الجماعة سخرت آليات ثقيلة واقتحمت أراض في ملكية خواص وأجانب
المهدي الكراوي
في تحد صريح لتعهدات المغرب الدولية في مجال المحافظة على البيئة ومحاربة كل أشكال التلوث، وضد كل السياسات العمومية لتكثيف عمليات التشجير أطلق نور الدين كموش، عمدة آسفي عن حزب الاستقلال، حملة لإعدام وقطع المئات من أشجار «أوكاليبتوس»، حيث جرى تسخير العشرات من الموارد البشرية والآليات التقنية الجماعية لهذا العرض.
ونفذ العشرات من أعوان البلدية حملة استهدفت أجود وأكبر الأشجار بمدينة آسفي التي قطعت بالكامل من الأغصان حتى الجذور، وهي العملية التي خلفت وراءها آلاف الأطنان من الخشب، وألهبت المضاربة التجارية فيه عبر تسابق تجار حطب التدفئة على جمعه من الشوارع عبر شاحنات وعربات مجرورة.
وتعرضت أشجار «الأوكاليبتوس» بمدينة آسفي التي يعود تاريخها إلى سنوات العشرينات والثلاثينات، إلى مذبحة بيئية لم تسجل من قبل في تاريخ المجالس الجماعية، حيث قام مجلس العمدة كموش على اجتثاثها بالكامل، كما تم استهداف الأغصان الخشبية السميكة، عوض تشذيب أوراقها وتزيينها، كما هو معمول به حفاظا على المساحات الخضراء وجمالية المدينة.
واستغربت مصادر «الأخبار» كيف يخصص مجلس آسفي ميزانية تفوق 420 مليون سنتيم خاصة بالصيانة الاعتيادية للمناطق الخضراء والحدائق، وفي الآن نفسه يطلق حملة للقضاء كليا على الأشجار التاريخية بالمدينة، بالرغم من أن آسفي مصنفة وطنيا ضمن المدن التي تعاني من التلوث الكيماوي والصناعي، وتحتاج إلى مضاعفة المساحات الخضراء بها وتهيئة حزام أخضر يحيط بالمركبات الكيماوية والمحطة الحرارية الجديدة، التي تنتج نصف مليون طن سنويا من النفايات الملوثة، من بينها 400 ألف طن من الرماد المتطاير على شكل جزيئات، و100 ألف طن من الرماد المترسب، والناتج عن الاستعمال اليومي لـ 10 آلاف طن من الفحم الحجري من أجل تشغيل المحطة الحرارية.
وشهدت منطقة سيدي بوزيد السياحية شمال وسط مدينة آسفي قطع المئات من أشجار «الأوكاليبتوس» في المنطقة الخلفية للميناء الصناعي الذي يعرف أعلى معدلات التلوث الهوائي بفعل عمليات تفريغ وشحن المواد الكيماوية وهي المنطقة التي تفرض تقوية الحزام الأخضر بها، في حين أقدم مجلس آسفي على قطع أشجارها بالكامل، وهي العملية التي خلفت أطنانا من الخشب يجهل لحد الساعة مصيره، في حين كشف مصدر رسمي من جماعة آسفي في حديثه لـ «الأخبار» أن الخشب المتحصل عليه من هذه العملية تم وضعه رهن إشارة جمعية دار البر للمسنين.
والخطير في الحملة التي شنها مجلس آسفي على أشجار «الأوكاليبتوس» أن الآليات الثقيلة للقسم التقني الجماعي لم تكتف بقطع الأشجار الموجودة بالملك العام الجماعي والعمومي، بل تم اقتحام العشرات من الأراضي التي هي في ملكية خواص وأجانب وتم اجتثاث كل الأشجار الموجودة بها، كما تم قطع كل الأشجار بحديقة عمومية بمدار سيدي بوزيد المؤدية إلى الشاطئ والميناء التجاري.
واعترف مصدر رسمي من مجلس آسفي رفض ذكر اسمه أن عملية تشذيب الأشجار عرفت تجاوزات وأنه تم اتخاذ تدابير صارمة حتى لا يتكرر الأمر، مع الحرص التام على عدم المساس بالمساحات الخضراء وخاصة الأشجار في كل تدخلات القسم التقني، بحسب تعبيره.