على مشارف «فقر مائي»
تلقت نبيلة الرميلي، عمدة الدار البيضاء، رسالة من الشركة المكلفة بالتدبير المفوض للماء والكهرباء، تدق ناقوس الخطر بخصوص ندرة مياه الشرب بالعاصمة الاقتصادية، وتستبق السيناريو الأسوأ بالتمهيد لقرارات قطع الماء الشروب، وتحديد أوقات للتزود بهذه المادة الحيوية، حيث لا يوجد أي أمل في أفق هذا الصيف ليتغير الحال إلا إلى الأسوأ فقط، مع انعدام وجود أي خطط مستقبلية لمواجهة هذه الأمور.
وعلى الرغم من التصريحات الوردية للمسؤولين عن انتهاء مشكلة ندرة المياه الصالحة للشرب بمدينة البيضاء إلى غير رجعة، مع مخطط إنشاء محطة تحلية المياه التي بدأ الحديث عنها منذ ثلاث سنوات دون أن ترى النور، إلا أن شبح العطش عاد ليطل من جديد بقوة، وهو ما جسدته الرسائل الداخلية بين العمدة والشركة المكلفة بتدبير ماء البيضاويين، وهو ما ينذر بتهديد السكان بالعطش والمعاناة غير الطبيعية من ضعف وندرة المياه.
والواقع أن العاصمة الاقتصادية تعرضت إلى أبشع طرق الإهمال والفساد، وغياب أي استراتيجية للنهوض بهذه المدينة الميتروبولية، سيما في المجال المائي منذ عقود حتى وقتنا هذا، واليوم يطلب سكان الدار البيضاء من المسؤولين في الحكومة والمنتخبين تحمل مسؤوليتهم والتحرك بسرعة لإيجاد الحلول، وبحث مشكلة ضغط المياه، حفاظا على الاستقرار الاجتماعي، وحفاظا كذلك على استثمارات بالعاصمة الاقتصادية التي تعد بالمليارات الدراهم.
وبكل الوضوح اللازم فإن وزارة التجهيز والماء، التي تعد المسؤول الأول والأخير عن توزيع المياه بكافة أقاليم المغرب، تجاهلت تحقيق الأمن المائي للمغاربة منذ العقد الأخير، وهي مدعوة اليوم من منطلق مسؤوليتها القانونية إلى إنقاذ مدينة البيضاء من شبح العطش. ومع ذلك فإن المخاطر التي تهدد مستقبل الدار البيضاء المائي لا تقتصر فقط على ما يمكن أن يترتب عن الجفاف من آثار سلبية بشأن حصة البيضاويين من مياه، إذ إن هناك عوامل أخرى لا تقل خطورة وتهديدا للمنظومة المائية عن الجفاف، تلك التي تتعلق بسوء التخطيط، والبنية المتهالكة، وغياب الإدارة الرشيدة، والتي جعلت القلب النابض للاقتصاد المغربي على مشارف «فقر مائي».