صدرت بالجريدة الرسمية التعديلات الجديدة التي أدخلتها وزارة العدل على القانون الجنائي، وصادق عليها البرلمان بغرفتيه، والتي تهدف إلى توحيد العقوبة بخصوص جرائم تزوير عقود الملكية بين جميع المهنيين المختصين بتحرير هذه العقود من موثقين وعدول ومحامين، وذلك في إطار التوجيهات الملكية لمحاربة “مافيات” الاستيلاء على عقارات الغير.
وشملت التعديلات الفصل 352، الذي ينص على أنه “يعاقب بالسجن من عشر إلى عشرين سنة وغرامة من 100 ألف إلى 200 ألف درهم، كل قاض أو موظف عمومي أو موثق أو عدل ارتكب أثناء قيامه بوظيفته، تزويرا بإحدى الوسائل، إما بالكتابة أو التوقيع، ووضع أشخاص موهومين أو استبدال أشخاص بآخرين، وكتابة إضافية أو مقحمة في السجلات أو المحررات العمومية، بعد تمام تحريرها أو اختتامها”، وكذلك الفصل 353 من القانون الجنائي المعدل تضمن العقوبات نفسها بالنسبة لكل “قاض أو موظف عمومي، أو موثق، أو عدل ارتكب بسوء نية، أثناء تحريره ورقة متعلقة بوظيفته، تغييرا في جوهرها أو في ظروف تحريرها (…)”، كما تم تعديل الفصل 1-359 من القانون الجنائي، الذي يعاقب بالعقوبات نفسها كل محام مؤهل قانونيا لتحرير العقود الثابتة التاريخ طبقا للمادة 4 من القانون رقم 39.08 المتعلق بمدونة الحقوق العينية”.
ويهدف مشروع قانون رقم 18- 33 يقضي بتغيير وتتميم مجموعة القانون الجنائي، إلى توحيد العقوبة بخصوص جرائم التزوير بين جميع المهنيين المختصين بتحرير العقود من موثقين وعدول ومحامين، وذلك بغاية تحقيق الردع المطلوب والتصدي لحالات الاستيلاء على العقارات التي تبين أن غالبيتها يتم عبر وسائل احتيالية وتدليسية مختلفة تتمثل، أساسا، في تزوير عقود ومحررات ووكالات بأسماء الملاك الحقيقيين، وأحيانا بطائق هوياتهم، وذلك للتمكن من إبرام عقود تفويت تكتسب الشرعية، وتنقل الملكية لأشخاص آخرين قد يكون من بينهم ضحايا آخرون وقع التدليس عليهم، فاقتنوا تلك العقارات بأثمان السوق، بعدما تأكدوا من تسجيلها في أسماء البائعين المباشرين.
واتخذت وزارة العدل مجموعة من الإجراءات التشريعية والتنظيمية للتصدي لظاهرة الاستيلاء على عقارات الغير، ونظرا لخطورة الظاهرة، تم تشكيل لجنة تحت إشراف الوزير ضمت في عضويتها كل الجهات المتدخلة في الموضوع، واتخذت هذه اللجنة مجموعة من التدابير همت تشخيص الظاهرة انطلاقا من القضايا المعروضة على المحاكم، والتي بلغ عددها 57 قضية، حيث تبين أن أغلب القضايا تتمركز ببعض المدن الكبرى وتنصب على عقارات في ملكية الأجانب أو المغاربة المقيمين بالخارج، والتي تكون في أغلب الأحيان فارغة أو مستغلة من طرف أشخاص تربطهم قرابة أو معرفة بالملاك.
وأكد وزير العدل، أمام لجنة العدل والتشريع، أنه في إطار التشخيص، تبين أن من بين الأسباب التي تساهم في تفشي ظاهرة الاستيلاء على أملاك الغير واستفحالها، اعتماد الوكالات العرفية أثناء إبرام العقود الناقلة للملكية العقارية، ووجود بعض أوجه القصور من الناحية التشريعية في ما يخص صلاحية السلطة القضائية المختصة لعقل العقارات محل الاعتداء ومنع التصرف فيها إلى حين البت في القضية، ووجود اختلاف في العقوبات الزجرية بخصوص جرائم التزوير التي يرتكبها محررو العقود، فضلا عن وجود قصور تشريعي واضح في تنظيم عقد الوكالة والتنظيم القانوني للشركات المدنية لا سيما تلك التي يكون محلها العقارات. وأشار أوجار إلى أنه من أجل سد هذه الثغرات القانونية التي يستعملها مرتكبو جرائم الاستيلاء على عقارات الغير، لارتكاب أفعالهم الإجرامية، أعدت الوزارة مجموعة من النصوص القانونية.
وأوضح الوزير أن مجموعة من العقود التي يرفض الموثق أو العدول إبرامها يتم إبرامها عن طريق المحامي، حيث تبين من خلال المعاينة في الملفات الرائجة والممارسات، ومن خلال التشخيص الذي قامت به كل المصالح، أن أهم مداخل الاستيلاء على عقارات الغير هي العقود المحررة من طرف المحامين، وبناء عليه، تم طرح فكرة المعاملة العقابية الموحدة، لأن العمل ينصب أساسا على مواجهة شبكات إجرامية منظمة، ولهذا تمت إضافة فصل جديد إلى قانون يهدف إلى توحيد العقوبة على ممارسي التزوير من موثقين وعدول ومحامين.