنجزة خلال السنوات القليلة الماضية.
وبالرجوع إلى قائمة المشاريع البيئية التي قدمت للمسؤولين عن الجائزة، فإن معظمها متوقف أو ثبت فشله حتى قبل انطلاقه، بالرغم من ملايير السنتيمات التي رصدت له، ليبقى الحديث عن اهتمام مسؤولي مدينة مراكش بالمشاريع البيئية مجرد كلام في كلام.
أول هذه المشاريع هو الحافلات الكهربائية، الذي تم تقديمه على أساس أنه الأول من نوعه على الصعيدين العربي والإفريقي، وهو المشروع الذي كلف أزيد من 24 مليار سنتيم، وثبت فشله بعزوف المراكشيين عنه، واضطرار المسؤولين إلى استعمال خمس حافلات فقط وتوقف الحافلات الخمس الأخرى في مرأبها تتآكل بفعل أشعة الشمس الحارقة. أما محطة الطاقة الشمسية، التي كان مقررا أن تزود بطاريات هذه الحافلات بالطاقة النظيفة، فإنها متوقفة عن العمل بالرغم من كلفتها المالية التي بلغت أزيد من مليار ونصف المليار، من الصندوق الأخضر التابع للأمم المتحدة، حيث يتم شحن بطاريات هذه الحافلات من الإنارة العمومية التي تكلف فاتورتها أزيد من 06 ملايين سنتيم شهريا.
أما المشروع الثاني، والذي تم تقديمه، أيضا، للمشرفين على الجائزة، على أساس أنه الأول من نوعه على الصعيد الإفريقي، فهو مشروع (مدينة بيك)، وهو مشروع خاص تشرف عليه إحدى الشركات التي وضعت رهن إشارة سكان المدينة وزوارها مئات الدراجات الهوائية بهدف تقليص نسبة التلوث، غير أن مصير هذه الدراجات كان هو نفس مصير الحافلات الكهربائية التي تتآكل بدورها تحت أشعة شمس مراكش الحارقة.
المشروع الثالث يهم تحويل النفايات في المطرح العمومي إلى كهرباء نظيفة، وهو المشروع الذي خصص له الصندوق الأخضر التابع للأمم المتحدة بمناسبة «كوب 22»، مليارا ونصف المليار سنتيم، وتم إبرام صفقة مع شركة أمريكية حصلت بموجبها على مليار و700 مليون سنتيم من أجل اقتناء الجهاز الخاص بتحويل الغاز في النفايات إلى كهرباء نظيفة. وبعد مرور أزيد من سنتين، فإن الجهاز لم يصل بعد إلى مدينة مراكش، وبالتالي لم يتم الشروع حتى الآن في إنتاج هذه الكهرباء، ما يطرح السؤال حول الأسباب الكامنة وراء تحويل مليار و700 مليون سنتيم للشركة الأمريكية دون أن تشرع في إنتاج هذه الكهرباء، وهو السؤال، الذي لا شك، يعرف جوابه أحمد المتصدق، نائب العمدة وزميله في الحزب.
أما المشروع الرابع، فيتعلق بالأحياء النموذجية داخل المدينة العتيقة، وهو المشروع الذي رصد له الصندوق السالف ذكره، عبر كتابة الدولة في التنمية المستدامة، مليارين من السنتيمات على مدى سنتين، حيث تم اشتراط الشروع في إنجاز الشطر الأول من المشروع خلال السنة الأولى، وضخ مليار سنتيم ثانية في صندوق جماعة مراكش لإتمام المشروع، غير أن المجلس الجماعي توصل بالدفعة الثانية، أي مليار سنتيم، بالرغم من عدم الشروع في الإنجاز، ولحد الآن لازال الغلاف المالي المرصود لهذا المشروع مجمدا، بالنظر إلى كون العمدة وفريقه المسير للمدينة لم يصلةا بعد إلى تحديد نوع المشروع المراد إنجازه.
أما المشروع الخامس، فيتعلق بشركة «حاضرة الأنوار»، والذي كان الهدف منه تقليص فاتورة الإنارة العمومية التي تلهف 07 ملايير سنتيم سنويا، إضافة إلى تعميم الإنارة العمومية بجميع تراب الجماعة، لتصل نسبة الإضاءة إلى 95 بالمائة، وتم رصد حوالي 30 مليار سنتيم لهذا المشروع، على أن تتوصل الشركة المذكورة بحوالي 03 ملايير سنتيم في السنة الأولى ومضاعفة مستحقاتها بناء على ارتفاع وتيرة عملها. وبعد مرور قرابة سنة على المشروع، فإن فاتورة الكهرباء ارتفعت إلى 08 ملايير سنتيم بدل 07، أي أنها زادت بدل تقليصها إلى 20 بالمائة في السنة الأولى و60 بالمائة في السنة الثالثة.
وعلى مستوى الإنارة، فإن المصابيح الكهربائية المستعملة من طرف الشركة المذكورة، حولت مراكش إلى مدينة مظلمة بدل «حاضرة الأنوار» كما تم التسويق لها من طرف العمدة وفريقه المسير، مسؤولو المدينة.
وبالرغم من أن الشركة الجديدة تولت مهام الإشراف على الإنارة العمومية، وتتوصل بمستحقاتها المالية، فإن عمال البلدية لازالوا يواصلون مهام الصيانة وتركيب المصابيح، كما أن المجلس الجماعي لازال يواصل اقتناء معدات الإنارة، حيث رصد حوالي 200 مليون سنتيم لصفقة الإنارة العمومية في ميزانية 2018.
وإذا كانت جميع هذه المشاريع المرتبطة بالبيئة، فاشلة أو متعثرة أو متوقفة، فماذا بلقي لكاتبة الدولة المكلفة بالتنمية المستدامة، من أجل منح عمدة مراكش جائزة الحسن الثاني للبيئة.